نشرت صحيفة "أوريون21" الفرنسية، تقريرا حول حالة الاحتقان في صفوف
الإسرائيليين السود، ورد فيه أن ظاهرة التمييز العنصري في المجتمع الإسرائيلي، "ثقافة يتبناها المجتمع، وسياسة أيضا تتبناها الدولة، وهي لا تشمل فقط
عرب إسرائيل، بل أيضا اليهود ذوي الأصول الإفريقية".
وأشارت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
الاضطهاد داخل "إسرائيل" لم يبق مقتصرا على ذوي الأصول العربية، بل إنه امتد ليطال أعراقا أخرى، وأن الانتماء إلى الديانة اليهودية لم يعد كافيا للحماية من
العنصرية، وهو ما ينطبق على
اليهود الأفارقة، وخاصة
الإثيوبيين.
وقالت إن اليهودي الأبيض مفضّل على نظيره الأسود، في مجتمع مقسّم اجتماعيا وطبقيا وعرقيا، حيث تُعد العنصرية مشروعة وفق أهم وزراء الحكومة الجديدة التي شكلها بنيامين نتنياهو، مضيفة أن المتابع للشأن الإسرائيلي على دراية بما تعانيه الأقليّة الفلسطينية في "إسرائيل"، والتي تسمى "عرب إسرائيل"، من اضطهاد، وفي المقابل فقد ظل الانقسام والتمييز داخل المجتمع اليهودي في حد ذاته مغيّبا إعلاميا.
وذكرت أن أفضلية اليهودي على غيره من المواطنين، بغضّ النظر عن مكانته الاجتماعية أو أصوله العرقية، هو حق دستوري باعتبار "إسرائيل" دولة يهودية بالأساس، ويظهر هذا الحق على أرض الواقع من خلال تطبيقه من قبل المؤسسات الحكومية التي تسعى دائما، وبعد 70 سنة من قيام دولة إسرائيل المزعومة، إلى جعل هذه الأخيرة دولة تجمع بين صفتي اليهودية والديمقراطية.
ونقلت الصحيفة عن تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن "إسرائيل" تحتل المرتبة الثانية بين الدول المتقدّمة من حيث الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهو ما يعني أن فرص اليهود داخل الدولة اليهودية غير مقسمة بشكل عادل.
ولهذا، فقد اعتبرت الصحيفة الفرنسية أن "إسرائيل" ما زالت تتصف بالطبقية وانعدام تكافؤ الفرص، وما زالت أيضا بعيدة عن الدول المتقدمة في مجال المساواة بين مواطنيها، مرجعة ذلك إلى الهجمة الشرسة لليبرالية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو خلال ثمانينيات القرن الماضي، والتي اعتبرت الأولى من نوعها بين الدول المصنعة.
وبحسب " أوريون21"؛ فإن المجتمع الإسرائيلي يعيش انقساما اجتماعيا وعرقيا في الوقت ذاته، ونقلت عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي دراسة تقول إن الأغنياء هم من ذوي الأصول الأوروبية، في حين يعاني ذوو الأصول الإفريقية والآسيوية عامة، والإثيوبيون خاصة، من الفقر.
ورأت الصحيفة أن بداية التمييز العنصري في "إسرائيل" تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، أي خلال فترة رئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير، حيث كان اليهودي الأسود يعامل بازدراء، ولطالما تعرض اليهود القادمون من إثيوبيا وإريتريا للتعنيف والإهانات بشكل منتظم من قبل الشرطة في الأحياء الجنوبية من "تل أبيب"، وخاصة من قبل حرس الحدود والوحدة الخاصة بمطاردة المتسللين، التي لم تكن تفرق بين المواطنين اليهود ذوي الأصل الإثيوبي، وبين المتسللين الهاربين من إريتريا وجنوب السودان، وكانت تعتبرهم جميعهم زنوجا. ومثّل هذا القمع البوليسي أهم أسباب احتجاجات اليهود السود.
ونقلت الصحيفة عن يوسف شابيرا، المراقب العام للدولة في "إسرائيل"، تقريره لسنة 2013 المتعلق بالتمييز الاجتماعي، والذي جاء فيه أن 18 بالمئة من الإثيوبيين في حالة بطالة، رغم أن المعدل العام للبطالة في "إسرائيل" 5.6 بالمئة. وجاء فيه أن 65 بالمئة من الشباب الإثيوبي يعيش تحت خط الفقر، وأن أغلبية الإثيوبيين لا يحصلون على البكالوريا، وأن 20 بالمئة لا يواصلون تأدية واجب الخدمة العسكرية، بسبب التمييز العنصري ضدهم.
ويرى شابير أن من مفارقات المجتمع الإسرائيلي؛ وجود عدد كبير من الإثيوبيين في أجهزة شرطة الحدود والسجون، وهي مهن لا تتطلب أي مستوى دراسي، مشيرا إلى أنه "رغم مراكزهم المهمة؛ فإنهم كثيرا ما يتعرضون إلى العنف، سواء على النقاط الحدودية، أو في السجون، وخاصة أصحاب الأجساد النحيلة".
وقالت الصحيفة إن هذا التمييز شهد تراجعا ملحوظا في السنوات الماضية، ثم عاد ليطفو على السطح من جديد، رغم ظهور جيل جديد من الأفارقة مولود في "إسرائيل"، لا يتوانى عن المطالبة بحقوقه، ومقاومة العنصرية المتأصلة في داخل سكان الدولة العبرية.
وأضافت أن عبارة "نحن يهود، ولسنا عربا" كانت من أبرز الشعارات التي رفعت في احتجاجات 3 أيار/ مايو 2013، والتي اندلعت بسبب اعتداء عناصر من الشرطة على أحد الجنود من أصل إثيوبي، وقوبلت بقمع شديد من الشرطة الإسرائيلية، واشتكى المحتجّون الذين تم قمعهم قائلين: "تمت معاملتنا كعرب".
وبحسب الصحيفة؛ فقد كانت ردة فعل الحكومة الإسرائيلية على عكس الشرطة، حيث إنها قررت تشكيل لجنة لدراسة مقترحات تحسين ظروف الإثيوبيين داخل "إسرائيل"، وضمت هذه اللجنة قادة المجتمع الأسود، وخاصة منهم الحاخامات الإثيوبيين غير المعترف بهم من قبل كبير الحاخامات الإسرائيليين.
وفي الختام؛ قالت "أوريون21"، إنه من غير المحتمل أن يثق الجيل الجديد من الإثيوبيين في هذه اللجنة، متوقعة أن يواصل هذا الجيل ثورته، واعتبرت أن القضاء على العنصرية ضد السود داخل المجتمع الإسرائيلي؛ يمثل معركة طويلة المدى، ولا يمكن فصلها عن المعركة التي يخوضها "عرب إسرائيل" من أجل المساواة، فتوحيد الصوت بين العرب والسود "واجب" باعتبار وحدة الأهداف.