وصف الباحث في المعهد الملكي الإسباني هيثم أميرة فرنانديز ما يحدث في
مصر بكونه "عودة إلى الاستبداد".
وقال فرنانديز في حوار مع صحيفة "إلموندو" الإسبانية بمناسبة مرور سنة على "انتخاب"
عبد الفتاح السيسي "رئيسا لمصر"، إن "الرئيس الحالي" يحاول الترويج لصورة "الرجل القوي الذي يلعب دور المنقذ في مواجهة المشاكل الهيكلية الخطيرة للغاية، وأيضا الشريك في المشاريع الضخمة".
واستدرك بأن الواقع يكشف أن الإجراءات القضائية في مصر تفتقر إلى أي ضمانات حتى أنه يتم خرق قوانين البلاد كما أن هناك غياب للبرلمان منذ حزيران/ يونيو 2012، ما سمح للرئيس الحالي، بالحكم بموجب مرسوم رئاسي. ويبدو أنه ليس هناك أي عجلة من أجل عقد الانتخابات التشريعية التي تم تأجيلها أكثر من مرة.
وأشار الباحث المتخصص في المنطقة المتوسطية والعالم العربي بالمعهد الملكي "إلكانو" إلى أن السيسي يعرف كيفية استخدام اللغة التي تلقى قبولا في الغرب. فهو يركز على القضايا التي تشغل الغربيين مثل الإرهاب، والحاجة الملحة لمكافحة التطرف أو قضية السكان المسيحيين المصريين، وهي القضايا التي يعلم أنه سيكون لها صدى إيجابي للغاية.
أما في الواقع فإن السيسي يقود قمعا وحشيا، وفي هذا الصدد يقول الباحث في المعهد الملكي إلكانو، وهو أحد مراكز "التفكير" الرائدة بإسبانيا، "لو ارتكب نظام إسلامي نصف الانتهاكات التي ارتكبها السيسي في حق الحريات وحقوق الإنسان، لما توقف العالم عن الاحتجاج والصراخ. وسيكون معه حق".
ويضيف "لو كانت جميع حالات القمع وسوء المعاملة والضرب والقتل والاحتجاز في مراكز الشرطة قد وقعت في ظل حكومة إسلامية لرفع العالم صوته. لكنه يغض الطرف عن كل الانتهاكات التي ارتكبت في مصر خلال العامين الماضيين مع الاعتقاد بأن الديكتاتورية تساوي الاستقرار والنظام".
وحول حكم القضاء المصري بإعدام الرئيس السابق
محمد مرسي، يرى الباحث أن النظام المصري الحالي تخصص في أحكام الإعدام على نطاق واسع وذلك عبر طريقتين: الأولى القتل السياسي لأي معارض من أي تيار كان ولكل الأصوات المنتقدة للسلطوية السائدة، ثانيا القتل الجسدي لكل الذين تم اتهامهم بالخيانة أو الإرهاب في محاكمات تمت دون أن تتوفر الضمانات الإجرائية الدنيا.
ولفت الباحث الانتباه إلى أن الإخوان المسلمون هم جزء من واقع البلاد، وانتقد ما يقوله البعض من أنهم يقفون وراء جميع الهجمات، مفسرا ذلك بأنهم إنما يريدون استخدام الجماعة ككبش فداء من أجل تدبير الإحباط الموجود ومحاولة البحث عن العدو رقم واحد للشعب.
وتحدث الباحث عن إمكانية حصول خلافات محتملة بين من هم في السلطة، معتبرا أن السيسي يمكن أن تكون له نقطة ضعف لأن وراءه توجد القوات المسلحة التي لعبت دائما دورا هاما في مصر، لكن حاليا يتنامى شعور بأن العقود والجزء الأكبر من الاستثمار يذهب إلى الجيش، وذلك قد يتعارض في مرحلة ما مع مصالح فعاليات اقتصادية أخرى في البلاد مثل النخبة التقليدية أو تلك الموجودة في المناطق القريبة من أبناء مبارك، الذين يرون أنه على الرغم من دعمهم للنظام الحالي لا يتم تلبية توقعاتهم فيما يخص حجم الأعمال والأرباح المتحصلة.
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة "إلموندو" تقريرا بعنوان "عام للسيسي في مصر: سنة أسوأ من زمن مبارك"، ذكرت فيه أنه بعد عام من انتخابه رئيسا بنسبة 96 بالمائة مازالت مصر، وهي البلد الأكثر تعدادا من حيث السكان في العالم العربي، تواصل الغليان.
وأبرزت الصحيفة الواسعة الانتشار أن الاستقرار الذي وعد به السيسي لم يتحقق، كما أن الأزمة الحادة التي يعيشها الاقتصاد والفساد وإفلات الشرطة من العقاب وهي الأسباب التي دفعت الحشود المتعبة إلى الاعتصام في ميدان التحرير لا تزال جزءا من الحياة اليومية.
وأضافت أنه منذ
الانقلاب الذي حدث في تموز/ يوليوز 2013 وأزاح محمد مرسي من السلطة، يتعرض للقمع كل من رفع صوته منتقدا الانقلاب. هذا القمع -بحسب المصدر نفسه - بدأ بجماعة الإخوان المسلمين وانتهى بضرب كل المعارضة بما فيها الليبراليين واليساريين.