علقت صحيفة "واشنطن بوست" على العلاقات الأمريكية مع دولة إثيوبيا، حيث قالت إن دعم واشنطن لحكومة أديس أبابا يعبر عن عدم المسؤولية.
وجاء تعليق هيئة تحرير الصحيفة في افتتاحيتها تعقيبا على تصريحات مسؤولة في الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالانتخابات المقررة في إثيوبيا يوم 24 أيار/ مايو الحالي، مشيرة إلى أن التحضيرات لها "تعطي انطباعا عن كل شيء، إلا عن كونها ديمقراطية".
وقالت إن إثيوبيا "عادة ما ينظر إليها على أنها نموذج للدولة النامية، إلا أن لديها سجلا في تقييد الحريات المدنية والقمع المنظم ضد الصحافيين المستقلين، ولسنوات عديدة".
وتستهجن الافتتاحية، التي اطلعت عليها "
عربي21"، تصريحات مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ويندي شيرمان أثناء زيارتها إلى أديس أبابا في 16 نيسان/ إبريل. وجاء في تصريحاتها: "إن إثيوبيا هي الدولة الديمقراطية التي تتقدم إلى الأمام في
الانتخابات التي يتوقع أن تكون حرة ونزيهة". وترى الصحيفة أن رد الفعل الذي أعقب تلك التصريحات من المدافعين عن حقوق الإنسان في إثيوبيا يستحق النظر.
وتجد الصحيفة أن "إسراف شيرمان بالكلام المنمق لا مبرر له، إن أخذنا بعين الاعتبار سجل إثيوبيا في مجال الحرية الإعلامية، فقد سجنت 19 صحافيا، بما يفوق أي بلد آخر في
أفريقيا. وبحسب تقرير جديد أعدته لجنة حماية الصحافيين، تأتي إثيوبيا في المرتبة الرابعة في قائمة الدول العشر التي تمارس الرقابة في العالم. وأجبرت الدولة 16 صحافيا على الأقل على الهجرة، فيما تم إغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية المستقلة، وذلك بسبب ضغوط من الحكومة".
وتشير الافتتاحية إلى أنه "في نهاية الأسبوع الماضي يكون قد مضى عام على ستة مدونين اعتقلوا وسجنوا دون محاكمة. فقد كان بإمكان (محور المدونين التسعة) استخدام منبرهم على الإنترنت من أجل الكتابة عن وضع حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ومن أجل الدعوة إلى الديمقراطية في إثيوبيا، وقد تم توجيه تهم بالإرهاب بناء على قانون مكافحة الإرهاب، الذي استخدم من أجل
قمع عدد كبير من الصحافيين الناقدين للنظام. وحتى اليوم لا يزال المدونون في السجن يواجهون محاكمة ستكون مهزلة".
وتبين الصحيفة أنه "فيما يتعلق بالانتخابات فإن أحزاب المعارضة تقول إن الحزب الحاكم، وهو جبهة الشعب الديمقراطية الثورية الإثيوبية، التي يقودها هيلامريام ديساغلين، قد قوضت جهودهم لتسجيل مرشحين في انتخابات أيار/ مايو. فمنذ العام الماضي اعتقل أعضاء أحزاب المعارضة ومؤيدوهم، وتم التحرش بهم. وفي آذار/ مارس قال الزعيم الوحيد المعارض في البرلمان إنه لن يترشح مرة أخرى؛ بسبب تدخل الدولة في شؤون حزبه. وتقود جبهة الشعب الثورية الديمقراطية البلاد منذ عام 1991، وفازت في انتخابات عام 2010 بنسبة 99.6% من أصوات الناخبين".
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأن وزارة الخارجية الأمريكية قد أصدرت بيانا الأسبوع الماضي دعت فيه إثيوبيا إلى إطلاق سراح الصحافيين الإثيوبيين، الذين سجنوا وهم يؤدون واجبهم.
وتستدرك الصحيفة بأنه كما يشير البيان الواضح من شيرمان، فإن إدارة الرئيس أوباما مترددة في انتقاد من تراها حليفا أمنيا مهما في القرن الأفريقي. وأكدت متحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن تصريحات شيرمان "تعكس موقف الحكومة الأمريكية من هذه القضايا".
وترى الافتتاحية أن "ثقافة البلد الحضارية القديمة وموقعها الاستراتيجي المهم، وعدد سكانها البالغ 94 مليون نسمة، كلها عوامل تجعل من إثيوبيا بالتأكيد الحليف المهم للمستقبل في شرق أفريقيا. ولكن هذا لا يبرر إصدار تصريحات أو تبني سياسة لينة عديمة التأثير".
وتدعو الصحيفة الولايات المتحدة إلى التوقف عن تقديم ملايين الدولارات لدعم نظام لا يزال يخنق الإعلام، ويعطل مشاركة الأحزاب السياسية، ويسكت نقاده.
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالقول إنه "في حالة ما اعتبر المراقبون المستقلون الانتخابات غير ما تقوله شيرمان، حينها يجب أن تبلع الإدارة كلامها، وتغير من طريقة تعاملها مع النظام في إثيوبيا".