نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا حول تعليقات الرئيس الأمريكي السابق جورج
بوش الابن، خلال لقائه مع مئات
اليهود المانحين، حيث قال إن على أمريكا أن تفي بما وعدت، وألا ترفع العقوبات عن إيران.
وينقل التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، عن بوش قوله لسبعمائة مانح خلال اجتماع الربيع المغلق للتحالف الجمهوري اليهودي، إنه لا يريد انتقاد الرئيس
أوباما، الذي يسعى إلى إضعاف وفي المحصلة القضاء على تنظيم الدولة، الذي كان يصفق له. ولكن الرئيس السابق أدلى بتعليق قد يكون جمهور الحضور اعتبره نقدا لخليفته.
وتذكر الصحيفة أن الرئيس بوش أبدى عدم ارتياحه لسعي إدارة أوباما إلى الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران. ومع أن بوش هو من بدأ الجهود الدبلوماسية للضغط على إيران للتخلي عن برنامجها النووي، فإنه تساءل عن مدى حكمة رفع العقوبات عن طهران، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة الإسلامية بالانهيار، بحيث تخاطر الولايات المتحدة بخسارة التأثير إن هي رفعت العقوبات.
ويشير التقرير إلى أن الرئيس السابق قد أبدى وفي جو من الصراحة رأيه بكل من هيلاري كلينتون وفلاديمير بوتين، كما تحدث عن سعادته بحفيده، وتطرق إلى الصعوبات التي سيواجهها شقيقه الأصغر جيب عندما سيترشح للانتخابات عام 2016، بسبب اسم عائلته. وقد اتصل 12 شخصا ممن حضروا الاجتماع بصحيفة "نيويورك تايمز" لنقل ما قاله الرئيس السابق خلال ذلك الاجتماع.
وتبين الصحيفة أن حرب بوش في العراق كانت لا تحظى بتأييد شعبي كبير، وهو ما غذى حملة أوباما الرئاسية عام 2008، وبحسب منتقديه فإن تلك الحرب قد تسببت بالفوضى في الشرق الأوسط، ولكن تعليقات بوش تظهر أنه لا يزال على قناعة بصحة مقاربته والحزم الذي أظهره أمام العالم.
ويلفت التقرير إلى أنه استشهد بكلام السيناتور ليندزي غراهام عن جنوب كارولاينا ومرشح رئاسي
محتمل عندما انتقد أوباما قائلا: "كان الخروج من العراق حماقة استراتيجية".
وقال بوش للحضور إنه غير الطريق عندما وجد مبررا لذلك، وأكد أنه عندما تقود أمريكا "يجب أن تعني ما تقول"، وأنه يجب أن يعرف حلفاء أمريكا وأعداؤها أين يقف الرئيس الأمريكي. وقد رأى الحضور في هذا التعليق انتقادا لتهديدات أوباما الفارغة للنظام السوري، حول اجتياز الخطوط الحمراء واستخدام الأسلحة الكيماوية، بحسب الصحيفة.
وتوضح الصحيفة أن بوش كان يتحدث ردا على سؤال من سكرتيره الإعلامي سابقا، آري فليتشر، حول ماذا كان سيفعل بشأن تنظيم الدولة وتغير التحالفات في الشرق الأوسط وبروز إيران قوة إقليمية.
ويجد التقرير أن ظهور بوش كان غريبا، فقد اختفى بشكل كبير من حلبة السياسة منذ مغادرته لمكتب الرئاسة، وكان تأييده للمرشح الجمهوري عام 2012 عبارة عن أربع كلمات "أنا مع ميت رومني" عندما سأله الصحافيون، بينما كان باب المصعد يغلق.
وترى الصحيفة أن تعليقاته يوم السبت تعكس الخط الرفيع الذي عليه أن يسير فيه ليوازن بين احترامه لخليفته، وفي الوقت ذاته الدفاع عن آرائه ومساعدة أخيه، الذي نفرّ بعض الجمهوريين الموالين لإسرائيل، بينما يجهز حملته لدخول البيت الأبيض.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن المانحين الأثرياء في ذلك الاجتماع قد يشكلون نقطة الحسم في ذلك الجهد. فمن بين الحضور الذين تحدث الرئيس السابق فيهم: المتبرع للحزب الجمهوري شلدون أديلسون، وهو يملك "فينيشيان هوتيل أن كازينو"، حيث تمت إقامة النشاط، وإن استعداده أن ينفق مئة مليون دولار على السياسي الذي يرغب في ترشيحه للرئاسة يجعل نفوذه في اختيار المرشح الجمهوري كبيرا.
وتنقل الصحيفة عن عضو مجلس إدارة التحالف الجمهوري اليهودي فليتشر، الذي قام بتوجيه أسئلة إلى مديره السابق بوش، قوله: "كانت أجوبته تصريحات مباشرة حول ما يعتقد أنه توجه صحيح بالنسبة له ومن وجهة نظره دون شخصنة أو انتقاد لأي شخص آخر".
ويورد التقرير أن بوش، الذي بدا مرتاحا في جو من الحميمية، قدم تقييما صريحا للعبء الذي يحمله مرشح للرئاسة من عائلة بوش، فقد وصف أخاه بأنه متمكن، ولكنه اعترف بتقل العبء على كاهل أخيه حاكم كاليفورنيا السابق، حيث قال إن من السهل أن يقول أي منافس: إن الشعب ليس بحاجة لرئيس آخر من عائلة بوش.
وتنقل الصحيفة عن إليس ويتغارتين، الذي حضر اللقاء، قوله: "ما قاله بشكل أساسي هو أن الشعب لا
يريد سلالات حاكمة في أمريكا".
وتذهب الصحيفة إلى أن فليتشر وجه سؤالا لبوش عن المواصفات التي يبحث عنها في الرئيس القادم "عدا أن يكون اسم العائلة يشبه اسم عائلتك"، وقد أخفى الحاضرون ضحكتهم، وتحدث بوش عن "الحكم" و"الأصالة"، وأعرب عن تردده في المشاركة في حملة أخيه الانتخابية؛ لأنها قد لا تساعد ولا تبدو لائقة، وقال: "لذلك لن تروني".
وينوه التقرير إلى أنه قليلا ما يدخل بوش في نقاشات سياسية هذه الأيام، ولكنه خرج وتحدث عن القضايا التي تعني له الكثير. فقد ألقى خطابا يدعم فيها تعديل قوانين الهجرة، ودعا إلى المزيد من المساعدات لمحاربة الأمراض في أفريقيا.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما أطلق مذكرات أبيه العام الماضي دار حول الحدود التي رسمها لنفسه بألا ينتقد خليفته، حيث قال في الكتاب إن نشوء تنظيم الدولة في العراق "كان بسبب التطورات والقرارات التي تم اتخاذه لاحقا"، أي بعد مغادرته لمكتب الرئاسة. كما انتقد في مقابلة له خطط أوباما لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان قبل انتهاء فترة رئاسته، حيث قال: "أخشى أن يؤدي غياب الوجود الأمريكي في أفغانستان إلى فراغ".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن بوش قد ألقى بثقله يوم السبت على السياسات الرئاسية بحذر شديد، حيث تحدث عن المرشحين الجيدين الذين يقدمهم الحزب الجمهوري، وقال عن السيدة كلنتون إنها مرشحة من الوزن الثقيل، ولكنها قابلة للهزيمة، وإنها ستواجه مشكلة في تحديد توجهها وهل تكمل في خط أوباما ذاته، أم ستسعى إلى الابتعاد عنه.