نشرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية تقريرا حول دور الصراع الطائفي في تأجيج الأوضاع بالعراق، وخاصة منه العنف المسلط ضد السنة.
وتحدثت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي 21"، عن الدور المحوري الذي لعبته
المليشيات الشيعية في استعادة مدينة تكريت من أيدي
تنظيم الدولة، الأمر الذي احتفى به أحد كبار زعماء
الشيعة، عبد المهدي المهندس، في المسرح الوطني ببغداد، وسط جمع غفير من "الأبناء" المنحدرين من كبرى القبائل الشيعية جنوب
العراق.
وأبدى أحد زعماء هذه القبائل استعداد أبنائه لتقديم أرواحهم إذا ما استوجب الأمر، محييا الزعيم المهندس الذي بدت هيأته شبيهة بالإيرانيين الذين تولوا تدريبه وتكوينه أيام محاربته لنظام صدام حسين.
وأشارت الصحيفة إلى المكسب الذي أحرزه المهندس إثر تمكن قوات الأمن العراقية من استرجاع مدينة تكريت من سيطرة تنظيم الدولة، الذي لم يكن ممكنا لولا الدعم العسكري لمليشيا
الحشد الشعبي، وقبلها منطقة جرف الصخر جنوبي العراق، علاوة على مناطق أخرى بمحافظة ديالى على الحدود مع إيران. غير أنه تم تسجيل العديد من التجاوزات في صفوف الميليشيات المتعطشة للانتقام من السنة، التي وجدت في حربها ضد تنظيم الدولة شفاء لغليلها.
وقد تحدثت وزارة الداخلية العراقية، بحسب الصحيفة، عن تدمير ما يقرب من 200 منزل في تكريت. وكانت الولايات المتحدة قد اشترطت سحب كل المليشيات الشيعة قبل الشروع في الهجوم على تكريت، الأمر الذي لم يتمكن رئيس الوزراء الشيعي بدوره من الإيفاء به ولا حتى إبراز عدم رضاه عن التجاوزات التي أقدمت عليها هذه المليشيات، حيث إنه لا يملك سبل الحد من انتشارها الذي ازدهر أيام سلفه نوري المالكي.
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى نشر مقطع فيديو يظهر ترحيل المقاتلين الشيعة لأحد القادة العسكريين قبل أن يشرعوا في نهب أحد منازل المدينة، ما دفع أحد الناشطين الغربيين إلى التساؤل عما إن كان التحالف الدولي ضد "داعش" سيحافظ على صمته إزاء هذه التجاوزات.
لكن في ظل عجز الجيش العراقي عن مقاومة "المد الداعشي" واستعادة المناطق من سيطرة التنظيم، أشارت الصحيفة إلى ضرورة الاستعانة بالمليشيات الشيعية، كما أكد المحلل سعد موراني الذي نوه إلى أهمية تدعيم القوات النظامية بخبراء في حرب العصابات التي يتقنها مقاتلو تنظيم الدولة، على غرار عناصر حزب الله اللبناني ومنظمة بدر الشيعية العراقية.
من جهته، أشاد أحد العسكريين، ممن يقاتل جنبا إلى جنب مع هذه المليشيات، بدورها في إنقاذ بغداد من "العدوان المتطرف" حزيران/ يونيو الماضي، إثر تمكن تنظيم الدولة من اختراق الموصل وبقية أرجاء "البلد/ المنطقة السنية".
كما أفادت الصحيفة إلى إنشاء المليشيات نقاط تفتيش، وإجبار الشرطة على فسح مجال العبور لبغداد أمام عناصرها الذين وإن خف وجودهم في العاصمة، فإن العديد من السنة يخشون عودتهم إليها بعد تنامي قوتهم في تكريت.
وتملأ صور القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني شوارع بغداد، الأمر الذي يعدّه السنة محض استفزاز، ما يجعل من إعادة بناء العراق تحديا صعبا مع احتداد الموجة
الطائفية.
وذكرت الصحيفة أن مليشيا بدر، التي يقودها وزير النقل السابق هادي العامري، هي الأقوى عدة وعتادا، حيث يعدّها أحد السنة الذين شاركوا معها في معركة تكريت جيشا متكاملا يضم ضباطا قاتلوا في إيران أيام صدام حسين، مشيرا إلى أن "عصائب أهل الحق" هي القوة الشيعية الثانية على اعتبار تمكنها من المضي فيما يخشى الآخرون خوضه، ونجاحها في تفكيك الألغام التي يدسها تنظيم الدولة.
وتحدثت الصحيفة عن كل من كتائب حزب الله المدعومة من حزب الله اللبناني، والتي حاربت من قبل في سوريا، ما مكنها من اكتساب أسرار قتال الشوارع، والمجموعات الصغيرة الناشئة من انقسامات المليشيات الكبرى، ليبلغ عدد العسكريين الموازين 35 ألفا تولت حكومة حيدر العبادي توفير أجورهم، الأمر الذي اعتبره أحد الديبلوماسيين الغرب خطوة جريئة من رئيس الوزراء العراقي، محذرا من خطورة ذلك إذا لم تمض الأمور على ما يرام، مشيرا إلى خطر انسحاب السنة في حال تكريس السيطرة الشيعية.
وتساءلت الصحيفة عن مدى واقعية طلب العديد من السنة سحب المقاتلين الشيعة في المواجهات التي جدت بمحافظة الأنبار، حيث يذكر يزن جبوري بأن هجمة تكريت تمت اعتمادا على تكنولوجيا إيرانية من طائرات مراقبة دون طيار وكاميرات حرارية، ما جعل القوات العراقية في موقف حرج حين سحبت إيران مبادرتها على خلفية الخطاب شديد اللهجة الذي توجهت به الولايات المتحدة إزاءها بهذا الصدد.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى الدور المحوري الذي تضطلع به المليشيات في الملف العراقي بالنسبة لإيران، مضيفة أنه طهران لا ترغب في أن يكون للعراق جيش على قدر من القوة، لأن ذلك سيسهم في تراجع سيطرتها على الحكومة العراقية.