بدأت دول
الخليج تشعر بآثار تراجع أسعار
النفط الخام، بالرغم من تصريحات الحكومات في المنطقة بأن سلوكها الاستثماري لن يتغير بالرغم من انخفاض معدلات أسعار النفط العالمية.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير أعده سايمون كير، إن المسؤولين الخليجيين حاولوا طمأنة المواطنين بأن فترة انخفاض أسعار النفط ستكون مؤقتة، وأكدوا التزامهم بمواصلة الإنفاق العام، خاصة المخصص منه لتحسين الظروف الاجتماعية.
ويستدرك التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، بأن حكومات المنطقة بدأت في الواقع بقطع النفقات، وأعادت تشكيل خطط الإنفاق المالي.
ويبين الكاتب أن شركات القطاع الخاص تواجه المشكلة ذاتها، حيث تركت أسعار النفط أثرها على قيمة الشركات المالية، وأثرت على خطط الاندماج بين الشركات وحصصها في السوق تحديدا.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي يأمل فيه مديرو الشركات أن يكون التباطؤ في الإنفاق العام، فإن الكثير منهم يخطط لفترة طويلة من الأسعار المنخفضة. ويقول مدير شركة الائتمانات "مودي" في دبي، ديفيد ستيبلز: "نسمع من الشركات أنها حذرة جدا في مجال خطط الاستثمار".
ويلفت التقرير إلى أن المشاكل التي تواجه المنطقة قد أشار إليها تقرير نشره صندوق النقد الدولي، وحذر فيه من أن الأعضاء الستة في مجلس التعاون الخليجي، يواجهون تراجعا في الميزانيات هذا العام؛ بسبب انخفاض أسعار النفط العالمي، الذي ترجم بخسارة 380 مليار دولار من عائدات النفط.
وتنقل الصحيفة عن المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي مسعود أحمد، قوله إنه نصح دول الخليج الست بالقيام "بتخفيف مستويات الإنفاق على المدى المتوسط"، من أجل فتح المجال أمام وضع مالي مناسب، يمكن من خلاله الحفاظ على المصادر المالية.
وبحسب تحليل المحللة
الاقتصادية في بنك أبو ظبي التجاري مونيكا مالك، فإن معظم الدول قامت بتخفيف الإنفاق في
المشاريع الكبيرة المخصصة لهذا العام.
ويجد كير أنه بالرغم من أن قيمة المشاريع التي منحت عطاءات في دول مجلس التعاون الخليجي كانت مرتفعة بنسبة 10% من الربع الأول للفترة ذاتها من عام 2014، فإن معظم المشاريع متركزة في دولة قطر، التي تسابق الزمن لبناء بنية تحتية تكون جاهزة لمباريات كأس العالم عام 2022.
وتقول مالك للصحيفة: "تظهر الأرقام أنها تتوافق مع توقعاتنا من ناحية نمو الاستثمار لعام 2015، على خلفية أسعار منخفضة للنفط".
ويذكر التقرير أن قيمة المشاريع التي منحت في عُمان والبحرين، وهما الدولتان اللتان تأثرتا كثيرا بانخفاض أسعار النفط، كانت في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي 43% و20% على التوالي. وبلغت النسبة في الإمارات 36%، وتركزت كلها في قطاع العقارات، الذي يعاني من تراجع في القيمة منذ العام الماضي.
وتنقل الصحيفة عن مصرفي في المنطقة قوله: "تعمل الحكومات على تنفيذ المشاريع المهمة، وإكمال المشاريع الحالية". وأضاف أن "المشاريع الأخرى تم وضعها جانبا، أو علقت حتى تتعافى أسعار النفط".
ويورد التقرير أن قيمة العقود التي منحت في السعودية بلغت نسبتها 10%، وهي نسبة أقل مما منح في الربع الأول من العام الماضي، ولكنها تظل أعلى من المستوى المسجل في العامين الماضيين.
ويذهب الكاتب إلى أن بنك أبو ظبي التجاري لاحظ أن العقود من السعودية ركزت على قطاع الصحة والإسكان، وهما مجالان مهمان للقطاع الاجتماعي في المملكة، التي تواجه تهديدات متزايدة من التطرف الإسلامي.
وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي ركزت فيه السعودية على استخدام 150 مليار دولار في مشاريع البنية الاستراتيجية، فإن احتياطات بنك الرياض المركزي قد تراجعت بقيمة 20 مليار دولار في شهر شباط/ فبراير وحده، وهو أكثر شهر يشهد تراجعا، ما دفع الحكومة إلى استخدام جزء من الاحتياطي المالي وقدره 700 مليار دولار.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المشاريع التي تم إلغاؤها، تركزت على قطاع الطاقة، ولكن تأثير انخفاض أسعار النفط من المتوقع زيادته، وتم وضع بعض مشاريع العقارات والصناعة مثل المشاريع الكيماوية والصهر على قائمة الانتظار.
وتنقل الصحيفة عن المدير الإقليمي لمجموعة "أشمور" للاستثمار جون سفكيانكسي، قوله: "أكملت السعودية ما وعدت به، ولكنها لم تتقدم بمشاريع كبرى". وأضاف أنه تم تأجيل دفع أجرة المشاريع التي أكملت، فالفواتير التي كانت تصرف بشكل سريع أصبحت تأخذ أشهرا، ويقول: "نسمع حكايات عن متعهدين يأخذون مستحقاتهم في وقت متأخر".
ويتطرق كير إلى أن مراقبين يقولون إنه كلما أبدت الحكومات حذرا في مجال التخطيط والمشاريع، انعكس ذلك على أسعار النفط وبيعه. فهناك تضارب بنسبة 40%، بين المشترين الذين يريدون أسعارا منخفضة للنفط، وبين الباعة.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الوضع قد أثر على خطط الاندماج بين الشركات، حيث انخفض إلى أدنى درجاته منذ عام 2011.