أظهر فيلم وثائقي عرضته ليلة أمس القناة الثانية في "بي بي سي"، وأعده الصحافي المخضرم بيتر تايلور، كيف بنى
تنظيم الدولة ثروته المالية، التي قال إنها تقدر بملياري دولار أمريكي.
ويشير الفيلم الذي شاهده مراسل
"عربي21"، إلى أن عنوان الفيلم هو "أثرى جيش إرهابي في العالم"، وكشف عن الطرق التي يحصل من خلالها التنظيم على أمواله من الجبايات والضرائب والسطو على البنوك وتجارة الآثار وبيع
النفط الذي لم يتأثر بالضربات الأمريكية على مصافي النفط البدائية التي أقامها التنظيم في مناطق سوريا.
ويقدم الفيلم ما قال إنها أول مقابلة مع مسؤول التمويل في تنظيم الدولة، الذي اعتقلته القوات العراقية عام 2014، ولقبه "أبو هاجر". وظهر أبو هاجر معصوب العينين بلباس السجن الأصفر، وعندما طلب تايلور فك القيد عن أبي هاجر، رُفض طلبه.
وسأل تايلور أبا هاجر عن السبب الذي جعله ينتمي إلى تنظيم الدولة، فأجاب بأنه كان مطلوبا للحكومة، فانضم إليه عام 2010، وأصبحت مهمته توزيع الأموال على ما تعرف بولايات الدولة، حيث كان يأخذ حصة كل ولاية المخصصة لها، ويخفيها في باب سيارته. وقال إن الكثير من السنة يشعرون بالظلم، ولهذا ينضمون للجهاديين.
وسأله تايلور عن السبب الذي جعله يتحدث عن مالية الجهاديين، فقال إن العراقيين عندما اعتقلوه أخذوا عائلته إلى السجن، وعندها قال لهم: أفرجوا عن عائلتي وسأتحدث. وردا على سؤاله عما إذا كان قد تعرض للتعذيب، أجاب: نعم مثل أي شخص.
وقد وجه له تايلور سؤالا عن كيفية حصول التنظيم على الأموال، فأجاب بأنها من الجبايات والضرائب، ويقول إن من لا يستجيب للطلب فإنه عادة ما يُهدد أو تطلق على محله قنبلة صوتية. ويضيف أبو هاجر أن الأموال التي كان يوزعها على ولايات الدولة كانت بالعملة الأمريكية ونقدا.
وينقل الفيلم عن أبي هاجر قوله إن التنظيم يعتمد على الجبايات، حيث يفرض الضرائب على كل شيء، ويضيف أنهم "يفرضون الضريبة على المتاجر وشركات المولدات الكهربائية ومحطات الوقود والصيدليات وشركات النفط، ويفرضون الضرائب على القطاعات كلها".
ويقول أبو هاجر إنه نقل مليون دولار، وحذر قائلا إنه طالما أن هناك نفطا وعملا وبناء فلن يفقد التنظيم أمواله. وعندما سئل عن رواتب المقاتلين وعددهم 50 ألف مقاتل، قال إن المقاتل العراقي يحصل على 65 دولارا، يضاف إليه 43 دولارا إن كان متزوجا، و22 دولارا عن كل طفل. أما عن المقاتلين الأجانب فلا يحصلون على رواتب، ويقدم لهم الطعام والبيت وليس المال.
وقدم الفيلم صورا تبث لأول مرة لمعارك التنظيم ومعسكراته وقدراته الإعلامية.
وبدأ تايلور رحلته من منطقة الأكراد، حيث نقل إلى جبهة القتال، ولم يكن يبعد سوى 200 متر عن خطوط تنظيم الدولة. ثم سافر إلى بغداد، حيث التقى بأبي هاجر، وبعدها إلى الأردن والتقى بالجهادي أبي سياف، الذي وصف ما يجري في العراق بالمعركة، وأن الشيعة هم من بدأوا الحرب على السنة، متسائلا: ماذا يفعل هؤلاء؟
وفي منطقة كيلس التقى بسيدة سورية هربت من الرقة، حيث تحدثت عن الحياة في ظل التنظيم.
والتقى الصحافي مع مصدر سوري من دير الزور، حيث أكد له أن التنظيم لا يزال يحصل على أموال من بيع النفط، وقال إن أقاربه وعائلته وقبيلته كلهم يشترون النفط من التنظيم. وأضاف أن النظام السوري يشتري النفط من الجهاديين بأسعار مخفضة مقابل تزويد المناطق الواقعة تحت سيطرته بالكهرباء.
ويقول تايلور إن الحكومة السورية نفت تعاملها مع تنظيم الدولة. ويظهر الفيلم أن التنظيم طور طرقا لضخ النفط بطريقة لا تلفت نظر دول التحالف، وبطريقة تجعله يحصل على مليوني دولار أسبوعيا من
تهريب النفط.
ونقل الفيلم، بحسب متابعة مراسل
"عربي21"، عن مسؤول في حكومة إقليم كردستان قوله إن التنظيم يأخذ حصة من رواتب الموظفين التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين المدنيين في الموصل، حيث كانت تنقل الأموال كل شهر إلى إقليم كردستان وبعدها بالشاحنات إلى مناطق التنظيم. ونفت الحكومة العراقية أن تكون تدفع أموالا نقدية للموظفين، وقالت إنها ترسلها إلكترونيا. وأكد محافظ نينوى أن الحكومة أوقفت دفع الرواتب؛ لأن تنظيم الدولة يحصل على نسبة منها.
وأظهر الفيلم الكيفية التي نشأ فيها تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وقال إن جذوره بدأت في معسكر كامب بوكا. واعترف قائد القوات الأمريكية السابق في العراق ومدير "سي آي إيه" في الفترة 2011- 2012، ديفيد بترايوس بأن كامب بوكا كان جامعة خرجت الجهاديين كلهم الذين انضموا لاحقا لتنظيم الدولة، وأصبحوا من قيادته، وبينهم أبو بكر البغدادي.
وكشف الفيلم عن طرق أخرى للحصول على المال، مثل مبادلة الرهائن الأجانب مع الدول التي توافق على دفع الفدية غير بريطانيا والولايات المتحدة، حيث قال إن الجهاديين حققوا 40 مليون دولار من أموال الفدية.
وفي الوقت الذي يدمر فيه التراث الأثري العراقي والسوري كشف الفيلم عن الكيفية التي يستفيد منها الجهاديون من تهريب الآثار القديمة في سوريا، التي يذهب معظمها إلى جامعي الآثار في دول الخليج والغرب.