عادت صحيفة "واشنطن بوست" لانتقاد الحكومة الأمريكية لمكافأتها القمع بالمساعدة العسكرية في
مصر.
وعلقت الصحيفة في افتتاحيتها، التي اطلعت عليها
"عربي21"، على الحكم الذي صدر بحق المواطن الأمريكي
محمد سلطان في القضية المعروفة بغرفة عمليات رابعة، حيث أصدرت محكمة في القاهرة على عدد من قادة الإخوان المسلمين أحكاما تتفاوت من الإعدام إلى السجن مدى الحياة، كما في حالة سلطان.
وتقول "واشنطن بوست": "بعد 11 يوما فقط من قرار إدارة
أوباما استئناف الدعم العسكري لمصر، أصدرت محكمة مصرية على المواطن الأمريكي محمد سلطان (27 عاما)، حكما بالسجن مدى الحياة، استنادا إلى اتهامات مزيفة، في تحد للدعوات المتكررة العلنية والخاصة، التي قدمها مسؤولون أمريكيون بارزون طالبوا بالإفراج عنه".
وتضيف الافتتاحية أن "الحكم الصادر يوم السبت هو آخر صفعة من الصفعات التي وجهها نظام عبد الفتاح
السيسي إلى إدارة أوباما، التي طالبته بالاعتدال والتوقف عن القمع، الذي يعد الأسوأ في تاريخ مصر منذ نصف قرن. وتكشف قضية محمد سلطان عن حالة العجز الأمريكي في وجه الوحشية التي تدعمها الولايات المتحدة بأكثر من مليار دولار لمساعدة الجيش المصري".
وتستدرك الصحيفة بأنه "رغم أن سلطان يحمل الجنسيتين الأمريكية والمصرية، إلا أنه قضى معظم حياته في الولايات المتحدة، فبعد تخرجه من جامعة أوهايو عام 2012، انتقل إلى مصر عندما انضم والده إلى الحكومة المنتخبة ديمقراطيا للرئيس محمد مرسي".
وتذكر الافتتاحية أن "الشاب سلطان لم يكن يدعم جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة، إلا أنه انضم للجماهير التي احتشدت خارج مسجد رابعة العدوية؛ احتجاجا على الانقلاب الذي نفذه الجيش في 3 تموز/ يوليو 2013. وعمل مترجما للصحافيين الأجانب، ومتحدثا غير رسمي باسم الجماهير".
وتصف الصحيفة ما جرى وطريقة اعتقال سلطان بالقول: "في 14 آب/ أغسطس هاجمت قوى الأمن المتظاهرين في رابعة، وارتكبت ما كشف عنه تحقيق منظمة (هيومان رايتس ووتش) بأنه (أكبر عملية قتل للمتظاهرين في يوم واحد تحدث في التاريخ الحديث). وأصيب سلطان بذراعه جراء إطلاق النار، وتم القبض عليه بعد أسبوعين. وظل لأشهر في السجن دون توجيه اتهامات له، وهو ما دفعه إلى الإضراب عن الطعام، الأمر الذي أثر على صحته، وأدى إلى هزال جسمه. وأخيرا اتهم مع عدد من الصحافيين والإعلاميين بـ (بنشر الأخبار الكاذبة)".
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها
"عربي21"، إلى أن "قاضي الإعدام المفضل للسيسي محمد ناجي شحاتة، الذي أصدر مئات الأحكام بالإعدام على المعتقلين في قضايا سياسية، أصدر يوم السبت أحكاما على سلطان و37 شخصا، بينهم 14 من قادة جماعة الإخوان المسلمين، كان بينهم والد سلطان. وتراوحت أوصاف منظمات حقوق الإنسان للمحاكمة بأنها تعسفية وغير عادلة، وأنها مهزلة".
وتبين الصحيفة أن "البيت الأبيض، الذي اتهمه سلطان بأنه أهمل قضيته؛ نظرا لكونه من أصول عربية، أصدر تصريحا مقتضبا على لسان المتحدث الصحافي، شجب فيه سجن سلطان، ودعا إلى (الإفراج الفوري عنه)".
وتجد الافتتاحية أن "السيسي يملك السلطة لترحيل الأمريكي سلطان إلى الولايات المتحدة، كما فعل من قبل مع الصحافي الأسترالي، الذي أدانه شحاتة في
محاكمة سياسية الطابع. ولكن أوباما تخلى عن تأثيره على حاكم مصر، عندما قرر استئناف الدعم دون الانتظار حتى يتم الإفراج عن المعتقلين السياسيين، أو الوفاء بأي معيار من معايير حقوق الإنسان التي وضعها الكونغرس".
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن أوباما قال مبررا قراره بأنه أصدر من أجل "مصلحة الأمن القومي الأمريكي"، وهو ما لا يمكن شرحه لمواطن أمريكي حكم عليه ظلما بالسجن مدى الحياة.