يحاول قضاة فرنسيون منذ حوالي العام معرفة كيف تمكن نائب الرئيس السوري السابق
رفعت الأسد الذي يقاطعه نظام دمشق من بناء ثروة عقارية في بلادهم تتضمن إسطبلا للخيول وعشرات الشقق البالغة قيمتها 90 مليون يورو.
وتعتبر جمعية "شيبرا" التي تدافع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية وقدمت شكوى في شباط/ فبراير 2014 أدت إلى بدء التحقيقات، أن هذه الممتلكات تم شراؤها بفضل أموال الفساد عندما كان رفعت الأسد اليد اليمنى لشقيقه الأكبر الرئيس حافظ الأسد الذي توفي عام 2000 وخلفه ابنه بشار.
لكن بنامين غروندلر، أحد محامي الدفاع عن رفعت الأسد يرد قائلا "إنها ليست أموالا سورية". وأشار موكله الذي استجوبه المحققون بصفة شاهد في 30 كانون الثاني/ يناير، إلى تمويل سعودي.
وأكد غروندلر "تقديم وثائق تظهر الأصل القانوني لثروة رفعت الأسد" إلى المحققين.
والأسد (77 عاما) الذي اتهم بقيادة حملة القمع الدامية ضد الإخوان المسلمين، وخصوصا الهجوم على حماه في 1982، أرغم على سلوك طريق المنفى بعد عامين من ذلك.
وقال مصدر قريب من التحقيق لفرانس برس، إن الأسد أكد خلال جلسة الاستجواب أن "الحكومة السورية تكفلت" بمصاريفه، وأن "الأموال التي كان يكسبها أعطاها للفقراء".
وأضاف أنه لم "يكن يملك شيئا عندما حانت لحظة مغادرة
سوريا". وتابع بأن "فرنسوا ميتران، الرئيس الفرنسي الأسبق، طلب مني المجيء إلى
فرنسا ومنحنا رخص حمل السلاح كما زودنا بعناصر أمنية. لقد كان في غاية اللطف".
وفي باريس، بدأ رفعت الأسد الاستثمار في العقارات.
وقال السبعيني المقيم في لندن، إن ذلك كان "لاستقبال أولادي ومن يأتي بمعيتهم"، مشددا على عدم معرفته بتفاصيل إدارة العقارات والإشراف عليها.
وقال في هذا السياق: "لا أعرف بواسطة أي أموال تم الشراء. أنا اهتم بالشؤون السياسية حصرا. يجلبون لي الأوراق لأوقعها وأفعل ذلك. فأنا لا أعرف كيف أدفع الأموال.. حتى فاتورة المطعم".
وقدر محققون من الجمارك قيمة ممتلكات عائلته في تقرير صدر في 15 أيار/ مايو 2014، وحصلت فرانس برس على نسخة منه.
وأفاد التقرير بأن "القيمة الكاملة للإرث العقاري في فرنسا لرفعت الأسد وعائلته، هي من خلال شركات في لوكسمبورغ، وغالبية الإرث عقاري بحوالي تسعين مليون يورو".
ومن أصل هذا المبلغ "أكثر من 52 مليون يورو يمتلكها رفعت الأسد بشكل غير مباشر"، خصوصا عبر شركة "سنون" المسجلة في لوكسمبورغ.
وتتضمن الممتلكات إسطبلا للخيول قرب باريس وقصرين ومبنيين وقطعة أرض في باريس ومكاتب في مدينة ليون.
بدورهم، تحدث عدد من أبناء رفعت الذين تم استجوابهم كشهود عن سعودي، وقالوا: "يقوم بتمويلنا في المنفى منذ 30 عاما".
وقال سومر الأسد (43 عاما) إن الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي حكم
السعودية بين 2005 و2015 "منح والدي الإسطبل".
أما ابنه الآخر سوار (39 عاما)، فقال إن الأسد "يعيش من بيع الشقق بشكل رئيسي (...) والمساعدة التي تقدمها السعودية بشكل منتظم".
وأكد رفعت الأسد صداقته مع الملك عبد الله، وسببها الولع المشترك بالصيد. وقال إنه قبل المنفى و"في كل مرة كانت سوريا بحاجه إلى شيء ما، فإنهم كانوا يرسلونني للطلب من عبد الله. لقد جلبت الكثير من الأموال إلى سوريا كمساعدات".
لكن فابريس بالانش الخبير في الشؤون السورية، أبدى شكوكا إزاء ذلك، قائلا للمحققين إن "السعودية ليس لها مصلحة في دعم رفعت الذي لا يمثل شيئا".
ويحتفظ المحققون بشهادة موظف سابق لدى العائلة أكد كيف أن الشقق في أحد المباني التي كان يديرها "كان يتم تأجيرها لأسبوع أو شهر من دون الإعلان عن ذلك مطلقا".
أما رفعت الأسد، فإنه يعتبر أن التحقيق الذي يستهدفه مرده إلى دوافع سياسية. وقال: "أجد هذه المسألة غريبة (...) فهذه القضية لا تشرف فرنسا".