قال مسؤول يمني إن 185 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، قتلوا خلال تسعة أيام من المعارك في عدن، جنوبي
اليمن، حيث يشن تحالف عربي بقيادة
السعودية عملية عسكرية ضد المتمردين.
وأوضح مدير الصحة في عدن الخضر لصور أن "لدينا 185 قتيلا و1282 جريحا" سقطوا خلال الاشتباكات بين المتمردين واللجان الشعبية، ونقلوا إلى مستشفيات عدن منذ 26 الشهر الماضي، مؤكدا أن هذه الحصيلة لا تتضمن قتلى وجرحى الغارات التي يشنها التحالف العربي أو قتلى وجرحى "
الحوثيين ومن يحالفهم، لأنهم ينقلون الإصابات التي تقع في صفوفهم إلى مؤسساتهم الخاصة".
وتابع لصور أن 75 في المئة منهم مدنيون.
ودعا مدير الصحة في عدن المنظمات الدولية ودول الخليج المشاركة في التحالف العربي إلى إرسال مساعدات طبية عاجلة إلى مستشفيات المدينة، مشيرا إلى تراجع مخزون الأدوية، كما أن المستشفيات باتت "عاجزة عن مواجهة العدد المتزايد لضحايا" النزاع.
وتأتي هذه المطالبة في ظل إعراب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عن قلقها حيال تزايد أعداد الضحايا المدنيين نتيجة أعمال العنف والقصف.
وفي هذا السياق، عبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أسفها لمقتل اثنين من اليمنيين العاملين في الهلال الأحمر الجمعة أثناء إسعاف مصابين، بينما قتل أحد العاملين مع الهلال الأحمر في محافظة الضالع في جنوب اليمن قبل ثلاثة أيام، بحسب الصليب الأحمر.
وصرحت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس الخميس أن حصيلة ضحايا المعارك في اليمن بلغت في أسبوعين 519 قتيلا ونحو 1700 جريح.
وعبرت آموس عن "قلقها البالغ" على سلامة المدنيين العالقين في المعارك الدائرة في هذا البلد، وطالبت مختلف أطراف النزاع ببذل قصارى جهدهم لحماية المواطنين العاديين.
من جهته، أعلن صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 62 طفلا على الأقل قتلوا، وأصيب 30 آخرون، في المعارك الدائرة في اليمن، مطالبا بتأمين حماية للأطفال، ومشيرا إلى أن "المعارك أصابت الخدمات الصحية الأكثر بدائية بأضرار كبيرة وكذلك النظام التعليمي".
اجتماع لمجلس الأمن
وفي سياق متصل، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا السبت لبحث اقتراح روسي بهدف إرساء "هدنات إنسانية" في اليمن، حيث تمكن التحالف الذي تقوده السعودية من عرقلة تقدم المتمردين الحوثيين، بينما سيطر تنظيم القاعدة على مدينة كبرى في الجنوب.
ويثير الوضع في اليمن قلق الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية عبرت عن قلقها مرارا، خصوصا مع ارتفاع عدد المدنيين القتلى في المعارك.
وقال دبلوماسيون في نيويورك الجمعة إن مجلس الأمن الدولي سيعقد بطلب من روسيا اجتماعا مغلقا يبدأ مساء السبت.
وقال المتحدث باسم البعثة الروسية في الأمم المتحدة أليكسي زايتسيف إن المباحثات ستتناول "إمكانية إرساء هدنات إنسانية في الغارات الجوية".
ويأتي الاقتراح الروسي بعد مبادرة أخرى تقدمت بها دول الخليج التي تحاول إقناع موسكو بفرض عقوبات اقتصادية، وحظر على تسليم الحوثيين أسلحة، لكن روسيا التي تعارض هذه المبادرة اقترحت تعديل النص، ليصبح حظرا يشمل كل البلد وعقوبات محدودة.
الحوثيون يتقدمون بالمعلا
ميدانيا، اقتحمت خمس دبابات تابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، منطقة المعلا في محافظة عدن، جنوبي اليمن، وسط قصف مدفعي مكثف لأحياء سكنية، حسب شهود عيان.
وأفاد الشهود لوكالة الأناضول بأن خمس دبابات تابعة للحوثيين، اقتحمت منطقة المعلا من جهة الشرق، وسط قصف مدفعي متواصل من جبل حديد يستهدف الأحياء السكنية، لإجبار مسلحي "المقاومة الشعبية" على الانسحاب أمام تقدم القوات الموالية للحوثيين.
وكانت الاشتباكات قد تجددت في وقت سابق، بين قوات موالية للحوثيين ومسلحين تابعين لـ"المقاومة الشعبية" في مدخل منطقة المعلا، أثناء محاولة الحوثيين التوغل في الأحياء السكنية بالمنطقة، وترافق ذلك مع قصف مدفعي مكثف من قبل الحوثيين على تلك الأحياء، حسب شهود عيان.
وكان المتحدث باسم عملية "
عاصفة الحزم"، العميد ركن أحمد عسيري، قال إن قوات التحالف أسقطت سلاحا عبر المظلات لمقاتلي "المقاومة الشعبية"، في مدينة عدن، صباح الجمعة، فيما أفادت مصادر في "المقاومة" بحدوث عملية إسقاط للسلاح مماثلة فجر السبت.
وقد أسفرت الحملة العسكرية العربية التي بدأت قبل تسعة أيام في اليمن بقيادة السعودية عن عرقلة تقدم المتمردين في اليمن الغارق في الفوضى، حيث تمكن تنظيم القاعدة الجمعة من فرض سيطرته بشكل تام على المكلا، كبرى مدن حضرموت.
واستولى التنظيم على مقر المنطقة العسكرية الثانية في المكلا، وفرض سيطرته على مجمل المدينة، باستثناء المطار وبعض المراكز العسكرية، بحسب مصدر عسكري وسكان.
وقال المصدر العسكري إن المقاتلين الذين دخلوا المدينة الواقعة في جنوب شرق اليمن الخميس "استولوا بعد الظهر على المقر دون أي مقاومة"، مضيفا أن "قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء محسن ناصر مثنى والجنود انسحبوا من مقر القيادة باتجاه المواقع العسكرية المجاورة للمطار"، وهي المناطق الحساسة الوحيدة التي لا تسيطر عليها القاعدة.
وقبيل ذلك، سيطر المقاتلون من التنظيم على المرفأ، دون مقاومة تذكر، بحسب المصدر، مؤكدا أن "المطار والمواقع العسكرية القريبة لم تخضع لسيطرة القاعدة".
وقال شهود إن انصار القاعدة شاركوا في تظاهرة سيارة، رافعين راياتهم السوداء في شوارع المدينة البالغ عدد سكانها نحو 200 ألف نسمة.
ونظرا لحالة الهلع والخوف، بدأت عائلات بأكملها مغادرة المكلا، بحثا عن أماكن آمنة خارجها، كما أفاد شهود عيان.
وأكد محافظ حضرموت عادل باحميد في بيان إن ما "يجري مشهد ضمن سيناريو يراد منه إسقاط هذه المحافظة وأهلها في براثن الفوضى والاقتتال"، مضيفا أن "الأحداث أظهرت جليا حجم الخلل المتراكم في جاهزية عدد من أجهزتنا الأمنية ووحداتنا العسكرية الرسمية، ما حال دون قيامها بواجبها".
وندد بأعمال "السرقة والنهب وترويع الآمنين"، مشيرا إلى "ترتيب عدد من الحراسات لبعض المرافق والمصالح العامة لمنع ذلك".
وفي عدن، أرغمت الغارات الليلية المكثفة للتحالف العربي مسلحي الحوثي على الانسحاب من القصر الرئاسي الذي سيطروا عليه عصر الخميس إثر معارك اتسمت بالعنف، وانسحب الحوثيون باتجاه حي خور مكسر المجاور.
وبعد سيطرة المتمردين على القصر، وهو آخر رموز الدولة اليمنية الذي لم يكن خاضعا لهم، اندلعت اشتباكات مع "اللجان الشعبية" المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وقالت مصادر عسكرية إن الاشتباكات استمرت بشكل متقطع في الأحياء المجاورة للقصر الرئاسي ومطار عدن الذي تعرض للقصف ليلا من سفن حربية تابعة للتحالف العربي.
وفي محافظة إبين، قتل 11 متمردا في كمين للجان الشعبية الجمعة قرب لودر الخاضعة لسيطرة الميليشيات، كما قال أحد عناصر اللجان.
من جهة أخرى، تحدث ضابط لفرانس برس عن انقسامات في صفوف القوات المسلحة المؤيدة للحوثيين، قائلا إن "جنودا من اللواء 17 مشاة المنتشر قرب مضيق باب المندب تمردوا على قائدهم العميد محمد الصباري الذي انضم إلى الحوثيين الأسبوع الحالي".
وتواصل طائرات التحالف الذي تقوده السعودية، لليوم العاشر على التوالي، قصف مواقع عسكرية موالية للحوثيين أو للرئيس اليمني السابق في أنحاء متفرقة باليمن، وذلك ضمن عملية "عاصفة الحزم"، استجابة لدعوة الرئيس هادي، بالتدخل عسكرياً لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان الميلشيات الحوثية".