حول العالم

الطب البديل في سوريا.. منفذ تبتدعه الحاجة

الناس باتت تتوجه للطب البديل بعد نقص الأدوية الكيماوية في الأسواق - أرشيفية
يعرف الطب البديل بأنه "ممارسة للتطبيب، ولا تقع ضمن نطاق الطب التقليدي"، ومن البديهي أن ترتفع قيمة هذا البديل، في حال تضررت المنظومة الصحية التقليدية في زمن الحروب والكوارث، ولكن يبدو أن الموروث الشعبي في الحالة السورية، هو موروث معاد تماماَ للطب البديل.

ويتمثل أهم أسباب المعاداة من الوعي السوري الذي يخلط بين  التداوي بالأعشاب مع الشعوذة، والماكينة الإعلامية الضخمة التي تمتلكها الصناعات الدوائية السورية، والتي كانت تشهد انتعاشا، بالإضافة إلى غيرها من العوامل التي قللت إلى حد كبير من حضور هذا الطب في الساحة السورية، في الوقت الذي تطور فيه هذا الطب في بلدان قد تكون مجاورة، كما أطر  أكاديمياً حتى بات يدرس في عدد من الجامعات العالمية.
 
احتلت سوريا المرتبة الثانية عربيا بعد الأردن في انتاج الأدوية، وفي العام 2010، على سبيل المثال، صدرت سوريا الدواء إلى 54 دولة في العالم، بعد أن حققت الاكتفاء الذاتي إلا من بعض الأدوية وفي حالات محددة، بالتالي كان من الطبيعي أن يبتعد المواطن السوري عن الدواء الشعبي، فالأدوية متواجدة وبكثرة، والصيدليات منتشرة حتى في أصغر التجمعات السكانية.

أما في الوقت الراهن، فقد تضاءلت كمية إنتاج معامل الأدوية، نتيجة لتقلص أعداد المعامل، وتضرر الكثير منها، لاسيما تلك التي تقع في مدينة حلب، التي كانت تعتبر من أهم المدن السورية المنتجة للدواء، وباتت البلاد تعتمد على الاستيراد وبنسب كبيرة لتغطية حاجاتها من الأدوية، ما أسهم في ارتفاع أسعار الأدوية، ونقص لبعض أنواعها، وهذا النقص الحاد فرض البحث عن البدائل.
 
ومن هنا، يعلن رئيس قسم أمراض الكلى والشلل في الأكاديمية المفتوحة للطب التكميلي، الطبيب جهاد إبراهيم شحرور، عن توفر البديل، فالطبيعة السورية متخمة بالأعشاب الطبية، وحقولها تعد الأغنى عالمياً،  وذلك لأنها موطن أصلي لنباتات طبية يندر العثور عليها في بلدان أخرى من العالم.

ويوضح شحرور في حديثه لـ"عربي 21" وهو المدرس للطب التكميلي في بلدان المغرب العربي، والمحاضر في دول أوروبية بالقول، من الصعب حصر أصناف الأعشاب الطبية السورية النادرة، و من هنا قد تكون كلفة التداوي بالأعشاب في سوريا هي الأقل عالمياً.
 
وبالرغم من أن شحرور يعتبر الأول عربيا في علاج الفشل الكلوي والشلل الدماغي، إلا أنه يعبر عن أسفه، لأن غالبية المرضى الذين كانوا يأتون إليه لطلب العلاج عندما كان متواجدا في سوريا، هم من جنسيات مختلفة، وغير سوريين، مرجعاَ ذلك إلى غياب ثقافة الطب البديل عن الشعب السوري؟

وحول الفرق بين الطب البديل والطب التكميلي، قال: "لايوجد فرق جوهري بينهما، لكن الطب التكميلي يستخدم إلى جانب الطب التقليدي، ويعتمد في الغالب على التغذية العلاجية، والوخز بالإبر الصينية، والأعشاب أيضاً".

ويشرف الشحرور على مركز لعلاج الشلل الدماغي في مدينة أورفة التركية، ويقدم المركز خدماته الطبية للسوريين مجاناً، وذلك بالتعاون مع جمعيات خيرية تهتم بالشأن الصحي.

ومن جانبه، لخص الصيدلي زكريا لـ "عربي 21"الأسباب التي قللت من حضور الطب البديل في الساحة السورية، بعدم ثقة المواطن السوري بمن يعمل في مجال العلاج بالأعشاب، منوهاً إلى أن الكثير منهم على جهل تام بقواعد ممارسة هذه المهنة.

وقال زكريا: "الطب البديل منفذا ابتدعته الحاجة، لأن الكثير من أنواع الأدوية باتت غير متوفرة في السوق، كما أن غالبيتها تأتي إلى البلاد بطرق غير شرعية، ولا يتم مراقبتها بمخابر تحدد جودتها، أو صلاحيتها للاستخدام من عدمها".