ليلة بعد ليلة يتكرر الأمر رغم أنه لا طائل من ورائه. يصوب المقاتلون
الحوثيون في
اليمن بنادقهم عاليا في اتجاه مقاتلات "إف 15"
السعودية ويطلقون النار وهي تهدر فوق الرؤوس.
غير أن بنادق الكلاشنيكوف التي يتسلح بها المقاتلون ستكون سلاحا ذا فعالية أكبر إذا ما قررت السعودية خوض حرب برية.
وقالت القاهرة والرياض هذا الشهر إنهما تدرسان تنظيم "مناورة عسكرية كبرى" في السعودية في خطوة تقرب التحالف الذي يقصف الحوثيين من الجو بقيادة السعودية، من تنفيذ تهديده بشن عملية برية عبر الحدود الجنوبية للمملكة في اليمن.
ولم تحقق الضربات الجوية تقدما يذكر منذ بدأت في 26 آذار/ مارس ردا على سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على مساحات كبيرة من اليمن. ويرى السعوديون وحلفاؤهم في تحركات الحوثيين امتدادا غير مقبول لنفوذ إيران في منطقة تعتبرها الرياض فناء خلفيا لها.
ويشعر الحوثيون بالثقة في أن ما تمتعوا به من خبرات في الحرب الجبلية في معقلهم بشمال البلاد، سيجعل خصومهم يترددون في اتخاذ قرار الحرب البرية.
وأدت حرب بين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من السعودية في عامي 2009 و2010 إلى سقوط نحو 200 جندي سعودي قتلى.
وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين إن "التحالف الأمريكي السعودي يدرك أن الغزو البري سيفشل، لا سيما مع التقدم المستمر للجيش مدعوما (بالمقاتلين الحوثيين) على جبهات مختلفة".
ورغم أنهم أقل سلاحا من خصومهم يصر المقاتلون الحوثيون على أنهم يحققون النصر في ما يصفونها بأنها ثورة على متشددي تنظيم القاعدة وعملاء الغرب الفاسدين. وتقدم الحوثيون الشيعة سيرا على الأقدام وبشاحنات بيك أب، في المعارك في مختلف أنحاء اليمن.
ويعد خصومهم على الأرض مزيجا من وحدات الجيش التي ما زالت موالية للحكومة المدعومة من السعودية، والتي هرب قادتها إلى الرياض، واليمنيين من السنة وبعض المتشددين.
وخاطب مقاتل حوثي بوجه مبتسم يرتدي سترة مموهة، هؤلاء الخصوم عبر قناة التلفزيون الخاصة بالحوثيين في قاعدة للجيش سيطر عليها الحوثيون في الآونة الأخيرة في محافظة إب الوسطى..
وقال المقاتل وقد تزاحم حوله عدد من رفاق السلاح وهم يحاولون إبراز أسلحتهم أمام الكاميرا: "نقول لكم إن آل سعود وأمريكا وإسرائيل لن تتمكن من مساعدتكم".
حلفاء أقوياء
ظلت الدولة اليمنية تقصف الحوثيين الذين تمردوا عليها في ست حروب سويت فيها قرى بالأرض في المناطق الجبلية الشمالية، حيث تعيش الطائفة الشيعية الزيدية وذلك في الفترة من 2002 إلى 2009.
لكن الجيش فشل في قمع المقاتلين.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي زحف الحوثيون على صنعاء وسيطروا عليها وعلى جانب كبير من البلاد.
وساهم في تسهيل مهمة الحوثيين تحالفهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح والموالين له في الجيش.
وقد حكم صالح اليمن لما يربو على ثلاثين عاما، وكان الجيش أداته في محاربة الحوثيين. غير أنه بعد تفجر احتجاجات الربيع العربي واضطراره لترك السلطة عام 2012، اتحدت أهدافه مع أهداف خصومه السابقين لتسوية الحسابات مع أنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي خلفه وتدعمه السعودية.
وتنفي إيران وجماعة الحوثي وجود علاقات عسكرية أو اقتصادية تربط بين الطرفين، لكن مسؤولا إيرانيا كبيرا قال في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إن بضع مئات من العسكريين الإيرانيين موجودون في اليمن لتدريب المقاتلين الحوثيين وإن حوالي 100 من المقاتلين اليمنيين سافروا إلى إيران خلال السنة.
وقال عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي الأحد، إن اليمن لن يستسلم وتعهد بمواصلة المقاومة بكل الوسائل الممكنة.
ويقول مسؤولون حوثيون إنهم يسعون للتوصل إلى حل للأزمة السياسية عن طريق التفاوض، لكن الحرب البرية قد تفيدهم.
وقال فارع المسلمي الباحث في مركز كارنيغي الشرق الأوسط، إن "فكرة الحرب عموما لم تكن شيئا يخشاه الحوثيون، وإذا تحولت إلى غزو بري فهذا سيمنحهم ورقة جديدة نظرا لخبراتهم".
وأضاف أن "هذه الجماعة لم تأت للسلطة عن طريق الانتخابات بل عن طريق القوة، ولن يمكن التأثير على تحركاتها مستقبلا مهما كانت الضغوط عليها وعلى الشعب اليمني".
خناجر ودبابات
واقتنع الحوثيون بفضل ما أحرزوه من تقدم أن بإمكانهم تخليص البلاد من المتشددين السنة الذين نددوا بهم ووصفوهم بالكفر وبأنهم يستحقون القتل، ونفذوا في الشهر الماضي تفجيرين في مسجدين شيعيين في صنعاء، فقتلوا ما لا يقل عن 137 مصليا.
ويعد فرع تنظيم القاعدة في اليمن من أكثر فروع التنظيم طموحا. ويخوض التنظيم حملة على الدولة اليمنية منذ عشر سنوات، كما أنه خطط لتفجير طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة.
وقال البخيتي: "نحن نتصدى لمليشيات هادي التي تضم عناصر من القاعدة من أجل تخليص الجنوب من نفوذ القاعدة".
ويقاتل الجنود والمقاتلون الحوثيون على جبهة تمتد مئات الكيلومترات.
ومع ذلك، فقد كانت التحالفات ضعيفة على الدوام في اليمن. وقال صالح في مقابلة يوم الأحد إنه سيتعامل بإيجابية مع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو لوقف إطلاق النار ما يؤكد الشكوك التي تحوم حول تحالفه مع الحوثيين.
وقال سياسي يمني طلب عدم استخدام اسمه لأسباب أمنية، إن "دور جيشه (صالح) في الجبهة غير واضح. ومن الواضح أن الحوثيين لديهم إرادة حقيقية وهيكل قيادة موحد تفتقر إليه وحدات الجيش".
وبالنسبة للمقاتلين العاديين من الحوثيين مثل محمد العسيري في صنعاء، فإن قنابل الدول المجاورة وقرارات الأمم المتحدة لا تكفي لتقييد طموحاتهم.
وقال العسيري: "الشعب اليمني سيحاسب مجلس الأمن، وأي دولة تقصف اليمن أو تفرض عليه الحصار".