صدرت صحيفة "الدستور"
المصرية، لليوم الثاني على التوالي، بعناوين مثيرة، وصفحات كاملة، مؤكدة "انهيار جهاز الشرطة أخلاقيا وأمنيا، بشكل لم تشهده البلاد من قبل"، ومحذرة من "عودة بطش الداخلية، وإهدار كرامة المواطنين علنا".
ويرأس مجلس إدارة "الدستور" رجل الأعمال القبطي رضا إدوارد، والجريدة معروفة بأنها من أشد الصحف تأييدا للانقلاب العسكري، وقائده عبد الفتاح
السيسي، ولطالما شنت حملات واسعة على الرئيس الدكتور محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، وجعلت نفسها منصة إطلاق لحملات كراهية وتحريض كبيرين على حكم الإخوان، وعلى التيار الإسلامي، متماهية مع جبهة الإنقاذ وحركة "تمرد" قبل مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، التي أعقبها الانقلاب.
وفي عددها الصادر الأحد، نشرت الصحيفة ملفا، أعادت نشره الاثنين، واحتل ثلاث صفحات كاملة، استجابة لرغبة القراء، كما أوضحت، فيما يمثل "انقلابا" من الصحيفة على "الانقلاب"، الذي طالما دافعت عن سلوك أفراد الشرطة، في ظلاله، تحت لافتة "محاربة الإرهاب"، وفق مراقبين.
وقالت الصحيفة: "ما زال بعض رجال الشرطة يمارسون القمع والتنكيل بالمواطنين، وما زال بعض الضباط يعدّون أنفسهم فوق القانون، وما زالت تجاوزات الشرطة في السجون والأقسام، بدليل مقتل المحامي بقسم شرطة المطرية، جراء التعذيب، ومشاجرة ضابط وصديقه بسبب فتاة داخل ديسكو في الجيزة، وترويع ضابط سكان عقار بالهرم، وتورط ضابط في قضية تزوير أوراق للسيارات المسروقة، وآخر في تعاطي مواد مخدرة وحيازتها ".
وأكدت الصحيفة أن التجاوزات الأخلاقية لكثير من ضباط الشرطة فاقت كل الحدود والتصورات، وعددت الصحيفة منها: "فساد مطلق.. ورشوة علنية.. وتستر على صغار الضباط المدمنين الذين يتعاطون المخدرات.. وأعمال قرصنة وبلطجة وضرب مبرح، وإهدار لكرامة المواطنين، داخل الأقسام وخارجها، وتلفيق الاتهامات والقضايا، حسب مزاجهم، وتوجهاتهم".
وأشارت الصحيفة إلى "سوء معاملة جميع المواطنين في الكمائن المرورية المنتشرة في شوارع القاهرة ليلا، والأخطر محاولات التحرش الدائمة من هذه الكمائن للفتيات الجميلات المحترمات اللاتي يقدن سياراتهن بمفردهن، فقد أصبحت الفتيات يرتعشن خوفا منهم، وكان المفروض أن يكون الضابط هو مصدر الأمان للشارع، وتوجهاتهم"، وفق الصحيفة.
واستطردت "الدستور": "عمليات البيع والشراء للمخدرات والهيروين من الموزعين والمتعاطين تتم على مرأى ومسمع من ضباط الشرطة، وبطريقة علنية، وبشكل يصعب تصديقه أننا نعيش هنا في مصر".
وأقرت الصحيفة بأن "هذه الانحرافات والانتهاكات الفجة تضاعفت عشرات المرات بعد ثورة 30 يونيو".
وأضافت أنه من نماذج هذه الانحرافات الخطيرة تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي قال: "أوضاع السجون في مصر مأساوية، ولا تتفق مع المعايير الدولية، وضباط الداخلية يعذبون السجناء في زنازين غير آدمية، وهناك قصور في التغذية والأدوية، وانتشار الأمراض المعدية".
وأشارت الصحيفة إلى استعانة أمين شرطة بقسم بولاق أبو العلا برئيس المباحث للانتقام من عائلة نسيبه، ومديرة مدرسة استعانت بأمناء شرطة المرج لسحل ربة منزل، وقيادة أمين شرطة سيارة مسروقة في واقعة تمثل جبروت بعض أمناء الشرطة، وحبس أمين شرطة لاتهامه بالتزوير في أوراق رسمية.
وتابعت الدستور: "في عز الظهر: برشام وحشيش وهيروين وبانجو.. حيث تتم تجارة السموم تحت أعين ضباط وأفراد الداخلية، ودواليب المخدرات تنتشر بالشوارع.. بينما الشرطة محلك سر، والدولة تقف في صفوف المتفرجين".
واتهمت الدستور "أصحاب النفوس الضعيفة من ضباط وأفراد المرور" بأنهم "يستغلون مهنتهم للتربح"، وأن "أبو صير" بؤرة تجارة السلاح بالجيزة" التي أصبحت "خارج نطاق السيطرة"، مشيرة كذلك إلى أن 10 أيار/ مايو المقبل سيكون أولى جلسات محاكمة ضابط شرطة لاتهامه بقتل الناشطة "شيماء الصباغ".
هل هو انتقام من ثورة 25 يناير؟
وفي عدد الصحيفة الصادر الاثنين، طرحت "الدستور" علي قرائها تساؤلا، في صدر صفحتها الأولي، بعناوين عريضة تقول: "هل بالفعل كانت هناك ثوره في مصر يوم 25 يناير؟ أم كانت حبرا علي ورق؟!".
وأجابت الصحيفة: "علينا أن نكون على ثقة بأن قوة اندفاع الشعب وتأييده لثورة 25 يناير كان سببه الحقيقي والرئيسي هو انهيار كرامة المواطنين أمام بطش الداخلية وانحرافاتها، واليوم وبعد أربع سنوات من الثورة، يعود بطش الداخلية، وانهيار كرامة المواطنين، وانحرافات لم يسبق لها مثيل بعشرة أضعاف ما قبل ثورة 25 يناير".
وشددت الصحيفة على أن "الفساد استشرى في الداخلية بشكل مريب، وغير مسبوق في مصر، بل إنه لم يحدث على الإطلاق في أي عهد من العهود السابقة".
وتابعت: "السؤال المهم الذي يجب بحثه الآن، ومداولته مع كبار الأطباء النفسيين في مصر هو: هل ينتقم الآن ضباط الداخلية من الشعب بجميع فئاته ومستوياته التعليمية والثقافية بعد أن طالبوا بالإطاحة بهم في ثورة 25 يناير؟".
وتابعت: "السؤال الآخر: هل الشرطة لم تقبل حتى الآن اعتذار الشعب رغم الهتافات لهم عشرات المرات، وفي جميع المناسبات: "الشرطة والشعب إيد وحدة"؟.
وكشفت الصحيفة عن "محاولة السادة القائمين على مكتب الإعلام بالوزارة عرقلة طبع ونشر جريدة "الدستور"، مشيرة إلى أنه لم تنجح أمس محاولات التخويف والترهيب من البعض مع رئيس مجلس إدارة الجريدة لمنع الطبع، لكنه أصر على النشر".
وقالت الصحيفة إنها "تتلقى على مدار 24 ساعة جميع البلاغات التي تمس كرامة المواطنين، وسنوالي نشرها للعرض على الرأي العام في مصر".
ضم الجريدة لملف أسود
إلى ذلك، قررت لجنة "رصد انتهاكات الداخلية في عهد وزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم"، بنقابة المحامين، ضم نسخة من العدد الورقي لعدد الدستور بتاريخ الأحد 5 نيسان/ أبريل 2015 الجاري لـ"الكتاب الأسود" الذي قررت النقابة وضعه متضمنا الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في عهد محمد إبراهيم، وذلك في "ملف أسود".