حفلت الصحافة
الإسرائيلة الصادرة، الأحد، بالمقالات والتحليلات التي امتدحت اتفاق الإطار الذي تمّ عقده بين
إيران والدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة، كونه مفيدا لإسرائيل من الناحية الاستراتيجية والأمنية، ولأنه لن يمس بقدرتها على الردع وسيعزز مكانتها الإقليمية، فضلا عن أنه اتفاق معقول بالنسبة للتنازلات التي قدمتها إيران، وأخيرا لأنه يشكل أدنى درجات السوء بالنسبة لإسرائيل، خاصة مع وجود الكثير من الإيجابيات التي قدمها للدولة العبرية.
وقال المحلل الإسرائيلي ألون بنكاس إن
الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران جاء جيدا لكل من أمريكا وإسرائيل، وهو من زاوية النظر الاستراتيجية لإسرائيل يصب في مصلحة أمنها القومي، ويزيد من مكانتها الإقليمية.
وأكد بنكاس في مقالته بصحيفة "يديعوت" الأحد، أن الاتفاق لا يمس بقدرة إسرائيل على الردع ولا يعرضها لمخاطر أكبر مما كانت من قبل.
وشدد الكاتب على أن اتفاق الإطار جاء أفضل مما كانت تأمله إسرائيل في العشرين سنة الأخيرة.
وقلل من أهمية صرخات الاستنجاد التي تصدر من إسرائيل وكأن الاتفاق النووي يهدد البشرية، منوها إلى أن الحكمة السياسية في الساحة الدولية تستدعي من إسرائيل غير ذلك.
وأشار بنكاس إلى عدة مواضيع ذات مغزى بالنسبة لإسرائيل لم يتم الاتفاق عليها بعد، وتتمثل في: رفع العقوبات فورا أو تدريجيا، وما إذا كانت كل المنشآت النووية ستخضع للرقابة أم لا، فضلا عن إقامة الآلية التي تضمن أن إيران تلتزم فعلا بالاتفاق.. وأخيرا تخفيف المستوى أو نقل مخزونات الوقود النووي إلى خارج ايران.
وتابع قائلا، إنه إذا ما نضجت خطوط الإطار إلى اتفاق تفصيلي، حتى 30 حزيران/ يونيو، فإن هذا اتفاق يمكن لإسرائيل أن تكون راضية عنه.
وأكد أنه لا توجد اتفاقات مثالية في مثل هذا الوضع، والبديل لهذا الاتفاق هو الحرب. ونوه إلى أن إسرائيل يمكنها أن تنسب لنفسها تحريك مسيرة أدت إلى مثل هذا الاتفاق، بدلا من عرضها لسيناريوهات رعب وعزل نفسها بصفتها الدولة الوحيدة في العالم التي لا ترى أي جانب إيجابي في الاتفاق.
وختم بالقول إنه كان يمكن لإسرائيل أن تستقبل الاتفاق بإيجابية، وأن تقف إلى جانب الولايات المتحدة والقوى العظمى وأن تقول: "تعالوا نعطي فرصة لهذا، نشتبه، نفحص ونرى"، ولكننا سنعطي هذا وقتا، على حد تعبيره.
وشدد على أن المواجهة العلنية التي أجراها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع أمريكا لا تخدم أي مصلحة إسرائيلية؛ بل إنها تؤثر على علاقات إسرائيل مع العالم بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص. وبعد كل هذا، فإن المسألة المركزية التي على إسرائيل أن تستوضحها من أمريكا ليست البرنامج النووي الإيراني، بل إنها مكانة وسلوك إيران الجغرافي السياسي.
المحلل العسكري يوسي ملمان، يرى أن من مصلحة إسرائيل لو أنه لم يكن هناك اتفاق واستمرت العقوبات. مستدركا بالقول: "لكن أما وقد حدث، فيجب الاعتراف بحق بأنه معقول. فالتنازلات الهامة قامت بها إيران".
ويرى ملمان في مقالته بصحيفة "معاريف"، الأحد، أنه من المهم إبقاء دلائل استقلال نووي لإيران، وإن كان بثمن إبعاد قدرتها لمدة سنة عن إنتاج السلاح، فيما لو خرقت الاتفاق وانطلقت نحو إنتاج القنبلة.
أما المحلل العسكري لصحيفة "معاريف" بن كسبيت، فيرى في الاتفاق الذي جرى "أدنى درجات السوء"، إذ إنه احتوى على عدد من البنود المهمة والإيجابية لإسرائيل.
ومع أن الاتفاق كان من الممكن أن يكون أفضل لو أن إسرائيل لعبت دورا مختلفا؛ فإن الاتفاق لا يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل كما قال نتنياهو، بحسب "معاريف"، الأحد.
ونوه بن كسبيت إلى أنه كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل، لو أن الأمريكيين كانوا يعرفون إدارة المفاوضات مع الفرس، أو أن الولايات المتحدة أرست حاملتين أو ثلاث حاملات طائرات في الخليج، أو أن الخيار العسكري الأمريكي كان أكثر جدية، أو أن المتحدثين الأمريكيين بما فيهم الرئيس أوباما نفسه لم يتصرفوا بسذاجة غبية إلى هذه الدرجة وشرحوا لكل من يريد أن يفهم إلى أي درجة يتوقون إلى الوصول إلى اتفاق، وإلى أي درجة يشكل الاتفاق خيارهم الوحيد، وإلى أي درجة بالضبط سيجلب الاتفاق النتائج المأمولة.
وتابع قائلا في الشرق الأوسط، إن الجميع يعرفون أنه ليس بالإمكان التجول بدون عصا طويلة في يد واحد على الأقل. الأمريكيون في عهد أوباما وضعوا العصا في المخزن. الآن يأملون بإحداث تغيير تاريخي بميزان القوى في الشرق الأوسط من خلال هذا الاتفاق مع إيران.
وأكد أن على إسرائيل التعايش مع الأمر، وليس هناك سبب لحالة الهلع. وخلافا لما قاله بنيامين نتنياهو في نهاية الأسبوع فإن مسودة الاتفاق مع إيران لا تهدد وجود إسرائيل، ويمكننا مواصلة الاحتفال بعيد الفصح وستشرق الشمس غدا. وكما يبدو بعد غد، فإن هذه الصفقة لن تُحسم في الأسابيع القريبة، والحديث يدور هنا عن عملية طويلة الأمد نتائجها لن تُحسم بالخطابات ولكن بالأفعال.