بخلاف الانطباع الذي يحاول تكريسه رئيس الوزراء
الإسرائيلي، بنيامين
نتنياهو، فإن عدداً من المعلقين الصهاينة يرون أن اتفاق الإطار الذي وقعته
إيران مع الدول العظمى في "لوزان" بشأن مستقبل برنامجها النووي يصب في صالح إسرائيل، وأن انتقادات نتنياهو مبالغ فيها إلى حد كبير.
وأعاد بعض هؤلاء المعلقين للأذهان حقيقة أن بنود الاتفاق نسفت تحديداً المرتكزات التي استند إليها نتنياهو في خطابه الأخير أمام الكونغرس، الذي حذر فيه من أن الاتفاق المتبلور يشكل تهديداً للعالم بأسره.
فقد أشار الصحفي باراك رفيد إلى حقيقة أن الاتفاق قد حول حصيلة الجهود التي بذلتها إيران في تطوير برنامجها النووي إلى سدى، بعد أن التزمت بالتخلص من عشرة أطنان من اليورانيوم المخصب، التي أمضت أكثر من عقد من الزمان في تخصيبها، واستثمرت في سبيل ذلك موازنات ضخمة وخصصت إمكانية مادية وبشرية كبيرة.
وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة "هارتس" في عددها الصادر، الجمعة، أضاف رفيد: "عندما نعمق النظر في تفاصيل الاتفاق، فإننا سرعان ما نكتشف نقاطاً كثيرة تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية وتوفر تطمينات على مصادر القلق الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن جل ما حققته إيران تمثل في الحفاظ على الكرامة وماء الوجه من خلال السماح لها بالاحتفاظ بمنشآتها النووية، دون أن تكون هذه المنشآت ذات جدوى حقيقية.
وأشار رفيد إلى أن الدول العظمى نجحت في فرض قيود صارمة على البرنامج النووي الإيراني ستستمر لجيل كامل، مشيراً إلى أن الاتفاق نص على أنه لن يكون بوسع إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة أكبر من 3.5%، وذلك لتخليص قدرة طهران على توظيف هذا اليورانيوم في إنتاج السلاح النووي.
وحتى معلق الشؤون السياسية في القناة الإسرائيلية الثانية، أودي سيغل، الذي يوصف بأنه من "صحفيي البلاط" بسبب قربه من ديوان نتنياهو، أقر بأن الاتفاق يضم بنوداً إيجابية جداً، وعلى رأسها موافقة إيران على نظام رقابة غير مسبوق في صرامته وتعمقه.
وفاجأ الاتفاق حتى وزير الحرب السابق إيهود براك الذي أقر بأن الاتفاق "أقل سوءاً" مما اعتقد في السابق، منوهاً إلى أن الدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة استغلت حاجة إيران الماسة للتخلص من العقوبات الاقتصادية، وتمكنت من ابتزازها لدرجة تقديم تنازلات لم يكن لأحد أن يحلم بها.
ويرى المراقبون في تل أبيب أن حرص نتنياهو وأركان حكومته على شيطنة اتفاق "لوزان" رغم ما يتضمنه من إنجازات لإسرائيل، يهدف بشكل أساسي لممارسة أكبر ضغط على إدارة الرئيس أوباما لتبدي تشدداً في المفاوضات على التفاصيل في الاتفاق النهائي، الذي يفترض أن يتم التوصل إليها في نهاية حزيران/ يونيو المقبل.
فقد كشف معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة العاشرة، موآف فاردي، النقاب عن وجود تنسيق مستمر بين ديوان نتنياهو وقادة الكونغرس حول آليات الضغط التي يتوجب ممارستها على أوباما، لإرغامه على فرض مزيد من القيود في الاتفاق النهائي.
وخلال تعليقه مساء الخميس الماضي على الاتفاق، نوه فاردي إلى أن نتنياهو يعي أنه من خلال الانكباب على البنود التفصيلية في الاتفاق النهائي، بالإمكانة تحقيق المزيد من المكاسب.