كتاب عربي 21

حول قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة بخصوص الأوضاع في ليبيا

1300x600
أثارت قرارات مجلس الأمن الأخيرة جدلاً في أوساط الأطراف المعنية بالشأن الليبي محلياً وخارجياً. ففي حين شددت القرارات على عدم رفع الحظر، فإن بعض فقراتها تضمنت ما يمكن استخدامها كغطاء لدعم أحد طرفي الصراع عسكرياً، منها الفقرة التي حث فيها المجلس لجنة العقوبات على سرعة النظر في طلبات التسليح لمكافحة الإرهاب والمجموعات الإرهابية في ليبيا.
 
ومدد مجلس الأمن لرئيس البعثة الأممية  في ليبيا، برننادينو ليون، مما يشير إلى دعم المجلس لجهوده والرضى عن مساعيه. 

ولاعتبارات تتعلق بتردي الوضع الأمني في البلاد، ركزت معظم الفقرات على الوضع الأمني وعلى الدعوة لمجابهته، منها القلق من انتشار الأسلحة والذخائر، ومن الاتجاه المتزايد لإعلان الجماعات الإرهابية في ليبيا ولاءها لتنظيم الدولية الإسلامية، والمطالبة باتخاذ تدابير أمنية مثل الوقف الفوري لإطلاق النار.

ولوح المجلس في قراراته بالعصا بدعوته "الحكومة الليبية" إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وحث الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على تقديم طلبات إلى لجنة مكافحة الإرهاب لإدراج الأشخاص والكيانات التي تدعم تنظيم الدولة الإسلامية وأنصار الشريعة. 

الأطراف التي تحفظت على القرارات ترى أنها تصب في اتجاه تأجيج النزاع القائم وليس احتواءه، وقد ورد في الخطاب الرسمي وشبه الرسمي المصري ما يشير إلى تماهي القرارات مع السياسة المصرية تجاه ليبيا، ودعوة الحكومة المصرية المجتمع الدولي إلى التدخل في ليبيا للتصدي للإرهاب. 

ومن الواضح أن المجلس يستجيب لقلق الأطراف الأوروبية من تنامي التشدد في ليبيا ومن تمدد تنظيم الدولة في البلاد، فقد وردت إشارات واضحة في القرار الثاني لخطر تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم الدولة الإسلامية. ولا غرو أن الأطراف الغربية تتوجس من تنامي الإرهاب في ليبيا، لكن القرارات لم تربط بين استراتيجية مواجهة الإهارب ومعالجة الشرخ السياسي والانقسام الراهن، وهو خلاف ما دندن حوله الساسة الغربيون في تفسير دعمهم للحوار في ليبيا، وهذا ما يفسر ترحيب أهم العواصم الأوروبية بالقرارات.

ويؤكد ما سبق الإشارة إليه تضمن القرار الثاني الدعوة لتكليف "خبراء الأمم المتحدة" برصد نشاط كافة الجماعات والأنشطة الإرهابية في ليبيا، بما في ذلك مصادر تسليحها وتمويلها، والأطراف والدول الداعمة للجماعات الإرهابية والمتطرفة. وهي فقرة متعلقة بالتنظيمات الإسلامية المتشددة ومن يدعمها، ولا علاقة لها بتعميم توصيف الإرهاب ليشمل السلوك الإجرامي وما يترتب عليه من دمار، بغض النظر عن هوية مرتكبه، كما يطالب أنصار فجر ليبيا، ليشمل العقاب حفتر وعملية الكرامة.

ويبدو أن الأطراف الدولية لم تغفل عما وصفته في بياناتها السابقة "اعتداءات حفتر" ومن ناصره ضمن عملية الكرامة، حيث تضمن القرار الثاني دعوة لتطبيق عقوبات تتمثل في حظر السفر وتجميد الأصول على كل من يثبت انخراطه أو تقديمه للدعم، أو قيامه بأعمال تهدد السلام والاستقرار أو الأمن في ليبيا، بما في ذلك تنفيذ هجمات ضد أي موانئ جوية أو برية أو بحرية في ليبيا، أو ضد مؤسسات الدولة أو البعثات الأجنبية أو المنشآت النفطية.

كما تشمل العقوبات من قدم الدعم للجماعات المسلحة من خلال استغلال النفط الخام والموارد الطبيعية، أو هدد المؤسسات المالية أو النفطية التابعة للدولة الليبية، أو انتهك أو ساهم في التهرب من الحظر المفروض على الأسلحة، أو عمل لصالح أو نيابة عن شخص أو كيان مدرج على قائمة الإرهاب. وتناول القرار بعض التدابير التي تضمن منع تصدير النفط بطريقة غير مشروعة.

ما يمكن الخلوص إليه أن القرارات جاءت استجابة لضغوط بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، التي تنسق مع أطراف إقليمية متورطة في التدخل في الشأن الليبي، ولم تراع التوازن المطلوب في التعامل مع الأطراف المتنازعة لأجل ضمان نجاح الحوار القائم، إذ من المتوقع أن تعتمد أطراف إقليمية وأطراف محلية على القرارين الدوليين بالاتجاه إلى مزيد من التصعيد العسكري، الذي من المؤكد أنه سيكون أحد أسباب فشل التفاوض القائم.