تهدد العديد من
الأمراض الصحة العامة في
دمشق وريفها على مدى العامين الماضيين، وهذا ما سبب حالة من الفوضى والذعر بين السكان، وقد سُجلت في الأيام القليلة الماضية حالات لأمراض مختلفة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، كان أبرزها التهاب الكبد الوبائي، في حين أن الوضع في المناطق المحاصرة أكثر سوءاً.
وقد عقدت أجهزة النظام السوري المعنية عدداً من الاجتماعات لبحث الموضوع في الأيام الماضية، والخروج بتصريحات لطمأنة السكان، والتخفيف من حالة الرعب، وسط غياب أي إحصاءات رسمية أو مراكز صحية مختصة بتشخيص الأمراض والأوبئة، في ظل فقدان الأدوية واللقاحات اللازمة.
أما في المناطق المحاصرة فالوضع أسوأ بكثير، فقد أصيب الكثير من المحاصرين في غوطة دمشق وجنوبها بشكل خاص؛ بالتهاب الكبد الوبائي وغيره من الأمراض.
وأوضحت الدكتورة غادة رمضان، من جنوب دمشق، أن عدداً من
الأوبئة بدأت بالظهور في الجنوب الدمشقي منذ منتصف العام الفائت، كما بلغ عدد المصابين بالحمى التيفية منذ بداية العام الحالي 93 حالة، فيما أصيب 1300 شخص بمرض اليرقان، وسجلت ست إصابات بالسل الرئوي.
وأرجعت الدكتورة رمضان، في حديث لـ"عربي21"، انتشار هذه الأوبئة إلى انقطاع المياه الصالحة للشرب، وتلوث المياة المستخدمة بمياة الصرف الصحي التي يستخدمها المزارعون لسقاية الحقول نتيجة الحصار المفروض على المنطقة. وسببت هذه الأمراض حتى الآن ثلاث حالات وفاة في جنوب دمشق وحدها.
وقالت رمضان: "علاج هذه الأمراض ليس بالأمر المعقد في الأحوال العادية، لكنه بالغ الصعوبة في ظلّ الحصار المفروض على جنوب العاصمة دمشق. فمريض التهاب الكبد بحاجة لكواشف مخبرية لتحليل خمائر الكبد في الدم، أما مريض الحمى التيفية فهو بحاجة إلى كميات كبيرة من الصادات غير متوفرة بالأصل، في حين أن مريض السل الرئوي فحالته هي الأخطر وتحتاج إلى حجر صحي واستخدام أدوية خاصة بالمرض، تدعى العلاج الرباعي، وهي غير متوفرة على الإطلاق".
وبحسب ناشطين من الغوطة، فإن الوضع الصحي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، نتيجة الحصار الخانق المفروض على غوطة دمشق منذ أكثر من عامين ونصف.
يقول عبد الرؤوف، وهو عامل في أحد مشافي العاصمة ضمن المناطق التي يسيطر عليها النظام، إن الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعاً صاروخياً بأعداد المصابين بالتهاب الكبد الوبائي، أو ما يعرف باليرقان، مما سبب حالة من الفوضى في العاصمة دمشق، فاندفع المئات إلى شراء أنواع متعددة من الأدوية وتخزينها، وهو ما استغلة عدد من المحتالين فقاموا ببيع كميات كبيرة من الحقن في الشوارع على أنها ترياق مخصص لليرقان، في حين يعرف عن المصاب باليرقان حساسيته المفرطة لتناول أي نوع من الأدوية، الأمر الذي قد يودي بحياة المريض.
وقد ساهم في انتشار هذه الأمراض في دمشق وريفها غلاء ثمن الأدوية الطبية، إن وجدت أصلاً، فضلاً عن انهيار القطاع الصحي في المناطق المحاصرة، والأجواء المليئة بالملوثات، كأكوام القمامة في بعض المناطق، أو التي تنتشر فيها الكلاب الشاردة بكثرة وتتجول بكامل حريتها حتى في أحياء العاصمة، وهي ظاهرة غريبة من نوعها في دمشق ومستهجنة من سكانها.
وعلى الرغم من سوء الحالة الصحية في دمشق وريفها بشكل عام، خرج وزير الصحة في حكومة النظام السوري ليعلن أن المرض عند معدلاته الطبيعية ولم يبلغ مرحلة الوباء، في الوقت الذي توفي فيه خمسة أشخاص داخل العاصمة دمشق جراء إصابتهم باليرقان، مع العلم بأن الأدوية متوفرة إلى حد ما في العاصمة والمشافي مجهزة لمعالجة مختلف الحالات.
وتحدثت مصادر طبية عن تسجيل عدد من حالات إنفلونزا الخنازير التي تتم معالجتها في مشافي العاصمة الحكومية، وسط تكتم شديد من النظام، لطمأنة السكان، خاصة بعد أن نفت وزارة الصحة انتشار إنفلونزا الخنازير وحجّمت مخاطر انتشار اليرقان.