عاد السلطان
قابوس إلى سلطنة عُمان بعد ثمانية أشهر من العلاج في ألمانيا، وسط ظروف مرتبكة تشهدها منطقة الخليج العربي، ومن أبرزها أوضاع
اليمن التي تأتي بمرحلة متقدمة لدى الخليجيين، خصوصا مع الدعوة لمبادرة خليجية ثانية بعد فشل المبادرة الأولى.
وبالنسبة لعمان تحديدا، فقد كانت هي الوسيط الذي دفع نحو توقيع اتفاق السلم والشراكة، ودعوات الحوار بين السلطة والحوثيين في اليمن، إلا أنها لم تؤد إلا إلى مزيد من السيطرة السياسية للحوثيين الذين يستمر توسعهم حتى وصل أخيرا إلى معقل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في عدن، الذي امتنعت مسقط تحديدا عن دعم شرعيته، كما لم تنقل بعثتها إلى عدن، وتغيبت عن اجتماعات مجلس التعاون الخليجي حول اليمن.
وفيما يسعي الحوثيون للتقدم نحو الجنوب، فإن هناك مصادر أشارت إلى أن مسقط نصحتهم بعدم التقدم، من أجل ألا يخسروا الانتصارات التي تحققت في الشمال، وكذا، فإن مسقط ترتبط بعلاقات جيدة مع شخصيات في الجنوب، وهذا الموقف يزيد من حرج موقفها، ويشير من جهة أخرى إلى ما أشار إليه البعض من وجود تفاهمات بينها وبين
إيران الداعم الأساسي للحوثيين.
وبالنسبة لإيران، تلعب عمان دورا في المفاوضات بين مجموعة دول 5+1 وطهران، التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي كيري بأنها وصلت للتفاهم حول 90% من النقاط.
وفيما كان موقف مسقط يفسر على أنه ضمن سياسة "النأي بالنفس"، إلا أن سير عُمان بما يعاكس الأمن القومي الخليجي، واستمرار الموقف الحالي قد يؤدي إلى نزاعات بين عمان وبقية دول الخليج، خصوصا السعودية.
وكانت رسالة الرئيس اليمني السابق
علي عبد الله صالح إلى السلطان قابوس بمناسبة شفائه مؤشرا آخر أثار الشكوك حول الدور العماني في اليمن، خصوصا مع محاولات صالح التلميح إلى دور مسقط ومواقفها المميزة عن توجهات بقية دول الخليج.
وقال صالح في رسالته إن " قيادتكم لمسيرة النهضة العمُانية المشهودة، أثمرت نجاحا كبيرا وتميُّزا لسلطنة عمُان الشقيقة، وكذلك مواقفكم المُتعقلة والمسؤولة من كل القضايا والأحداث والتطورات التي يشهدها الإقليم والوطن العربي ومحيطه الإسلامي والدولي، وتمسككم باستقلالية القرار الوطني العمُاني الذي جسدتم من خلاله إرادة شعبكم العظيم وحرصه على مصالحه الوطنية، وتعامله الواضح مع الآخرين".
وأكد بقوله: "وليس أدل على ذلك موقفكم الحريص على مصلحة الشعب العمُاني والأمة العربية من اتفاقية كامب ديفيد، أو من الحرب العراقية الإيرانية، وحتى على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربي، حين حرصتم على مصلحة الشعب العمُاني ودول المنطقة لتكون فوق أي مصالح أخرى"، ومشيرا إلى المواقف "المستقلة والمتفردة من كل القضايا والأحداث" للسلطنة، معتبرا أن "أبناء الشعب اليمني لا ينسون ولا يمكن أن ينسوا مواقفكم الأخوية الصادقة تجاه وطنكم الثاني اليمن".
ولم يتضح بعد تغير الموقف العماني بعد عودة السلطان قابوس بعد رحلته الطويلة للعلاج، وهل ستبقى مسقط وسيطا من خلال علاقتها الجيدة مع الحوثيين، وسيظل ذلك مرتبطا بالأحداث المتغيرة في اليمن، إلا أن التعامل الخليجي مع مسقط لم يبق حازما وواضحا كما كان سابقا، إذ انتابه الكثير من الشكوك، وستظهر الأيام حقيقة الدور العماني في العلاقة بين الحوثيين وصالح وإيران، والتي لا زالت محل غموض في كثير من جوانبها.