قال الكاتب والصحفي الفرنسي "جورج مالبرونو" في مقال له في جريدة "لوفيغارو" الفرنسية السبت، إن عدد الحواجز العسكرية قد تضاءل في العاصمة دمشق أو على الطريق التي تصل الحدود اللبنانية بالعاصمة السورية.
ونقل الكاتب عن دبلوماسي يتردّد على دمشق قوله: "بسبب افتقاره إلى عدد كافٍ من المقاتلين، فقد اضطر النظام لإعادة نشر قواته في النقاط الساخنة: في الشمال قرب "حلب"، حيث يحظى الثوار بدعم تركيا، وفي الجنوب، حيث يحظى الثوار بدعم السعودية والأردن وإسرائيل".
وأوضح الكاتب أن مسؤولا أمنيا في منطقة "إدلب" غرب
سوريا، أكد أنهم قادرون على استعادة بعض المواقع، مشيرا إلى أن الاحتفاظ بها أصعب بكثير".
ويشير الكاتب إلى أن النقص في عدد المجندين يجبر السلطات على التجنيد القسري للرجال بين سن 24 و48. مضيفا أن كثيراً من "السنّة"، 70 بالمئة من الشعب، لا يريدون القتال ضد "سنّة" مثلهم، حسب تعبيره.
وأضاف الكاتب: "لمواصلة السيطرة على "سوريا المفيدة"- 40 بالمئة من البلاد و60 بالمئة من الشعب- لم يعد أمام الأسد من خيار سوى الاعتماد المتزايد، والأشد وطأة، على حلفائه من
الإيرانيين، ومن
حزب الله اللبناني، ومن الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية".
ونقل في مقاله عن أحد السوريين في دمشق: "كان حزب الله يعمل لخدمتنا في ما مضى. أما الآن، فنحن نعمل في خدمته. ومع المستشارين الإيرانيين، بات جماعة الحزب هم الرؤساء!".
وتابع الكاتب قائلا: "كل 15 يوماً، تقوم إيران بإفراغ 700 ألف ليتر من الوقود في ميناء "طرطوس" لكي يتمكن الجيش السوري من مواصلة القتال. وبموازاة الوقود، توفّر إيران اعتماداً بقيمة مليار دولار للخزينة السورية، يجري إعادة التفاوض بشأنه بصورة دورية. كذلك تستفيد دمشق من عون عسكري روسي، خصوصاً القنابل المتطورة جداً القادرة على اختراق المخابئ المطمورة التي يختبئ فيها الثوار".
وأشار إلى أنه بفضل صعود تنظيم الدولة الذي تحاشى الأسد الاصطدام به في البداية، معتبرا أن بشار الأسد يبدو الآن الطرف "الأقل سوءاً"، وقد خفّت عزلته قليلاً، لافتاً إلى أن عُمان أعادت سفيرها إلى دمشق، وأن الكويت وافقت على عودة عدد من الدبلوماسيين السوريين. وأن النمسا تفكر بتدشين خط مباشر بين فيينا ودمشق.
وأضاف: "لكن لا مجال لفتح سفارات مع أن بعض عملاء أجهزة الأمن الغربية استأنفوا زيارة دمشق، فالأسد يظل شخصاً "غير مرغوب" حتى لو كان "جزءاً من الحل" حسب "ستافان دو ميستورا"، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة".
وتابع الكاتب: "بمواجهة الأسد، أعادت قوى
الثورة السورية تنظيم صفوفها، ففي الشمال الشرقي، تراجع "داعش" أمام المقاتلين الأكراد المسنودين بقصف طائرات التحالف".
وأردف قائلا: "تراهن جبهة "النصرة" على تراجع منافسيها الجهاديين نحو معاقلهم في "الرقّة" من أجل إقامة إمارة صغيرة في جانبي "حلب"، إذ سيكون صعباً على النظام إسقاطها، ولكن، لكي تصبح "مقبولة"، ينبغي إزالة "النصرة"، وهي الفرع السوري لـ"القاعدة" من قائمة المنظمات الإرهابية، وبناءً عليه، تسعى قطر في الكواليس لإقناع أمراء "النصرة" بتغيير اسم تنظيمهم إذا كانوا يرغبون في الحصول على دعم مالي وعسكري".
وقال أنه حتى الآن، تواجه عملية "إعادة التسويق" هذه رفض معظم قيادات الفرع المحلي لـ"القاعدة"، وهذا عدا أن الدول الغربية قد لا تقتنع بهذه المناورة. ومن جهتهم، يواجه الغربيون إحراجاً كبيراً. فميدانياً، لم يعد حلفاؤهم في "الائتلاف" موجودين تقريباً بعد الهزيمة الجديدة التي ألحقتها "النصرة" بحركة "حزم" التي كانت قد حصلت على صواريخ "تاو" أميركية مضادة للدروع باتت الآن في مخازن "القاعدة" السورية.
وفيما يخص تدريب المعارضة السورية قال: "لا يكفي برنامج تدريب 5000 مقاتل سوري في تركيا، برعاية أميركا، لتغيير ميزان القوى على الأرض".
"وتساءل قائلا: "الجنرال" رستم غزالة: أين هو؟ وهل أسقطه الأسد أم سليماني؟ (جنرال سوري انشقّ في جنوب دمشق).
وقال الكاتب: "في الأمد القريب، ستواصل سوريا نزولها نحو الجحيم، ولا يملك النظام سوى سياسة القمع متزايد الدموية، وهذا سبب قلة النجاح الذي حققته اقتراحات الهدنات المحلية، التي دعت لها الأمم المتحدة، ويقابل ذلك دعم الدول العربية السنّية للثوار للحول دون تحوّل سوريا إلى بلد تابع لإيران".
ونقل عن أحد الخبراء قوله: "اضطرت إيران للتدخل قبل أسابيع بعد انشقاق جنرال سوري في الجنوب، حينما بدا أن طريق دمشق باتت مفتوحة أمام الثوار"! ويضيف: "للأسف، فإن إيران لن تتخلى عن الأسد".
وألمح إلى أن ملف سوريا في طهران بأيدي "الحرس الثوري"، مشيرا إلى أنه يتدخل حالياً في "تكريت" ضد "داعش". وأنه قد يتدخّل قريباً في شرق سوريا من أجل استعادة آبار النفط، ما سيؤمن "بالون أوكسجين" لحليفهم السوري، على حد وصفه.