قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن الرئيس
المصري عبدالفتاح
السيسي لديه هوس بحركة
الإخوان المسلمين، وهو ما يعكس هواجسه ومخاوفه. ويبدو هذا الهوس من الطريقة التي يحمل فيها السيسي الجماعة مسؤولية الهجمات الإرهابية التي تنفذ في سيناء ومناطق عدة من مصر.
وتضيف الصحيفة في مقال لها أنه مع تزايد العنف السياسي منذ وصول السيسي إلى السلطة "لم يفوت ولا فرصة لتوجيه أصابع الاتهام للإخوان المسلمين، مع أن الجماعة التي تعلن مسؤوليتها عن الهجمات هي جماعة ترى في الإخوان عدواً أبدياً، ولا يهم لأن حكومة السيسي تعرف على من تلقي اللوم". فمنذ
انقلابه في 3 تموز/ يوليو 2013، الذي أطاح بالرئيس محمد
مرسي، أصدر السيسي سلسلة من القرارات التي حظرت الجماعة وجرم الانتماء لها.
ويشير التقرير إلى أن معاملة الحكومة المصرية للإخوان على أنهم كبش فداء، وتحملهم مسؤولية كل شيء، ربما تعكس واقعاً صعباً للحركة، التي أكدت أنها تنبذ العنف وتلتزم بالمعارضة السلمية. وتشير إلى أن الكثير من مؤيديها في القاهرة، ممن يحملون ذكريات رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس 2013، التي عززت عودة الجيش إلى السلطة وصعود السيسي، تأثروا بالتجربة ويدرسون خياراتهم.
وتنقل الصحيفة عن شاب متعاطف مع الإخوان قوله: "أحلامي كلها انتهت في ذلك اليوم"، ويضيف: "ولن يتحقق الأمن في داخلي إلا بالانتقام، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي السلاح". وهو ليس وحده فهناك كما تزعم الصحيفة من يتبون خيار القتال. مشيرة إلى مشاركة لمشاهد مع تلفزيون "رابعة"، حيث دعا المصريين إلى توجيه ضربات ضد قوات الأمن والاختباء، فرد مقدم البرنامج: "هذا ما تفعله المقاومة في كل محافظات مصر، وستسمع أخباراً جيدة".
ويحاول التقرير الربط بين تغطية القنوات التلفزيونية الخارجية التي يديرها الإخوان في المنفى، وسلسلة من التفجيرات الصغيرة في أنحاء مصر كلها.
وتذكر الصحيفة أن قادة الإخوان نبذوا العنف في السبعينيات من القرن الماضي، وقرروا توجيه جهودهم نحو التغيير السلمي والتدريجي، وقدموا الخدمات الاجتماعية للفقراء، والمشاركة في السياسة. وقد أثمرت جهودهم بانتخاب مرسي في عام 2012، وفوزهم في أكثر من جولة انتخابية.
ويبين التقرير أنه بعد عام واحد من انتخاب مرسي تعرضت الجماعة للحظر والملاحقة، وأصبح قادتها مشردين أو في السجون، وهناك مئات من مؤيدين الإخوان ممن صدرت عليهم أحكام بالإعدام في محاكمات سريعة، فيما عملت الحكومة على سحق شبكات الجماعة الاجتماعية والمالية والتجارية.
وتعلق الصحيفة أن الإخوان تلقوا درساً في محدودية السياسة القائمة على اللاعنف، وهناك من بات يفكر بالمواجهة مع النظام، وحتى الآن التزمت الجماعة بالخط السياسي القائم على المقاومة السلمية والتظاهرات. ولكن محللاً في معهد التقدم الأمريكي يقول إنه سجل ملاحظة مثيرة، ويضيف أنه "ليس غياب الشجب هو الملاحظ ولكن تبنيه".
ويوضح التقرير أنه منذ الإطاحة بمرسي قامت الحكومة بمنع أشكال الاحتجاج والتظاهرات، التي يتم تفريقها بالغاز المسيل للدموع ورصاص الخرطوش والرصاص الحي، ولم يعد هناك مجال للحركات السلمية للتظاهرات.
وتزعم الصحيفة وجود حركة خفية تعمل في الظل، وتحاول الانتقام وتضم ناشطين مؤيدين لمرسي تضرروا من العسكر. وتتسم هجماتها بقلة الخبرة، وتستهدف منشآت الأمن والشركات الدولية، ولا يقصد منها سوى إثارة الخوف لا التسبب بإصابات.
ويذهب التقرير إلى أن قادة الإخوان قد أكدوا مراراً أنهم لا يستطيعون السيطرة على الشباب المحبط والغاضب، فقد قال المرشد العام: "سلميتنا أقوى من الرصاص"، فكتب مؤيدون: "سلميتنا قوية بالرصاص". ويقول متعاطف مع الإخوان: "حاولوا الهروب من الواقع وإقناع أنفسهم وغيرهم بشيء ليس حقيقياً".
وترى الصحيفة في تغطية قنوات تابعة للإخوان مثل "رابعة" و"مصر الآن" و"مكملين" و"الشرق"، دليلاً على دعم الهجمات. ويتهم المحلل في معهد التقدم قادة وسط في جماعة الإخوان بأنهم على علاقة بالهجمات.
ويورد التقرير عن بيان صدر عن الجماعة في كانون الثاني/ يناير، اعتبره مراقبون تحول عن سياسة اللاعنف، حيث جاء فيه: "نحن في بداية مرحلة جديدة نستدعي قوتنا من أجل استحضار معاني الجهاد". وجاء فيه أيضاً: "نجهز أنفسنا وزوجاتنا وأولادنا وبناتنا ومن يتبعنا للسير في طريق الجهاد المستمر ونطلب الشهادة".
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى نفي قادة الإخوان أن يكون البيان يحتوي على دعوة صريحة إلى الجهاد، وتتساءل إن كان الوضع في مصر سيقود إلى تحول نحن العنف؟ ويقول متعاطف: "لا أحد يسيطر على أحد، والوضع اسوأ مما يتوقعه أحد".