نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا يصف الوضع في البلدات التي تمت استعادتها من
تنظيم الدولة، قالت فيه إنه عندما عاد شافان الكردي إلى
زمار في شمال غرب العراق، ورأى أن بيته تحول إلى ركام وجد هناك بيتا فارغا لعربي، فأخذ عائلته إليه وسكن فيه.
وتقول الصحيفة إن الحياة بدأت تعود إلى البلدة، التي احتلها تنظيم الدولة في شهر آب/ أغسطس 2014، واستعادتها القوات الكردية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر. فهذه بنت تحمل حقيبة المدرسة على ظهرها وتمشي إلى بيتها، مارة بالبنايات المهدمة، بينما يقوم بعض الرجال ببيع اللحم والخضار على قارعة الطريق. وهناك خطط لإعادة توصيل الماء والكهرباء للبيوت.
ويستدرك التقرير بأنه سيكون من الصعب إصلاح العلاقات بين
العرب والأكراد في بلدة كانت مختلطة. فبلدة زمار تعكس ما حدث للديمغرافيا في شمال العراق بعد دخول تنظيم الدولة، وقيام
الأكراد والشيعة بهجمات مضادة، جعلت الجار ينقلب ضد جاره، وأعادت رسم الخارطة.
وتشير الصحيفة إلى أن زمار تقع في منطقة متنازع عليها، حيث يدعي الأكراد أنها لهم، وتدعي الحكومة العراقية في بغداد أنها لها، وقبل دخول تنظيم الدولة كانت تخضع البلدة لسيطرة السلطات العراقية الفيدرالية، والآن يسيطر الأكراد عليها، وليست لديهم نية لتسليمها.
ويبين التقرير أن واجهات المتاجر وأسوار الحدائق ملئت بالكتابات التي تشير إلى كردية المكان، مثل "محجوز للأكراد" و"بيت كردي" و"كمال كردي" و"محمد كردي".
وتوضح الصحيفة أنه لم يعد إلى البلدة المدمرة إلا سكانها الأكراد، مثل شافان وأولئك الذين هدمت بيوتهم، ويأخذون بيوت العرب الذين يتهمونهم بمساعدة تنظيم الدولة على احتلال البلدة، ويقول شافان إن البيت الذي يعيش فيه كان لعربي انضم إلى تنظيم الدولة، وذهب معهم إلى ما يسمى بالخلافة عندما اضطر أن يهرب.
وتضيف "الغارديان" أنه عندما زحفت قوات
البيشمركة على زمار في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، هرب كل السكان العرب إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم مثل الموصل.
وينقل التقرير عن محمد عبدالرحمن وهو كردي من سكان البلدة، قوله: "أن يسمح للعرب أن يعودوا أم لا، فهذا أمر يعود البت فيه للسلطات الكردية، ولكني شخصيا لا أريدهم أن يعودوا، فلم تعد هناك ثقة بيننا، فهم أخذوا ممتلكاتنا ونهبوا بيوتنا ودمروها".
أما كمال ماجد، وهو كردي له أختان متزوجتان من عربيين، فكتب رقم تلفونه بشكل واضح على الواجهة الأمامية لكل من البيتين، خشية أن يقوم الأكراد بنهبهما، بحسب الصحيفة.
وتلفت الصحيفة إلى أن ماجد، المتزوج من امرأة عربية، يقول إنه يأمل أن يتمكن العرب، الذين لم يتعاونوا مع تنظيم الدولة، من العودة، وأن يعوضوا لتجنب أي مشاكل إضافية مع الأكراد في البلدة، ويضيف أنه "بالرغم من أنه كانت هناك دائما مشاكل بين العرب والأكراد، إلا أنهم قد عاشوا معا في انسجام نسبي".
ويفيد التقرير بأنه في مناطق أخرى من العراق، فإن بلدات وقرى كاملة فرغت من سكانها السنة؛ بسبب استيلاء المليشيات الشيعية عليها. وعندما زار مساعد وزير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان، توم مالينوسكي، العراق بداية الشهر، أبرز موضوع الهجمات الانتقامية، التي تقوم بها المليشيات الشيعية والبيشمركة الكردية، وقال للسلطات العراقية إن هذه الهجمات غير مقبولة.
وتشير الصحيفة إلى أنه في تقرير لها من وقت قريب قامت منظمة "هيومان رايتس ووتش" بشجب الانتهاكات التي تقوم بها المليشيات الشيعية، التي اضطرت العرب لترك قراهم وبلداتهم، وأدت إلى تغييرات ديمغرافية كبيرة في إقليمي ديالى وصلاح الدين.
وجاء في تقرير المنظمة: "المدنيون العراقيون يعانون من الأذى على يد تنظيم الدولة، ثم على يد المليشيات المؤيدة للحكومة في المناطق التي تتم استعادتها من التنظيم. وتقوم الحكومة بالتعامل مع من يتهمون بأنهم إرهابيون باعتقالات تعسفية وإعدامات، وليس هناك من يستطيع هؤلاء المواطنون الشكوى إليه"، وفق الصحيفة.
ويذكر التقرير أنه عندما استعادت القوات الكردية زمار وما حولها من تنظيم الدولة، قامت بهدم بعض القرى التي اتهم أهلها بمساعدة التنظيم، وحولت قرى أخرى إلى بلدات أشباح، وهي قرى لم يساعد سكانها التنظيم.
وتوضح الصحيفة أنه عندما غادر آلاف الأكراد بلدة زمار، عندما اقترب تنظيم الدولة من البلدة، فقد بقي السكان العرب؛ إما لأنهم يتعاطفون مع التنظيم السني، أو لأنهم لم يشعروا بالخطر، أو أنه ليس هناك مكان آخر يذهبون إليه.
ويلفت التقرير إلى أن سالم أحمد، وهو عربي سني وخدم في الجيش العراقي سابقا، هرب من قريته أبوني بالقرب من زمار، عندما اقترب تنظيم الدولة، وعاد إليها مع غيره من السكان عندما قامت قوات البيشمركة باستعادة زمار والقرى حولها في تشرين الأول/ أكتوبر وبداية تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويقول أحمد، الذي كان محاطا بأمه وأطفاله، بينما قام رجال البيشمركة بإزالة متفجرات من حول المنزل: "تنظيم الدولة لا يمثلنا، إنهم مجرمون.. بارك الله في البيشمركة، إنهم يعاملوننا باحترام".
وتختم "الغارديان" بالإشارة إلى أنه في بلدة سنجار التي تقع غرب بلدة زمار حيث قام تنظيم الدولة بقتل آلاف اليزيديين وسبي خمسة آلاف فتاة وامرأة، واكتشف العائدون إليها من الأقلية اليزيدية قبورا جماعية، فإنه بسبب الغضب مما حصل يقوم بعض رجال المليشيات اليزيدية بالانتقام من جيرانهم العرب، الذين يتهمونهم بالتعاون مع التنظيم.