تقول صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها، إنه لو تم تقسيم العالم، كما يقول بعض المحللين، بين عالم بنظام، وآخر بلا نظام، فستكون
ليبيا مثالا واضحا على العالم الثاني.
وتشير الافتتاحية إلى أن العالم الذي ليس فيه نظام يؤهل لحدوث الفوضى والعنف والحرب الأهلية، ويعد الأرض المثالية التي تنمو فيها الجماعات الإرهابية الطائفية.
وترى الصحيفة أن ليبيا أصبحت بالفعل مكانا كهذا، وهي قريبة من أبواب أوروبا. وتحاول الجماعات المتحاربة، التي قدم بعضها الولاء لتنظيم الدولة، وعلى مدار أشهر، تقسيم البلاد الواسعة ومصادرها النفطية.
وتؤكد الافتتاحية أن هذا الأمر ليس من المفترض أن تكون عليه ليبيا بعد الإطاحة بالعقيد معمر
القذافي في عام 2011. وهو ما لم يكن في ذهن كل من ديفيد كاميرون ونيكولاي ساركوزي بعد زيارتهما طرابلس الغرب، بعد التدخل الذي شرعته الأمم المتحدة، والذي قاده حلف الناتو، وكان هدفه الأول هو منع حدوث مذبحة جماعية في مدينة بنغازي. فقد وعد القذافي بنهر من الدم، حيث إنه حاول سحق الثورة التي استلهمت الربيع العربي ضد حكمه.
وتجد الصحيفة أن انهيار ليبيا ومنذ ثلاثة أعوام ونصف يعد فشلا جماعيا. وتكون المسؤولية مشتركة بين عجز الغرب لاستباق وتقديم المصادر المطلوبة لبناء الدولة، وتاريخ ليبيا المعذب من الهوية الوطنية المهشمة، والفراغ المؤسساتي الذي حدث بعد عقود من ديكتاتورية القذافي.
وتقول "الغارديان" إن انزلاق ليبيا نحو العنف هو قصة عن التجاهل الدولي، والاحتراب الداخلي.
وتبين الافتتاحية أن الحل لن يكون سهلا، ولكن العثور عليه يحتاج إلى التركيز، ومن الصعب التوصل إليه، خاصة في زمن الأزمات المندلعة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. وفي حال استمرت الفوضى، فإن ليبيا ستتحول إلى أرض أخرى تعمل فيها شبكات الجهاديين، ما سيترك آثارا واضحة على المنطقة من دول الساحل والصحراء، إلى أوروبا. وستفسح الفوضى المجال لتغذية شبكات التهريب، التي تقوم بنقل عشرات من المهاجرين اليائسين الأفارقة واللاجئين السوريين من ليبيا إلى شواطئ إيطاليا، في مشاهد بشعة للجثث التي يرميها البحر القاتل على الشاطئ.
وتعتقد الصحيفة أن هناك حلين حاضرين؛ أولهما القوة العسكرية والتدخل الذي تفضله
مصر، التي تقوم حاليا بسلسلة من الهجمات الجوية ضد جماعات إسلامية في مدينتي درنة وسرت، ردا على ذبح 21 عاملا مصريا قبطيا.
ووفقا للافتتاحية، فإن الحل الثاني هو التفاوض نحو هدنة بين الجماعات الليبية المتحاربة لغرض تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي المهمة التي يقوم بها المبعوث الأممي برناندينو ليون، وهي مهمة شاقة ولكنها الحل الوحيد الذي يمكن أن ينجح، ويجب دعمه.
وتفيد الصحيفة بأن رمي القنابل على ليبيا كما تفعل مصر، لن يزيد إلا من مخاطر المواجهة الإقليمية، ومن المؤكد أنها ستزيد من قوة الجماعات التي تهدف الغارات الجوية إلى تحييدها.
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن هناك حاجة لدفع الفصائل الليبية التي حملت السلاح ضد بعضها البعض للتصالح، والتعامل مع المحفزات الدولية. والكابوس الذي ينتظر الجميع هو دمار على الطريقة الصومالية يندلع في شمال أفريقيا. وحان الوقت لاستخدم كل ما يتوفر من دبلوماسية من أجل منع هذه النتيجة: "صوملة ليبيا".