تتعامل
إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) "بمسؤولية وعقلانية"، وترغب في وجود سلطة
فلسطينية "مزدهرة ومستقرة"، في ظل عدم وجود "الصراع العربي الإسرائيلي على سلم أولويات المنطقة"، بحسب وزير الاحتلال الإسرائيلي، موشي يعلون، المتهم من قبل أحزاب إسرائيلية بـ"الفشل" في
غزة.
واتفق خبيران في حديث لـ"
عربي21"، على أن تصريحات يعلون تأتي في "إطار المماحكات السياسية والانتخابية المستعرة للحصول على أصوات جديدة".
انتخابات إسرائيلية حامية الوطيس
استبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عدنان أبو عامر، حدوث "مواجهة" بين حماس والاحتلال الإسرائيلي "قريبا"، لأن الجانبين "لا رغبة لديهما في الذهاب لمواجهة مفتوحة على الأقل في هذه المرحلة التي تشهد انتخابات إسرائيلية حامية الوطيس، وانشغال غزة بالعديد من القضايا، التي منها إعادة الإعمار وحكومة التوافق".
وكان يعلون قال في كلمة له في مركز "أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي"، الاثنين، إن إسرائيل تمارس أسلوب "العصا والجزرة" مع قطاع غزة، مستبعدا أن تصل غزة "لحافة الانفجار"، وذلك نتيجة سياسية "المسؤولية والعقلانية" التي يتبعها مع حماس، وذلك حسب تقديره.
أسلوب العصا والجزرة
من جانبه، يرى الدكتور إبراهيم أبوجابر، مدير مركز الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم بالداخل الفلسطيني المحتل عام 48، أن يعلون يريد أن يوصل "رسالة لغزة تعبر عن استعداد الاحتلال لشيء من التهدئة، ومن ناحية أخرى تحمل تهديدا، وهو أسلوب العصا والجزرة"، مؤكدا أنها "محاولة لمواجهة الاتهامات، وإسكات أفواه منتقديه في المجتمع الإسرائيلي بالفشل في الحرب الأخيرة على غزة".
وادعى يعلون أنه "لا توجد مصلحة لإسرائيل بانهيار
السلطة الفلسطينية التي نرغب برؤيتها مزدهرة ومستقرة".
وأكد أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر لـ"
عربي21" أن "بقاء السلطة الفلسطينية يوفر على الاحتلال أعباء أمنية وعسكرية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة، وهو مكسب إسرائيلي من الطراز الأول، ومصلحة استراتيجية إسرائيلية لن تفرط فيها".
أرخص كلفة عالميا
وقال أبو عامر: "بفضل السلطة، فإن الاحتلال الإسرائيلي هو أرخص كلفة على مستوى العالم؛ فهو يحتل الأرض والجو دون أن يدفع دولارا واحدا"، موضحا أن "السلطة مشروع إسرائيلي إقليمي دولي، ولا أحد في هذه المرحلة يريد التخلص من هذا المكسب الكبير".
وأكد أبو عامر وهو أيضا مدير مركز الدراسات المعاصرة، أن الاحتلال الإسرائيلي "مستفيد من الوضع الحالي، وراض عن السلطة التي تتيح له العبث والاعتقال والاستيطان كما يحلو له، تمهيدا لتحقيق سياسة الأمر الواقع في الضفة الغربية".
ومن جانبه، بيّن أبو جابر أن التحرك السياسي والدبلوماسي للسلطة في المؤسسات الدولية المختلفة، و"تمكنها من إقناع بعض الدول الأوربية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وانضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، سيؤثر على استقرار دولة الاحتلال بطريقة أو أخرى".
شهادة موت السطلة
لكن أبا عامر أوضح أن الحفاظ على المشروع السياسي الخاص بحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، والدول العربية صاحبة مشروع السلام، والمتمثل في السلطة الفلسطينية، "يتطلب إقامة علاقات سياسية سوية مع الاحتلال، الذي هو بمثابة أكسجين الحياة للسلطة".
وأشار أبو عامر إلى أن "أي حالة تصعيد كبيرة مع إسرائيل يعني إصدار شهادة موت السلطة؛ لذلك هي تناور إسرائيل عبر بعض القنوات الدبلوماسية الدولية والضغوط السياسية، وليس في الوارد ذهاب السلطة في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل على صعيد الميدان العسكري".
تراجع الاهتمام رويدا رويدا
وحول إشارة يعلون إلى أن "الصراع العربي الإسرائيلي لم يعد على سلم أولويات المنطقة، وأن الأولويات تتمحور حول تحديات إيران وحماس والإخوان المسلمين"، اتفق المتحدثان على أن كلام يعلون، و"للأسف الشديد، صحيح ودقيق"، لأنه في زحمة الأحداث التي تشهدها المنطقة "تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية رويدا رويدا، حتى أصبحت في ذيل أجندة اهتمامات العرب والمسلمين والرأي العام العالمي".
وشدد أبو عامر على أن ما يحدث في هذه الأثناء يمثل "فرصة تاريخية، طالما حلم بها الاحتلال الذي يبرع في تحويل المخاطر المحيطة به إلى فرص، فهو يستفرد بغزة، ويفرض الأمر الواقع في الضفة الغربية والقدس المحتلة".