على خلاف ما ادعاه الرئيس الأمريكي باراك
أوباما أثناء حملته الانتخابية من أن موجة الحرب تتراجع، تؤكد استراتيجيته للأمن القومي أن
الإرهاب هو "تهديد مستمر"، وسط ما تقول الإدارة إنها "معركة أجيال من أجل السلطة في منطقة الشرق الأوسط".
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن استراتيجية
الأمن القومي لعام 2015، التي صدرت يوم الجمعة، تشير إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن الحرب المفتوحة ضد تنظيم
القاعدة، والآن تتبعها مع
الدولة الإسلامية والجماعات المرتبطة بها. ولا تناقش الاستراتيجية اليمن وباكستان تحديدا، وهما المسرحان الرئيسان للهجمات التي تديرهما الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي تقول فيه الوثيقة إن تنظيم القاعدة قد تم "قطع رأسه"، إلا أن الاستراتيجية تتوقع نزاعا دوليا ضد ما أسمته سلسلة من الشبكات التابعة لتنظيم القاعدة والمنتشرة في الخارج، ما يثير تساؤلات حول النهج الذي تتبناه الإدارة، واستمرارية الغارات الجوية وما تريد تحقيقه.
وتشير الصحيفة إلى أنه مع الإعلان عن وثيقة الأمن القومي، فإن البيت الأبيض أعلن عن شن عشر غارات جوية في سوريا، وثمان في العراق، ضد الدولة الإسلامية.
ويلفت التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن طريقتها في محاربة الإرهاب، القائمة على الغارات بطائرات دون طيار وعلى عمليات للقوات الخاصة، وعمليات تجسس وقوات وكيلة تعمل على الأرض في مناطق نشاط أمريكا، هي نهج "يمكن السيطرة عليه" أكثر من الحروب البرية التي خاضتها في العراق وأفغانستان ولكنها لم تنته.
وتذكر الصحيفة أن نموذج الأمن القومي يحاول العمل من خلال إطارين داخل الاستراتيجية؛ أولهما تحضير الولايات المتحدة لحرب طويلة ضد أعدائها من الإرهابيين دون التزام قواتها بذلك، بوضع قوات على الأرض بشكل يؤدي إلى معارضة محلية ودولية. أما الأمر الثاني، فإن مكافحة الإرهاب، كما تقول الوثيقة، إحدى أولويات الولايات المتحدة لتحقيق المصالح القومية ومنع انتشار السلاح النووي والتغيرات المناخية والحرب السايبرية، ولكن استراتيجية أوباما تعاني من ضغوط كبيرة في الداخل والخارج الأمريكي.
ويلفت التقرير إلى أن أوباما اعتبر اليمن في الخريف الماضي، من أفضل نماذج مكافحة الإرهاب نجاحا، لكن شريكه عبد ربه منصور هادي تمت الإطاحة به من قبل مجموعات مسلحة متحالفة مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وقررت هذه المجموعة يوم الجمعة إلغاء الدستور، وتشكيل مجلس رئاسي جديد.
وكان الجيش الأمريكي قد أكد لصحيفة "الغارديان" أن القوات الأمريكية لم تعد ظاهرة في البلد الذي تساعده بأسلحة وتدريب بقيمة 400 مليون دولار أمريكي.
وتقول الوثيقة الأمريكية: "نريد تحقيق الاستقرار في اليمن، والقيام بإصلاح بنيوي، ومواجهة التهديد النشط من تنظيم القاعدة والمتمردين الآخرين".
ويفيد التقرير بأن الوثيقة تتحدث عن أهمية تعزيز القدرات العراقية لمواجهة الدولة الإسلامية، وتصور الجهود الأمريكية في العراق على أنها جهود مساعدة. وتصف الوثيقة القوى الوكيلة التي ترغب أمريكا ببنائها في سوريا بأنها "لتوازن" قوة الدولة الإسلامية "ووحشية نظام الأسد"، وليس من أجل أن تكون وسيلة لاستعادة الأراضي منهما.
وتؤكد الوثيقة أن "الحل الدائم للحرب الأهلية في سوريا يظل سياسيا". وهو موقف انتقده كل من الصقور والمعارضة السورية؛ لأنه يدل على الالتزام الضئيل من أمريكا، بحسب "الغارديان".
وتكشف الصحيفة عن أنه من المتوقع أن يتقدم أوباما بوثيقة منتظرة سيقدمها النائب الديمقراطي البارز آدم شيف للكونغرس حول محاربة تنظيم القاعدة.
ويورد التقرير أن الوثيقة تعبر عن تفضيل أوباما لاستخدام قوات حفظ النظام والقانون، على الاحتجاز والتحقيق وتوجيه اتهامات للإرهابيين "خارج مناطق النشاط العدائي". ولكنّ الوثيقة لا تتحفظ على "استخدام القوة الحاسمة"، غير أنها لا تقدم تفاصيل حول كيفية استخدام القوة.
وتختم "الغارديان" تقريرها، بالإشارة إلى تعهد استراتيجية الأمن القومي بإصلاح نظام الرقابة، مع أن الإدارة ملتزمة بجمع المعلومات والتسجيلات، وقد توقفت جهودها من أجل ضبط التسجيلات المثيرة للجدل. وتقول الوثيقة: "الولايات المتحدة لا أعداؤها، من سيحدد طبيعة الصراع ونطاقه، وعلينا تحديد ذلك".