أثار قرار
حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في
الجزائر، بدء مشاورات مع الطبقة السياسية والسلطة، جدلاً كبيراً وسط أحزاب المعارضة، باعتبار أن الأرضية التي اتفقت عليها المعارضة ضمن تكتل "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" تحرم أي خطوة منفردة باتجاه الحوار مع السلطة.
وكان رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أكد الاثنين الماضي أن "الحركة قررت بدء مشاورات سياسية مع مختلف الفاعلين السياسيين من معارضة وسلطة"، وأفاد بأن "مجلس شورى الحركة منحني الضوء الأخضر للبدء بهده المشاورات".
وقال المحلل السياسي الجزائري، محمد إيوانوغان في تصريح لـ"عربي21"، إن "القيادة الحالية لحركة مجتمع السلم وعلى رأسها عبد الرزاق مقري، أجبرت على مثل هذه الخطوة من المعارضين داخل هياكل الحزب المقربين سابقاً من السلطة".
وخلـّف قرار الحركة موجة من التساؤلات وسط الطبقة السياسية، وخاصة وسط أطراف "تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي" التي تنتمي إليها الحركة، وبحوزتها أرضية تجدد معالم انتقال الديمقراطية دون اللجوء إلى العنف.
وتنص وثيقة التنسيقة على أنه لا يجوز لأي فصيل سياسي ينتمي إليها الشروع بمبادرة، دون أن تلقى إجماعاً من طرف أعضاء التنسيقية.
ولم يصدر أي تصريح رسمي من أطراف تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، بخصوص مبادرة "حركة مجتمع السلم"، لكن مصدراً قيادياً منها أفاد في تصريح لـ"عربي21": "مهما يكن فإن حركة مجتمع السلم لا يجوز لها خرق الالتزام السياسي الذي أبرمته معنا، وهذه الخطوة بمنزلة مساس بالعقد الذي اتفقنا عليه".
وقال عضو المكتب السياسي لحزب
جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، سعيد بوحجة، في تصريح لـ"عربي21"، إن "رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، سيلتقي، غداً السبت، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني".
وأفاد بوحجة أن" اللقاء يخص التشاور حول الوضع العام بالبلاد".
وتسود مخاوف من تصدع المعارضة بالجزائر بسبب مبادرة المشاورات التي ستبدأ بها "حركة مجتمع السلم"، والتي لا تستثني أطراف السلطة. وبالكاد اتفقت المعارضة شهر تموز/ يويو العام 2014 على مبادئ مشتركة بعد عقود من الشتات.
ويرى المحلل السياسي الجزائري، محمد دخوش لـ "عربي21"، أن مستقبل المعارضة في الجزائر "يميل إلى الغموض أكثر منه إلى وضوح الرؤية والهدف، فالمتتبع لنشاط المعارضة مؤخراً يلاحظ تعدد المبادرات وتسويق كل طرف أنه يحمل الرؤية الانجع والأنسب لحلحلة الوضع السائد، وتكسير حالة الجمود السياسي الذي تعرفه البلاد".
ويوضح أن "أكثر ما تعاني منه
المعارضة الجزائرية هو الضعف البين في قدرتها التجنيدية والاستقطابية، وكذا ما أصاب بعض أوساطها من طعن في مصداقيتهم، مما حرمها من الالتفاف الجماهيري حولها الذي هو السند الحقيقي لأي قوة سياسية".
واعتبر دخوش أن "ذلك يأتي تحصيلاً لعاملين أساسين أولهما: أن السلطة القائمة بكل ما تعيشه من أمراض سلطوية وضعف في شرعيتها ومشروعيتها، ما تزال في موقع قوة بالمقارنة مع المعارضة، حيث ما تزال الوظيفة التوزيعية للنظام السياسي الجزائري كفيلة باستدامة حالة الجمود، وأما ثانيهما فهو أن القدرة على التعبئة والحشد الجماهيري مرتبطة دوماً بمدى مصداقية النخب السياسية لدى الشارع".