يرى خبراء الاقتصاد أن
اليونان باتت أمام عد عكسي قد تجد نفسها في نهايته في حالة اختناق مالي، مع استحقاقات قريبة جدا للتسديد، ومصارف تسعى جاهدة لاحتواء هروب رؤوس الأموال.
ودق برفسور الاقتصاد في كلية سان سير العسكرية، ألكسندر دوليغ، ناقوس الخطر بقوله: "بحسب ما أسمعه لم يعد لدى أثينا ما يكفي لصمودها خلال شهر شباط/ فبراير الجاري".
وبدأت حكومة رئيس الوزراء الجديد، ألكسيس
تسيبراس، الذي ينتمي إلى حزب سيريزا اليساري الراديكالي، منذ الأربعاء، بتنفيذ وعود حملته بدقة، ولو أنه عُدّ "غريب الأطوار" بين رجال السياسة.
وأغضب وزير المالية في حكومته، يانيس فاروفاكيس، رئيس منطقة اليورو، يروين ديسلبلوم، الذي صافحه على مضض في ختام مؤتمرهما الصحافي، بتكراره أمامه أن أثينا تريد قطع الجسور مع "الترويكا"، التي قال إنها "تسبب زعزعة الاستقرار".
وتضم تقنيين ماليين من
الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي لتقييم مدى تقدم الإصلاحات، وكذلك الضبط المالي، وبالنتيجة التصديق أم لا على دفع الأموال في إطار المساعدة الدولية.
لكن مع قطع الجسور مع الذين يهزون العصا، يبدو فاروفاكي مستعدا أيضا للتخلي عن شيك بسبعة مليارات يورو، مقرر دفعه أواخر شباط/ فبراير الجاري، تطبيقا لخطة مساعدة تعود إلى 2010، ومبلغ إجمالي من 240 مليار يورو.
ولم تتأخر ردود فعل الأسواق، إذ ارتفع معدل فائدة
الدين اليوناني لعشر سنوات إلى أكثر من 11 في المئة (مقابل 0.5 في المئة، لمعدل الفائدة الموازي في فرنسا).
وعند هذا المستوى، يستحيل على اليونان العودة إلى الاقتراض في سوق أبعدت عنها عمليا منذ 2010، بمعزل عن دخول ناجح كان بمثابة اختبار في نيسان/ أبريل 2014.
وبدأ المحللون يعدّون الأيام، فيما أقرت الحكومة ذاتها بأن الوقت يضيق.
وقال وزير المالية، يانيس فاروفاكيس، لصحيفة "إغورا": "يقال غالبا إن هناك موعدا أقصى هو 28 شباط/ فبراير الجاري، لكننا نعتقد أنه موعد تعسّفي، هو ثمرة اتفاق فاوضت عليه الحكومة السابقة".
وأضاف أن "الاستحقاق الفعلي سيكون في حزيران/ يونيو المقبل أو تموز/ يوليو المقبل، عندما تصل السندات التي يملكها البنك الأوروبي إلى نهايتها".
فخلال 2015 فقط، يتوجب على اليونان أن تسدد تسعة مليارات يورو لصندوق النقد الدولي، منها 2.3 مليار في شباط/ فبراير - آذار/ مارس المقبل، كما أوضح تيبو ميرسيه، وهو خبير اقتصادي لدى مصرف "بيه أن بيه باريبا".
ثم تأتي بعد ذلك السندات بقيمة 6.7 مليار لدى البنك المركزي الأوروبي في تموز/ يوليو - آب/ أغسطس التي تحدّث عنها فاروفاكيس.
وأخيرا سندات الخزينة بقيمة 15 مليار يورو (سندات لثلاثة وستة أشهر) لدى المصارف اليونانية.
إلى ذلك، قررت الحكومة الجديدة برئاسة تسيبراس إعادة الإنفاق المالي. ففي الإجمال قدّر ميرسيه كلفة برنامج حملة حزبه اليساري سيريزا بـ 13.5 مليار يورو، مع حساب إعادة الموظفين والمساعدات المخصصة للأسر الأكثر فقرا، والتدابير المتعلّقة بأسعار وسائل النقل والرواتب، وإلغاء الضرائب وغيرها.
لكن حتى قبل البدء بتنفيذ هذه المشاريع الكبرى، فإن صناديق الحكومة فارغة.
وأشارت صحيفة "كاثيميريني" إلى أنه بقي فيها أقل من ملياري دولار، ستكون قد تبخرت قبل نهاية شباط/ فبراير الجاري. وكذلك فإن الأموال العامة في حالة أسوأ إلى درجة دفعت بعض اليونانيين إلى التوقف عن دفع الضرائب المتوجبة عليهم، أثناء الحملة الانتخابية، على أمل خفض الضرائب.
ورأى ألكسندر ديليغ أن "الحكومة تموّل نفسها لأن المصارف اليونانية ملتزمة بإصداراتها للديون على المدى القصير، ولأن البنك المركزي الأوروبي يدعم المصارف المعنية. فإن توقف البنك المركزي الأوروبي عن الدفع ينتهي الأمر".
ولا يعرف أحد كم من الوقت ستتمكن المصارف من لعب هذا الدور كمرجع أخير، خاصة وأنها تأثرت بهروب رؤوس الأموال، وكميات الديون الهالكة.