من على سرير في مجمع رام الله الطبي بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، يصارع محمد التاج (43 عاما)، وهو
أسير فلسطيني محرر،
الموت مع تردي وضعه الصحي، وسط مناشدته لنقله للعلاج في مستشفيات مختصة خارج فلسطين.
التاج، الذي أفرجت عنه إسرائيل في نيسان/ إبريل 2013 إثر تدهور وضعه الصحي، يعاني تليّفا في
الرئة بنسبة نحو 95%، أصيب به أثناء اعتقاله في السجون الإسرائيلية، حتى إنه لا يستطيع التنفس بصورة طبيعية، بحسب أحدث تقرير طبي فلسطيني قبل شهرين.
والتاج، متزوج وليس لديه أطفال، من بلدة طوباس شمال الضفة الغربية، وقد اعتقلته سلطات الاحتلال عام 2003، وقضت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن 16 عاما، بدعوى مشاركته في أعمال عسكرية استهدفت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وهو ينتمي إلى "جبهة التحرير العربية"، أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وبقسمات وجه تحمل دلائل المرض العضال، يقول الأسير المحرر: "بت لا أستطيع التنفس، وأعاني من غيبوبة متقطعة، نتيجة عدم قدرتي على التنفس.. ولا يمكنني التحرك".
ويمضي التاج قائلا: "خرجت من السجن الإسرائيلي مصابا بتليف بدرجة 80%، والآن أجزم أنني مصاب بتليف بنسبة 100%، وأحتاج إلى زراعة رئة بشكل عاجل".
وبصوت مخنوق، يتابع: "أعيش الوقت الضائع.. قد أتوفى في أي وقت، وأناشد الحكومة (الفلسطينية) توفير العلاج اللازم لي، والإسراع في زراعة الرئة".
وبحسب مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة الفلسطينية، عمر النصر، فإن "علاج التاج لا يتوفر في المستشفيات الفلسطينية؛ ما دفع الوزارة، بتوجهات من الرئيس محمود عباس، إلى الترتيب لنقله إلى مستشفى بلنسون الإسرائيلي.. هذا لن يكون العلاج الشافي له، فهو يحتاج إلى متبرع برئة".
ويضيف أن "الوزارة تتواصل مع مختلف الجهات ذات الاختصاص، لتوفير العلاج وإجراء عملية للأسير المريض".
وعن حالة التاج، يحمل النصر إسرائيل المسؤولية عن حياته، قائلا إن "التاج أصيب بتليف في الرئة نتيجة الإهمال الطبي في السجون الإسرائيلية".
وهو ما يعلق عليه الأسير المحرر نفسه بقوله: "نعم.. أحمل إسرائيل مسؤولية وضعي الصحي.. ولا أحبذ رحلة علاج في مستشفيات الاحتلال الإسرائيلي، لكنني أصارع الموت يوميا".
وتنفي إسرائيل صحة ما يتهمها به أسرى ومسؤولون فلسطينيون من الإهمال الطبي في سجونها، عبر التأخر في تشخيص المرض للأسرى وعدم تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب.
وبدوره، يتهم منسق "لجنة متابعة شؤون الأسرى" (غير حكومية) أمين شومان، إسرائيل بتدمير صحة الأسير التاج، ويطالب بـ"الإسراع بتوفير منحة طبية، والتنسيق مع الجهات المختصة لإجراء عملية زراعة رئة بشكل سريع".
ووفقا لشومان، فإن "إسرائيل تتعمد قتل الأسرى بشكل بطيء في سجونها من خلال الإهمال الطبي".
وتعتقل إسرائيل نحو 7 آلاف أسير فلسطيني، منهم 1200 أسير مريض، ويقبع منهم 15 بشكل دائم في مستشفى سجن الرملة (وسط فلسطين المحتلة) لخطورة أوضاعهم الصحية.
وينتمي التاج إلى أسرة من الطبقة المتوسطة، ليس بوسعها تحمل تكاليف علاجه الباهظة للغاية.
وعقب الإفراج عنه، حصل التاج على منحة علاج في النمسا، وبالفعل سافر في رحلة استغرقت شهرا عاد بعدها في حالة صحية جيدة، حيث تمكن الأطباء من الحد من انتشار التليف، إلا أن حالته الصحية تدهورت مجددا.
وفي الـ22 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن اعتزامه الإضراب عن الطعام، احتجاجا على ما قال إنه إهمال رسمي فلسطيني في علاجه، إلا أنه عدل عن موقفه عقب تلقيه وعودا رسمية بعلاجه.
وتقول دلال التاج، والدة الأسير المحرر، إن "الحكومة الفلسطينية هي التي تتحمل المسؤولية عن حياة ابني.. ولدي اعتقل من أجل فلسطين والقدس والدفاع عن شعبه. ألا يستحق اهتماما رسميا بتوفير العلاج اللازم له؟".
ومستنكرة، تمضي الأم المكلومة تتساءل: "محمد يموت كل يوم.. ماذا ينتظرون؟! هل يعقل أن الحكومة غير قادرة على توفير زراعة رئة لأسير محرر؟".