أفاد ناشطون من مدينة
حلب أن العديد من العائلات الحلبية ما زالت تقف إلى جانب قوات النظام السوري وتسانده في قمع الثورة الشعبية، بل وصل الأمر في بعض الحالات إلى اعنتاق الكثير من أبناء هذه العائلات الذين ينخرطون ضمن ميليشيات
الشبيحة المعروفة باسم "
اللجان الشعبية"، المذهب الشيعي.
ورصد مراسل "عربي21" العديد من حالات
التشيع من أبناء المدينة، عبر تعقب صفحات بعض من هؤلاء العناصر على صفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر"، في حين قال الناشط الإعلامي إسماعيل عبد الرحمن في حديث خاص: "لا يتشيع هؤلاء بشكل فعلي، بل يقتصر تشيعهم على الظاهر فقط، وذلك لما يوفره هذا التشيع من استثنائية في التعامل، علاوة على زيادة المخصصات المالية، التي تعطى لهم فور إعلانهم عن التشيع".
ويؤكد عبد الرحمن، في حديثه، أنه على معرفة شخصية ببعضهم، مؤكداً أنهم لا يلتزمون بتعاليم المذهب الشيعي مطلقاً.
بدوره، يرى الباحث الثقافي غريب ميرزا أن هناك سببين يدفعان بعض الشبيحة "السنة" إلى التشيع، أولهما إجرائي، أي إن هناك بعض الميليشيات تشترط على من يريد الانضمام لها التشيع، مبيناً أنه توجد في محيط مدينة السلمية كتائب شيعية تسمى "الزرازير". وتشترط هذه الكتائب على من يريد الانضمام لها التشيع والإيمان بولاية الفقيه لمدة خمس سنوات، بغض النظر عن مذهب العنصر الذي يريد الانضمام، حتى إن كان علوياً.
ويتعلق المنحى الثاني، حسب وجهة نظر ميرزا، بالثقافة الدينية وصراع الهوية. ويوضح قائلاً: "للمذهب الشيعي سحر جذاب بدءاً من القائد الواحد "الخميني" مروراً بقصص أسطورية تمجد الانتصارات، التي ساهم من حضورها "الانتصارات الوهمية" التي حققها "حزب الله"، انتهاء بـ"اللطميات" التي تمارس في الشعائر الدينية الشيعية، مشيراً إلى أن هذه المفصليات السابقة تشكل "خيالاً بطولياً يشبه الحركات اليسارية".
ولم يتوقف ميرزا هنا، بل حمّل "التشتت السني العربي" جزءاً من المسؤولية، مبيناً أن "الحالة السنية تعاني منذ إلغاء الخلافة قبل حوالي 100 عام تقريباً من التفكك الحاد، ناهيك عن كون كل الحركات المتطرفة عالمياً محسوبة على الواقع السني، لذلك قد يحدث ذلك بعضاً من ردود الفعل".
في غضون ذلك ترى الصحفية السورية "جان دارك" أن أساس التشيع في الحالات التي أمامنا هو تدخل المال، والامتيازات الشهوانية التي تقدمها هذه الفصائل الشيعية للمنتمين لهم، التي تجسدها "المتعة" "الوصفة شهية لضعاف النفوس" بحسب وصفها.
وبين ناشطون أنه مع اندلاع الثورة السورية وتورط إيران العسكري في قمعها إلى جانب النظام، تطَور هذا الدور الذي كانت تمارسه إيران، بشكل غير معلن قبل الثورة السورية، إلى دور صارت تجاهر به حالياً، عبر الشعارات الطائفية، بدءاً برفع رايات طائفية من قوات النظام، والمراسم الشيعية التي بدأت تقام في أغلب المدن الواقعة تحت سيطرة النظام.
وقال أحمد، وهو ناشط من حلب، إن مدينة حلب تكاد تكون المسرح الأكبر لحملات التشيع حالياً بين المدن السورية، لما لهذه المدينة من خصوصية تجارية وصناعية، حيث إن أفرد النظام لهذه المدينة الجزء الأكبر من عملياته، كما استطاع رأس النظام من خلال زياراته المتكررة للمدينة قبيل اندلاع الثورة توطيد علاقات صداقة مع كثير من تجار هذه المدينة لتأمين حيادهم، وعدم خروجهم عن طاعته، مع محاولة تجييش الكثير من أبناء ضد الثورة.
ولم يفلح النظام في تحييد هذه المدينة والنأي بها عما يدور في المدن السورية الأخرى، إلا أنه نجح في كسب ود الكثير من عائلاتها، كغيرها من المدن الأخرى، التي لا زال بعض أفرادها إلى اليوم يقاتلون إلى صف النظام.