كتب كون غولان في صحيفة "
ديلي تلغراف" أن الإسلاميين المتشددين سيعملون معاً عندما يرون ذلك مناسباً لهم، مضيفاً أن "الجماعات الجهادية تعيد تنظيم نفسها وتغير أماكنها، وحتى تتعاون فيما بينها من أجل تهديد الغرب".
وقال غولان "في العالم المظلم للإرهاب الإسلامي من النادر أن يكون هناك نقص في الجماعات التي تعلن مسؤوليتها عن مذابح مروعة، فلا نعرف حتى الآن الجهة التي تقف وراء المناوشة التي تمت بين مطلوبين والشرطة البلجيكية ليلة الجمعة، ولكنننا نعرف الجماعات الإسلامية التي حاولت نسبة هجومي الأسبوع الماضي على باريس وقتل فيهما 17 شخصاً. فقد أعلن تنظيم القاعدة في
اليمن مسؤوليته عن الهجوم على مجلة "
شارلي إيبدو" الساخرة".
وأضاف المحلل اليميني قائلاً إن "المسؤولين الأمنيين الأمريكيين يقولون إن لديهم معلومات تقول إن شريف كواشي سافر إلى اليمن في عام 2011، حيث حصل على مبلغ 20.000 دولار كقرض من التنظيم للقيام بالهجوم. وفي السياق نفسه أشارت
الدولة الإسلامية في العراق وسوريا إلى أنها تقف وراء الهجوم على المتجر اليهودي، الذي تم بالتساوق مع الهجوم على المجلة الساخرة ونفذه أحمد كوليبالي، الذي أعلن في شريط فيديو بث بعد مقتله أنه مبعوث من "الخليفة" أبو بكر البغدادي. فيما أخبر الشقيقان شريف وسعيد كواشي أنهما عناصر في تنظيم القاعدة في اليمن".
ويرى الكاتب أن التفريق بين الجماعات التي كانت وراء الهجمات قد لا يكون مهماً لمن يحاولون البحث عن الجهة وسبب الهجومين في فرنسا اللذين يعتبران الأسوأ منذ 50 عاماً، "ولكن حقيقة عداء الدولة الإسلامية والقاعدة وتنافسهما يلخص في النهاية الطبيعة المعقدة لشبكات الإرهاب الإسلامي والتحدي الكبير الذي يواجه المؤسسات الأمنية الغربية، التي تحاول اكتشافها وإحباط العمليات"، على حد قوله.
ويشير الكاتب أن المسؤولين الأمنيين في الغرب كانوا وحتى وقت قريب يعتقدون أن الخطر الإرهابي القادم من اليمن في تراجع مستمر، خاصة بعد الغارة الأمريكية عام 2011 التي قتلت المنظر والخطيب أنور العولقي، كما أن تراجع حظوظ القاعدة ارتبط بصورة أخرى بصعود الدولة الإسلامية التي حلت محل القاعدة، بعد اجتياحها السريع لمناطق واسعة في شمال العراق وشرق سوريا، حيث أصبحت أكبر تهديد على المنطقة والغرب.
ويضيف الكاتب هنا مسألة أخرى لها علاقة بالخلاف بين قيادة القاعدة، التي يمثلها أيمن الظواهري الذي حل محل أسامة بن لادن بعد مقتله في عام 2011، والدولة الإسلامية بشأن معاملة الأخيرة للمسلمين وطريقتها الوحشية في القتل.
ورغم كل هذا فقد أظهر "الهجوم على المجلة الفرنسية قدرة القاعدة في اليمن على تنظيم هجمات رغم تراجعها وانشغالها بالوضع اليمني"، بحسب غولان.
وقد استفاد تنظيم القاعدة في اليمن الذي حاول وفشل في تنفيذ هجوم على طائرة أمريكية، من خلال زرع متفجرة في سروال عمر فاروق عبدالمطلب، الطالب النيجيري في عام 2009 من وصول عدد من المقاتلين الذين فروا من جبال أفغانستان وباكستان، بعد هجمات القوات الأفغانية والباكستانية عليهم.
ويقول الكاتب إن الشيخ ناصر بن علي العنسيكان واحد من أتباع القاعدة الناجين من ساحة أفغانستان وباكستان، وانتقل من هناك إلى اليمن الذي تعاني حكومته الضعيفة من مشاكل نابعة من سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من البلاد، "ومن هنا فقدرة خلايا الإرهاب على إعادة تنظيم نفسها وتغيير مواقعها في مناطق جديدة هو تطور جديد مثير للقلق".
واعتبر الكاتب أن "القاعدة والجماعات المرتبطة بها لا تحب شيئاً أحسن من الانتقال إلى مناطق جديدة ودول فاشلة مثل اليمن وكذلك
ليبيا، التي أقامت فيها خلايا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، والأمر نفسه يصدق على الجارة لليبيا، دولة مالي وبقية المغرب العربي حيث ساعد صعود الجماعات المتطرفة حركة بوكو حرام وحملتها في شمالي نيجيريا".
وعلى العموم، فانتقال واستفادة الجماعات الجهادية من الفراغ الأمني والسياسي ليس جديداً، ولكن المثير للقلق حسب الكاتب هو قدرتها واستعدادها للتعاون فيما بينها رغم خلافاتها الأيديولوجية والاستراتيجية.
ويرى الكاتب أن الملمح المهم في تحركات التنظيمات الجهادية، يحدث عندما تتلاقى مصالحها؛ إذ "لم يكن مهاجمو باريس لينجحوا في ظل الخلاف بين القاعدة في اليمن والدولة الإسلامية في العراق والشام، ولكن حقيقة تفاخر كل تنظيم بدور له في العملية، يقترح أن لا فرق بينهما عندما يتعلق الأمر بإحداث ضرر وضحايا في شوارع الغرب"، على حد قوله.
وعليه فالدرس الذي يجب تعلمه من باريس هو "إن أراد الغرب منع هجمات جديدة، عليه أن يقوم بكل ما لديه من قدرة ويمنع تحول الدول الفاشلة لملاجئ آمنة للمتشددين الإسلاميين". على حد قول غولان.