ينطلق
الحوار بين
تيار المستقبل السني وحزب الله الشيعي، الثلاثاء، في محاولة لإخماد التوتر المذهبي المستفحل في البلاد، على خلفية الحرب الدائرة في سوريا المجاورة، منذ ما يقرب من أربع سنوات.
ويرتكز الحوار الذي سعى إليه رئيس البرلمان الشيعي، نبيه بري، على التهدئة السنية الشيعية، بعيدا عن القضايا الخلافية، وأبرزها قتال
حزب الله في سوريا، إلى جانب قوات رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وتعد الفجوة بين الجانبين واسعة، حيث يتبادل كل من حزب الله وتيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السني السابق، سعد الحريري، الاتهامات بجرّ البلاد إلى مزيد من التدخل في الأزمة السورية.
وأرسل حزب الله مقاتليه لمساعدة الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية في مواجهة المسلحين، ومعظمهم من
السنة، ما أثار غضب الكثير من
اللبنانيين.
كما أن المسلحين الإسلاميين وجدوا ملاذا آمنا في بعض المناطق التي تقطنها أغلبية سنية، وخاضوا مرات عدة اشتباكات مع الجيش اللبناني، وفق السلطات اللبنانية.
وعطّلت الأزمة السياسية بين الفرقاء المتنافسين انتخاب رئيس للجمهورية، وأنقذت حكومة رئيس الوزراء، تمام سلام، التي تشكلت في شباط/ فبراير الماضي بمباركة إيرانية سعودية، البلاد من الوقوع في فراغ تام للسلطة، وفق مراقبين.
ووصلت السياسة اللبنانية إلى طريق مسدود، وسط مخاوف أمنية ناجمة عن تداعيات الحرب الأهلية في سوريا.
وغالبا ما تشهد البلاد خلافات سياسية، تكون انعكاسا للمنافسة بين دول إقليمية، أبرزها إيران والسعودية، ولهما تأثير حاسم في السياسة اللبنانية.
وتوترت العلاقة بين طهران والرياض بعد أن دعمت كل منهما طرفا في الصراع السوري.
وقال حسين الخليل، وهو المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، لجريدة "الأخبار" اللبنانية: "مستعدون للحوار، إما لتقريب وجهات النظر والوصول الى أرضية مشتركة، وإما إلى تنظيم الاختلافات على الأقل".
وبحسب الخليل، يتألف جدول الأعمال الذي تم التوافق عليه من أربع نقاط، هي "تخفيف الاحتقان المذهبي والخطاب السياسي والإعلامي المتشنج، ومكافحة الإرهاب، وتفعيل عمل المؤسسات من حكومة ومجلس نيابي، وكل ما من شأنه تيسير شؤون الناس، ورئاسة الجمهورية".
ويجمع السياسيون اللبنانيون على أن مسألة الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبلاد، يبقى صعبا، وهو الموقع الذي بقي شاغرا منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في أيار/ مايو الماضي.
وقال وزير السياحة، ميشال فرعون، إن هناك "أزمة ثقة بين الجانبين منذ سنوات. وفي الوقت نفسه يوجد توافق داخلي وإقليمي ودولي على حماية الاستقرار، وخصوصا الأمن في لبنان، والتشجيع على الحوار".
وشدد على أن في "وجود مخاطر أمنية على جهتي الحدود اللبنانية والسورية، ومحاولة بعض القوى اللعب على الوتر السني الشيعي، ما يكفي لأن يحتم وجود خطوط تواصل دائمة بين حزب الله وتيار المستقبل، على الرغم من كل الخلافات".
وربما كان هذا العام هو الأكثر توترا في لبنان، حيث زادت السيارات الملغومة ومعارك الأسلحة وهجمات الصواريخ وأعمال الخطف التي لها جميعا صلة بسوريا.
لكن فرعون قال: "لن يشمل هذا الحوار أمورا حكومية أو حتى تفاصيل أخرى لها صلة بالاستحقاق الرئاسي، لأن الهدف هو إنشاء شبكة أمان أمام تفاقم الهواجس، وليس استفزاز أي فريق آخر، وهو ما قد يحصل إذا توسع الحوار إلى قضايا أخرى".
واستبعد نائب الجماعة الإسلامية في البرلمان، عماد الحوت، في حديث إذاعي "إمكانية أن يوصل الحوار إلى انتخابات رئاسية، لأن المكوّن المسيحي يغيب عنه".
وقال إن "الحوار قد يهيئ الأجواء، بانتظار كلمة سر إقليمية تأتي برئيس للجمهورية، لأن الفرقاء اللبنانيين سلّموا الموضوع لمرجعياتهم الإقليمية والدولية، وهم ينتظرون الضوء الأخضر".