نشرت صحيفة
التايمز نتائج تحقيق قامت به حول تجنيد الشباب والفتيات المسلمين في بريطانيا للعمل مع
تنظيم الدولة الإسلامية، قالت فيه إن العاملين في هذا المجال يدفعون أموالاً نقدية للمراهقين ليسافروا إلى سوريا وينضموا إلى مقاتلي التنظيم.
وتشير الصحيفة إلى أنه في عملية سرية استمرت ثلاثة أشهر تقمصت فيها مراسلة الصحيفة شخصية طالبة مدرسة، وكشفت عن السهولة التي يتم فيها تهيئة الشباب المسلمين، ودفعهم للتطرف، وتيسير الطريق لهم للمشاركة في صراع أجنبي.
وتوصل التحقيق إلى الآتي:
• أول أدلة على وجود خلية في المملكة المتحدة تعمل لصالح التنظيم تدفع نقداً لفتيات، بعضهن لم يتجاوز عمرهن السابعة عشرة، مقابل سفرهن لسوريا للزواج من مقاتلين مع التنظيم.
• الدعوى بأن الأموال، التي يحصل عليها التنظيم مقابل بيع النفط والابتزاز والفدى، يتم تسريب بعضها بمبالغ قليلة بتحويلات قد تستخدم "ويسترن يونيون" لدفع تذاكر السفر.
• أن الشرطة تأخذ على محمل الجد دعاوى بأن نقوداً ومساعدات في ترتيبات السفر، قدمها التنظيم لمتعاطفات معه تحت السادسة عشرة من العمر، وقد تكون مهمة بالنسبة لتحقيقات جارية.
يجد التقرير أن هذه الاكتشافات تعطي فكرة جيدة عن استخدام المتطرفين لمواقع التواصل الاجتماعي بسهولة، بالرغم من كل محاولات شركات مواقع التواصل منعهم وإغلاق حساباتهم.
ويبين التقرير أن الاستنتاجات تأتي في وقت أصبحت فيه الحكومة والمؤسسة الأمنية قلقتين من استخدام الإرهابيين لإعلام التواصل الاجتماعي؛ لتجنيد مقاتلين أجانب وتخطيط هجمات ونشر الدعاية.
وتلفت الصحيفة إلى أن الجهاديين يستخدمون أساليب مشابهة لمن يقومون بالاستغلال الجنسي، لإغراء
المراهقات لدخول حياة من الجنس والعبودية المنزلية.
وتذكر "التايمز" أن ديفيد كاميرون مدح الأسبوع الماضي شركات التكنولوجيا؛ لقيامها بما يزيد على المطلوب منها في محاربتها للاعتداء على الأطفال، لكنه طلب منهم معالجة موضوع الأنشطة الإرهابية على الإنترنت.
وأكد متحدث باسم الحكومة أن التضييق على مثل هذه الأنشطة "مسؤولية اجتماعية على الشركات، ونتوقع منهم القيام بها".
وأضاف للصحيفة: "وهذا يؤكد الخطر الحقيقي والجاد من تعرض الشباب في بريطانيا لحملات تطرف من الإرهابيين في سوريا، ويبرز أهمية تعاون الحكومة مع المؤسسات الأمنية والشرطة وشركات الإنترنت لمحاربة هذا الخطر وحماية أطفالنا .. وقد أثبتنا من خلال تعاوننا في التعامل مع
الاستغلال الجنسي للأطفال أن بإمكاننا تحسين أدائنا في منع الوصول إلى مواد ضارة على الإنترنت .. والآن علينا أن نفعل شيئاً تجاه تنزيل المواد الداعية للتطرف من الإنترنت، وقد أحرزنا تقدماً مع شركات تقديم خدمات الإنترنت، ولكن من الواضح أن هناك حاجة للمزيد".
ويكشف التقرير عن أنه تبين هذا الأسبوع أن فتاة في الخامسة عشرة من عمرها أنزلت من طائرة كانت على وشك الإقلاع إلى اسطنبول، ويظن أنها كانت في طريقها للانضمام إلى تنظيم الدولة في سوريا.
وكان فريق التايمز الذي تقمص شخصية فتاة من شرق لندن اسمها عائشة، وعمرها 17 عاماً انهالت عليه الدعوات والدعاية المتطرفة، قبل أن يحصل الاتصال من خلال تويتر مع جهادي متطرف يسمي نفسه أبو عباس اللبناني.
ويروي التقرير أنه عندما أبدت عائشة رغبتها في الهروب للعيش في مناطق التنظيم، عرض عليها أن يوفر لها النقود عبر وسيط في المملكة المتحدة. ولتأكيد شخصيته أرسل لعائشة صورة له أمام المحكمة الإسلامية للتنظيم في الرقة شمال سوريا، يظهر فيها رجل ملثم ويحمل سلاحاً، ويحمل ورقة كتب عليها اسمها على تويتر.
ويتابع أنه بدأ التحقيق يبحث عن إمكانية وجود همزة وصل في المملكة المتحدة مع التنظيم في الرقة، وفي عملية مراقبة سرية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية تبين أن هناك رجلاً أبيض من المتحوليين للإسلام هو المشتبه به الرئيسي في خطة لتمويل الشابات، ويقدم لهن النصح كيف يسافرن ويتصرفن ويلبسن خلال رحلتهن.
وتفيد الصحيفة أن إحدى عرائس الجهاديين البريطانيين المعروفات، أكدت أن التنظيم يستخدم "وسترن يونيون"، وقالت إن اللبناني كان يصف بدقة مكان الضربات ضد تنظيم الدولة في الرقة، من خلال تغريداته على تويتر.
وتقول "التايمز" إنه حيث امتدح ديفيد كاميرون شركة مايكروسوفت وغوغل الأسبوع الماضي لمحاربتها للاستغلال الجنسي للأطفال، فإنه دعا تلك الشركات للقيام بالمزيد من أجل محاربة الأنشطة الإرهابية على الإنترنت، والمشترك بين النشاطين هو استخدام الإنترنت لتجنيد الفتيات المراهقات مع تنظيم الدولة عرائس لمقاتليه.
ويرى التقرير أن ما يزعج المؤسسات الأمنية والوزراء هو التطور وعدم سهولة
الاختراق اللذان يمتاز بهما الجهاديون، والتسهيل غير المقصود الذي تقدمه شركات التكنولوجيا ليقوموا بأنشطتهم. وهذا ما دعا صحيفة "التايمز" للقيام بتحقيقها الذي استخدمت فيه الحيلة؛ لتثبت مدى سهولة إقناع المراهقين بالتطرف، ومدى قوة تنظيم الدولة مادياً خارج حدود سوريا والعراق إلى بريطانيا.
ولم تذكر "التايمز" أسماء المراسلين الذين قاموا بالتحقيق، كما أن الصحيفة أعلمت السلطات الأمنية بالتفاصيل.