قال رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، إن ناخبي النهضة صوتوا في الجولة الأولى من الانتخابات للشابي وبن جعفر والسبسي غير أن أكثرهم انتخب المرزوقي، مؤكدا على أن الحركة ستتعامل مع الشخص الذي سيختاره الشعب أياً كان.
وفي حوار على قناة النسمة الفضائية التونسية، الثلاثاء، قال الغنوشي إن بعض الشخصيات في حزب نداء تونس لم يحسنوا استقطاب بسبب خطاب التخويف، مشيرا إلى أن النهضة لم ترشح أحدا للرئاسة من أجل تونس.
ونفى الغنوشي أن يكون قرار الحياد انسحابا من الانتخابات، مؤكدا على أن الرئيس الأصلح لتونس هو الذي يستطيع أن يجمع المواطنين حوله، ويحافظ على وحدة البلاد.
وحول استقالة أمين الحركة حمادي الجبالي قال الغنوشي إن الخلافات أمر طبيعي، وأن الحركة تقدر أسباب استقالة الجبالي معلنا أن أبواب الحركة ستبقى مفتوحة في وجهه.
ودعا الغنوشي التونسيين إلى دفن الأحقاد، والتسامح والتوافق بلا إقصاء، لافتا إلى أن قانون العزل السياسي أدى إلى التقاتل في ليبيا، وقانون اجتثاث البعث سبب ما يجري في العراق.
وأكد على أن حركته ستتعامل مع الشخص الذي ستفرزه الانتخابات أيا كان.
وفي لقاء آخر قال الغنّوشي إنّ المرشّح للانتخابات الرئاسية الباجي قايد السبسي خسر أصوات "النهضاويين"، الذين يقدّر عددهم بمليون ناخب في الدور الأوّل من الاستحقاق الرئاسي بسبب خطاب التخويف.
وأضاف في حديث مع إذاعة "موزاييك" الأربعاء، أنّ خطاب الترهيب الذي اعتمده بعض قيادات حزب نداء تونس تسبّب في نفور أنصار وقواعد النهضة عن مرشّحهم.
وقال إن أنصار المرشّح قايد السبسي لم يحسنوا توجيه الخطاب إلى أبناء النهضة لاستجلابهم، في حين نجح المرشّح محمد منصف
المرزوقي في الفوز بأغلبية تلك الأصوات.
• جراحات قديمة
وأضاف زعيم
حركة النهضة إن خطاب هؤلاء، بعد تصدّر حزب نداء تونس نتائج الانتخابات البرلمانية في 26 تشرين الأوّل / أكتوبر الماضي، ذكّر أبناء النهضة وأنصارها بجراحات قديمة، في إشارة إلى السجون والتعذيب خلال نظام بورقيبة وبن علي.
وتابع بقوله: "تمّ تخويفهم بحلّ الأحزاب وبأنهم لن يكونوا يشاركوهم الحكم لذلك لم يكن من العسير على القواعد التصويت لفائدة المرزوقي"، بحسب تعبيره.
وقال الغنّوشي إنّ النهضة ليس لديها فيتو على أحد المرشّحين وأنّ بيان مجلس الشورى يعطي لأنصار الحركة وقواعدها أربع خيارات للمشاركة في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي تجرى في 21 كانون الأوّل / ديسمبر الجاري.
• الرئاسة من أقوى الشهوات
واعتبر الغنّوشي أنّ الورقة البيضاء وعدم الذهاب للتصويت هما خياران على غرار التصويت لأحد المرشّحيْن، المُستقل محمد منصف المرزوقي، الرئيس المنهية ولايته، أو الباجي قايد السبسي (حزب نداء تونس).
ووصف الغنّوشي الحكم بـ"الشهوة" وأنّ "الرئاسة من أقوى الشهوات والنهضة كبحت جماحها عنها".
ولفت إلى أنّ الحركة خيّرت عدم التقدّم للاستحقاق الرئاسي بهدف تحصين تونس من الانشقاقات، "ولو تقدّمت لسقطت تونس في ما لا يحمد عقباه"، بحسب تعبيره.
• باب الصلح مع الجبالي مفتوح
وفيما يتعلّق باستقالة القيادي حمّادي الجبالي، قال الغنّوشي إنّه يحترم إرادة هذا الأخير والأسباب التي قدّمها في تفسير استقالته، مضيفا أن باب الحوار والصلح مع الجبالي يبقى مفتوحا، وانّ الجبالي "شخصية وطنية محترمة لها مستقبل داخل النهضة وخارجها والحركة خيمة وليست سجنا".
وتعليقا على دعوة الأمين العام لحزب نداء تونس الطيب البكوش لحركة النهضة إلى البقاء في المعارضة، قال
الغنوشي إنّه لا يعتبر إلا بكلام وتصريحات رئيس الحزب الباجي قايد السبسي، وأنّ المعارضة ليست أمرا صعبا و"بإمكان النهضة تشكيل معارضة كبرى لكن مصلحة تونس تتطلب تكاثف الجهود وليس التفرقة"، بحسب تعبيره.
وقال الغنّوشي "النهضة اليوم في الحكم باعتبار فوزها بـ69 مقعدا في مجلس نواب الشعب بالإضافة إلى منصب نائب رئيس البرلمان.. وليس لدينا مشكل بأن نكون في السلطة أو في المعارضة".
• عناصر استئصالية في نداء تونس
وتابع الغنّوشي بأن نداء تونس يضمّ "بعض العناصر الاستئصالية والمتشددة وهي تعتبر مشاركة النهضة في الحكومة سيكون على حسابها "داعيا إيّاها إلى ضرورة أن تتخلّى عن مواقفها ونزعتها الإقصائية لأنّ هذا لا يخدم مصلحة أي طرف.
وأضاف: "لا بدّ أن نتصالح مع أنفسنا ومع تاريخنا ولا نسقط السقف على رؤوسنا.. ويوم أخرج من الحكم لا أذهب إلى السجن أو إلى المهجر وعلى الأقل سيكون لي قبر في وطني".
وفيما يتعلّق بموقف الجبهة الشعبية قال الغنّوشي إنها على مواقفها الإقصائية وهي مطالبة بأن تصبح "تونسية" وتتبع المنهج التوافقي وأنّ النهضة لا تقصي أحدا مستدلاّ بقوله تعالى: لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين".
• تضرّر شعبية النهضة
واعتبر الغنّوشي أنّ النهضة حركة كبيرة وما يحسب لها هو نجاحها في إدارة اختلافاتها، "إذ من الطبيعي أن توجد فيها أجنحة وآراء مختلفة وأن يوجد من هو على يسار الموقف الرسمي ومن هو على يمينه، لكن نحن حركة متماسكة فلا ننسى أنّ أبناءها فرّقتهم الديكتاتورية على 27 سجنا و50 بلدا"، بحسب قوله.
مضيفا إنّ الحركة منفتحة على الرأي المخالف وتحترم المؤسسات باعتبارها المخوّلة بالحسم في مختلف القضايا واتّخاذ القرارات التي تنضبط لها القواعد.
ولفت الغنّوشي إلى أنّ شعبية النهضة تضرّرت بنسبة 20 بالمئة بسبب السلطة لكن "عبرت تونس إلى شاطئ السلام وحافظنا على الديمقراطية وعلى الحريات ونحن لسنا نادمين ومستعدّون اليوم للمشاركة في الحكم من أجل تونس ولا عبرة للأحزاب أمام الوطن"، بحسب تعبيره.