كتب أمين قمورية: الائتلاف السوري المعارض غير راض عن "خريطة الطريق" التي أعدها المبعوث الدولي دو ميستورا لإيجاد حل للازمة المستمرة في البلاد. قالها بصراحة إنه يريد خريطة اجراءات عملية تمهّد لإقامة حكم انتقالي وتشمل اقامة "ثلاث مناطق آمنة"، شمال خط العرض 35 اي المنطقة الشمالية المحاذية لتركيا، وجنوب خط العرض 33 اي المنطقة الجنوبية المحاذية للأردن، وفي إقليم القلمون المحاذي شرقا للحدود اللبنانية. طبعا لم ينسَ المطالبة بفرض حظر للقصف الجوي بكل أشكاله وضمان وصول المساعدات اللازمة إلى كل المناطق المحاصرة.
وسقط سهوا من بيان الائتلاف المطالبة بتأمين "ممر آمن" لمقاتلي "الجيش السوري الحر" إلى قصر الرئاسة في المهاجرين، ومقر وزارة الدفاع في المزة، طبعا بعد تطهيرهما من الأسد وأركانه. فمن لم يخجل في السابق بمطالبة الغرب مرارا وتكرارا بالتدخل العسكري في بلاده يستطيع أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء.
هذا الطلب يصير مثاراً للسخرية والتندر، وقت يبحث "الائتلاف الدولي" عن معارضة معتدلة تملأ الفراغ الذي قد ينجم عن غاراتها على "داعش" ولا يجدها في "الائتلاف السوري" الغائب الدائم عن الأرض السورية والحاضر أبدا بوقا إعلاميا صار بلا صوت. بل أكثر من ذلك، يصير مثارا للشفقة، إذا ما قورن "نضال" هذا الائتلاف في فنادق العواصم بصمود الاكراد في عين العرب... فعندما يطلب شباب وشابات كوباني المساندة من "الأصدقاء" في الخارج يصير طلبهم محترما وذا معنى بعدما أثبتوا أن الحياة تليق بهم وأن النضال هو تضحية وارتباط بالأرض وليس بضاعة تباع وتشترى أو تستورد من المصانع الأجنبية.
وإذا كانت علة سوريا في نظامها، ثم في تنامي التطرف الذي بلغ ذروته في جعل الرقة عاصمة لإمارة التوحش، فان حجم حصة الائتلاف من هذه العلة لا يستهان به، حتى صار فعلا هذا الائتلاف والمعارضة على شاكلته، سر بقاء النظام وتمادي "داعش" وجنونها. فهذا التشكيل السياسي، منذ اليوم الاول لإبصاره النور في اسطنبول، لم يتكئ على قدرات الشعب السوري ولم يكن على قدر تضحياته الكبيرة، ولم يجسد وحدته الوطنية او روحه النضالية، بل جعل المساعدة الخارجية هدفا وحيدا نصب عينيه، أملاً في ان يكرر "الاصدقاء" الغربيون والعرب مع البعث السوري ما فعلته واشنطن مع البعث العراقي. لكن حسابات حقل هذه المعارضة لم تضبط على حسابات البيدر الاميركي او بيادر الاصدقاء بل صارت هي نفسها اداة بخسة من أدوات بيدرهم.
أما الآن، فبين براميل النظام وسكاكين "داعش"، صارت للائتلاف وظيفة ترفيهية بعدما باتت بياناته المادة الوحيدة لتسلية السوريين.