تحتل صناعة الأسلحة مركزاًً أساسياًً في منظومة الاقتصاد الإسرائيلي، وتشكل نقطة محورية في رسم السياسات الإسرائيلية على صعيد القرارات الاقتصادية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى التوجهات العسكرية الإستراتيجية.
وبحسب دراسة أعدها الباحث مأمون كيوان، ونشرها مركز الناطور للدراسات والأبحاث، بتاريخ 8 آب/ أغسطس الماضي، فإن الصادرات العسكرية احتلت مكانة مهمة في بنية الاقتصاد الإسرائيلي، فبينما كانت في عام 1989 تمثل في بريطانيا 2.5 بالمئة، وفي فرنسا 4 - 5 بالمئة، وفي الولايات المتحدة 4.5 بالمئة؛ كانت الصادرات العسكرية الإسرائيلية تمثل 16 بالمئة.
وتشير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 26 تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، إلى أن "إسرائيل" هي "أكبر مصدر للأسلحة للهند وبعض دول آسيا"، لتحوز على لقب الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، بحسب تقرير نشرته مؤسسة "الاستشارية للفضاء والدفاع والأمن (IHS)" البريطانية، بتاريخ 28 تشرين الثاني/ أكتوبر.
وقال أستاذ العلوم السياسية عدنان أبو عامر إن "الصناعات العسكرية الإسرائيلية تشارك في جميع معارض الأسلحة بالعالم"، مشيراً إلى أن "لدى إسرائيل قدرات عسكرية وصناعية متقدمة جداً عالمياً".
السلاح وصناعة النفوذ
وقال أبو عامر لـ"عربي21" إن "
الاحتلال تمكن أيضاً من الترويج لصناعاته العسكرية بشكل مؤثر"، لافتاً إلى أن "دول العالم تشيد بشكل كبير بتطور التقنيات العسكرية الإسرائيلية، التي من أهمها الصواريخ المضادة، ومنظومة القبة الحديدية".
وأضاف أبو عامر أن إسرائيل "استطاعت وضع بصماتها في كثير من صفقات الأسلحة في إفريقيا وجنوب شرق آسيا، إلى جانب مناطق أوروبا الشرقية سابقاً، ودول أخرى في العالم"، مؤكداً أن "تجارة الأسلحة تعد عاملاً مهماً لتوثيق علاقاتها العسكرية والعلمية والسياسية بدول العالم" ومشيراً إلى أنها "ساهمت في صناعة نفوذ كبير للكيان الإسرائيلي في اتجاهات مختلفة من خارطة العالم".
وحول العلاقات العربية الإسرائيلية المتعلقة بسوق
السلاح الإسرائيلي، نفى أبو عامر توفر "أدلة ووثائق تثبت وجود تعاون في مجال الأسلحة بين إسرائيل والدول العربية"، مشيراً إلى أن هذا التعاون يقتصر على "بعض العلاقات الأمنية، والتعامل الاستخباري" على حد قوله.
أبعاد متعددة
من جانبه، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة، أن معظم الحركات الانفصالية في وسط إفريقيا "تُسلَّح من إسرائيل التي باتت تتمتع من وراء ذلك بنفوذ كبير في معظم الدول الإفريقية".
وأضاف جعارة، لـ"عربي21"، أن السلاح الإسرائيلي "ظهر في العديد من النزاعات في أمريكا اللاتينية، ولدى العصابات في كولومبيا التي تتاجر بالمخدرات"، مؤكداً أن "هذه العصابات دربت ونُظمت وسُلحت من جنرالات إسرائيليين متقاعدين من جيش الاحتلال".
وأفاد جعارة أن الاحتلال الإسرائيلي باع قطع غيار طائرات "فانتوم إف-14" لإيران، ودرّب وسلّح جيش جنوب السودان، مستشهداً بما سبق على أن "تجارة السلاح لدى إسرائيل لها بعد أمني وسياسي بالدرجة الأولى، واقتصادي بالدرجة الثانية".
وأكد أن صفقات السلاح الإسرائيلي تدير كمّاًً هائلاً من الأموال، متسائلاً: "إذا كانت رشاوى هذه الصفقات تصل إلى الملايين، فما بالك بقيمة الصفقة ذاتها؟"، في إشارة إلى اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، ووزيرَ دفاعه ورئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، بتلقي رشاوى بملايين الدولارات من خلال صفقات سلاح أبرمتها "إسرائيل"، مؤكداً أن هذا الأخير "يخفي أموال تلك الرشاوى في سويسرا".