أعاد الموقع الذي قتل فيه 5
إسرائيليين، أمس الثلاثاء، وأصيب 7 آخرون، في هجوم نفذه فلسطينيان، على كنيس يهودي، في حي "هار نوف"، في
القدس المحتلة، إلى الأذهان ذكرى مجزرة "
دير ياسين"، فرغم فارق زمني يتجاوز 46 عاما كان الرابط هو المكان.
فحي "هار نوف" الجديد نسبيا، والذي أقيم في بداية الثمانينيات من القرن العشرين، غالبية سكانه هم من المهاجرين اليهود من دول تتكلم اللغة الإنجليزية، ولعل هذا ما يفسر أن 3 قتلى في هجوم الأمس يحملون الجنسية الأمريكية ورابعا يحمل الجنسية البريطانية.
ويقول الموقع الإلكتروني لمنظمة "نفس بنفس" اليهودية غير الحكومية، التي تشجع الهجرة إلى إسرائيل، إن "حي هار نوف أقيم على إحدى التلال الغربية في القدس المحتلة في بدايات سنوات الثمانينيات من القرن العشرين ومنذ ذلك الحين وهو يتوسع حيث بلغ عدد سكانه 20 ألفا".
وجغرافيا، فإن الحي مقام على أراض كانت تابعة لقرية "دير ياسين" التي اشتهرت بسبب المجزرة التي ارتكبتها العصابات اليهودية في العام 1948.
ويضم حي "هار نوف" الكثير من المعاهد الدينية اليهودية، أما اسم "هار نوف" الذي يطلق على الحي، فهي كلمة عبرية تعني "الجبل المطل" وهو كذلك إذ يطل على العديد من المواقع القريبة في القدس المحتلة.
ويشير المؤرخ والسياسي الفلسطيني الراحل عارف العارف، في موسوعته "النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود" إلى أن مجزرة دير ياسين وقعت في 9 أبريل/ نيسان 1948 التي "اشترك في هذه الجناية الحمراء رجال من عصابة الأرغون وشتيرن الإرهابيتين، لافتا إلى أنه تم في ذلك اليوم استشهد 110 أشخاص".
وقال خليل التفكجي، خبير الخرائط الفلسطيني، أن "هار نوف" مقام على أراض كانت تابعة لدير ياسين، وليس على أنقاض بلدة دير ياسين نفسها التي أقيم عليها "مركز كفار شاؤول للطب النفسي".
من جانبه قال الباحث في الشأن الإسرائيلي، عماد عواد: إن هار نوف أقيم على الأراضي التاريخية لبلدة دير ياسين، مؤكدا على أن من يزور المنطقة يمكنه لمس ذلك بالعين المجردة، مشاهدة تواصل الأراضي بين بلدة دير ياسين الفلسطينية المهجرة و"هار نوف".
هذا الربط المكاني، لم ينكره الإعلام الإسرائيلي، ففي تغطية القناة الثانية للهجوم على الكنيس اليهودي في "هار نوف" قالت إن "الهجوم وقع في
كنيس هار نوف القريب من قرية دير ياسين التاريخية"، وكان ذات التوصيف أيضا حاضرا على القناة العاشرة العبرية.
ولبلدة دير ياسين في الذاكرة الفلسطينية بعد عميق يرتبط بما اصطلح عربيا على تسميته بـ"النكبة" في إشارة لاحتلال أراضي فلسطينية عام 1948، وهو نفس العام الذي شهد مجزرة بشعة قادها مناحم بيجن، استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني، أغلبهم حسب الإحصاءات العربية من الأطفال النساء والشبان، فيما تباينت أعداد الشهداء وصولا إلى 250 شخصا، حسب موسوعة النكبة الفلسطينية.
بلغ عدد سكان دير ياسين قبل اجتياحها من جانب العصابات اليهودية في عام 1948 نحو 800 نسمة، كما بلغ عدد منازلها 144 منزلاً، وكانت القرية تمتاز بأجوائها الربيعية وأشجار اللوز التي كانت تزين أراضيها.
وفي عهد العثمانيين، بدأت العلاقات بين القرية وجيرانها اليهود على نحو معقول ولاسيما في الحقبة الأولى حين كان اليهود اليمنيون "السفاراد"، الناطقون بالعربية، يشكلون أكثرية السكان المجاورين، إلا إن هذه العلاقات ما لبثت أن تدهورت مع نمو فكرة الوطن القومي اليهودي.
لم يصعب على الفلسطينيين الربط سريعا بين الهجوم على الكنيس اليهودي ومجزرة دير ياسين، ويقول القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حسام بدران، "إن الله يعيد الزمان، فينتقم للمظلومين بذات الطريقة التي قتلوا فيها في دير ياسين عام 1948" .
وأضاف بدران: "تأتي هذه العملية لتربط التاريخ بالواقع، ولتؤكد على أن مساحة وجود الفلسطينيين في أرضه التاريخية، التي نذكر منها دير ياسين التي يقام على بعض أراضيها هارنوف" .
ولم يسبق أن استهدف الفلسطينيون حي "هارنوف" من قبل بعمليات، خلافا للعديد من الأحياء في غربي القدس المحتلة.