حمَّل
كتاب مصريون الرئيس المصري عبدالفتاح
السيسي، ونظام حكم الرئيس المخلوع
حسني مبارك، مسؤولية
انتحار الناشطة الحقوقية الشابة
زينب المهدي، محذرين من أن الشباب المصري يعاني حاليا من شعور هائل بالإحباط، وانسداد أفق التغيير أمامه، مما ينذر بتكرار حادثة الانتحار بين شباب آخرين كثيرين.
فقد قال الدكتور أحمد خالد توفيق في مقاله بعنوان: "الراحــلة" بجريدة "التحرير" الإثنين: "لاشك أنها انتحرت لنفس الأسباب التى تجعل الشباب يقدمون طلبات الهجرة، أو يعتزلون الحياة السياسية: اليأس من التغيير، والنافذة التى انفتحت ودخلت منها الشمس ثم أغلقها أباطرة عصر مبارك، وتأكدوا من أنها لن تفتح ثانية"، على حد تعبيره.
وقال الدكتور معتز بالله عبد الفتاح في مقاله بعنوان: "اعتذار لجيل كامل"، بجريدة "الوطن" الإثنين: "الرئيس يتحدث كثيرا عن الشباب، ويوجه لهم رسائل، ولكن هناك اعتقاد عند قطاع من الشباب بأن المقصود شباب آخر غيرهم أو الشباب غير مرحب بهم على الإطلاق. لدرجة أن من أدوات السخرية أن يذهب بعض الشباب إلى القول: الحمد لله، أخيرا شباب الثورة وصلوا للسلطة، بس شباب ثورة 19".
واستشهد عبد الفتاح بما كتبه تامر أبوعرب تحت عنوان "لذلك لم يرد الشباب على الرئيس" قائلا: "يقولون إننا نختصر الشباب فى النشطاء المحبوسين، ونحن نطلب منهم أن يحصروا عدد الشهداء والمصابين والسجناء والممنوعين والمهاجرين دون سن الثلاثين، وأن يقرأوا سيرهم الذاتية ومؤهلاتهم الدراسية ونشاطاتهم الخيرية والاجتماعية، ويضيفوا إلى كل واحد منهم عشرة يائسين، ثم يحدثونا أكثر عن تشجيع الشباب".
وأضاف عبدالفتاح: "أعلم أن جهودا تبذل، وأن مشروعات تقام، ولكن هناك مشكلة تواصل واضحة تحتاج من الرئاسة، ومن معها من أجهزة، التركيز أكثر على "فن إدارة توقعات الناس"، عبر وسائل التواصل، والتسويق السياسى؛ حتى لا يذهب شبابنا إلى سكة الإحباط المفضى إلى اليأس أو التطرف"، وفق تعبيره.
وبعنوان: "اعتذار"، كتب أيمن الصياد، فى جريدة "الشروق"، قائلا: "زينب" هى ضحيتُنا جميعا، وضحيةُ هذا "النظام الأبوى" الذى كتب عنه هشام شرابي قبل ربع قرن، وكتبت عنه هنا قبل أسابيع".
وأضاف الصياد: "لا أعرف زينب.. ولكني اعتذر إليها، وإلى جيلها الذى أجرم من أجرم منا في حقه؛ بالتعالي وبالتشويه.. وبزيف الكلمات.. وأوحالها قبل أي شيء آخر، أستأذنكم في أن أضع قلمي اليوم".
ومتفقا مع اعتبارها ضحية، كتب الدكتور محمود خليل مقالا بجريدة "الوطن" بعنوان: "مجرمون وضحايا"، قال فيه: "زينب المهدى عاشت ضحية، وماتت ضحية.. كانت ضحية حالة اللخبطة التى وُلدت ونشأت فيها حين عاشت، وانتحرت بسبب حالة اللخبطة التى أصابتها بـالقرف من هذا المجتمع حين رحلت، لخبطة ناتجة عن غياب الاحتواء والعدل.. المسكينة أرادت فقط أن تحتج على أوضاع ظالمة، ولم تجد بين يديها وسيلة لذلك سوى الانتحار".
وأضاف: "كل مجرم فى هذا البلد أصبح ضحية، وكل ضحية هو مجرم بالأصالة. وذلك ذروة سنام حالة اللخبطة التى شعرت بها زينب المهدى، ودفعتها إلى الاحتجاج عليها بالانتحار. زينب المهدى ليست استثناء، بل هى نموذج ومثال يعبّر عن حال جيل، أخشى أن يقع بعض أفراده فى ذات المحنة التى وقعت فيها زينب، أو يندفع إلى إيقاع المجتمع كله فى امتحان إذا قرر فى لحظة أن يحتج على الأوضاع الظالمة بالانفجار فى وجهها".
واختتم مقاله بالقول: "أدركوا الشباب بالعدل، لأن الأوضاع الظالمة التى تسود هذا المجتمع، وتصيب بنارها الشباب، أكثر ما تصيب، يمكن أن تسوقنا إلى سيناريو لا يعلم إلا الله مداه.. سيناريو المحنة والامتحان" على حد تعبيره!
وكتب جمال الجمل بجريدة "المصري اليوم" مقالا بعنوان: "تأملات في زينب وزوربا"، قال فيه: "رحم الله زينب، إنها ضحية، لكنها يجب ألا تتحول إلى نموذج، أو مدخل للانتحار"، حسبما قال.
ومن جهته، قال الدكتور جمال عبد الجواد في مقاله بجريدة "الوطن"، الذي جعل عنوانه هو: "زينب المهدى": هناك من الشواهد ما يشير إلى أن الأزمة التى دفعت زينب المهدى إلى الانتحار ليست فردية، وإنما أحد تجليات أزمة جيلها كله.
وأضاف: "عمّق الخامس والعشرون من يناير من وطأة أزمة الشباب، فما بدأ وكأنه فرصة تاريخية لعبور الوطن محنة التخلف والفساد والاستبداد، تبين أنه لا يزيد على كونه فجرا كاذبا، أنتج من الإحباطات أكثر بكثير مما أطلق من الآمال والطموحات. وما بدا لوهلة، وكأنه مفخرة من صنع الشباب وإنجاز لهم، تحول إلى سبة وسبب لصب اللعنات على الشباب، وما أوقعونا فيه من مشكلات".
وتابع عبد الجواد: "من مستهم التطورات وآثارها هم القسم الأكثر حساسية وانخراطا من الجيل الشاب، وهم الأكثر انشغالا بهموم الوطن. وعندما يشعر هؤلاء بالتمزق، ويضيع طريقهم فى الخطوط والدوائر، وتموت أبصارهم فى العيون والبصائر، فالوطن كله فى مأزق.. رحم الله زينب".
وكان خبر انتحار الناشطة زينب المهدى، التى كانت عضوا بالحملة الرئاسية للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فى انتخابات الرئاسة عام 2012، قد أثار حزن زملائها وأصدقائها على مواقع التواصل الاجتماعى، مؤكدين أنها كانت تمر بحالة نفسية سيئة في الفترة الأخيرة، وقامت بإغلاق حسابها على موقع "فيس بوك".
وذكر المقربون منها أنها لجأت إلى الانتحار شنقا بعدما مرت بأزمة نفسية، وتداول أصدقاؤها، الرسالة الأخيرة التى كتبتها عبر صفحتها على موقع "فيس بوك" قبل أن تقوم بإغلاقها، إذ كتبت قائلة: "تعبت.. استهلكت مفيش فايدة.. كلهم ولاد كلب.. وإحنا بنفحت فى مياه.. مفيش قانون خالص هيجيب حق حد بس إحنا بنعمل اللى علينا.. أهه كلمة حق نقدر بيها نبص لوشوشنا فى المراية، من غير ما نتف عليها".
وأضافت: "مفيش عدل وأنا مدركة ده، ومفيش أى نصر جاى، بس بنضحك على نفسنا عشان نعرف نعيش".
وتخرجت زينب في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وانتمت فكريا إلى جماعة الإخوان المسلمين، ثم انضمت إلى حملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الرئاسية، وقررت خلع الحجاب.
وقد أثار مقتلها بطريق الشنق في غرفتها شكوكا جنائية، لكن مصلحة الطب الشرعي وأسرتها أكدوا أنها ماتت منتحرة، ودشن أصدقاؤها صفحة حملت اسمها، عبر موقع "فيس بوك"، واعتبروا أنها من باب "الصدقة الجارية" على روحها.