قالت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير إن
المصريين قاتلوا ثلاث حروب مع إسرائيل على رمال صحراء
سيناء، ولكن الحملة القاسية لتركيع جزء من شمال – شرق سيناء قد تتطور إلى حرب جهادية واسعة.
وتشير المجلة إلى أن المتشددين، الذين دافعوا عن مطالب البدو ضد إهمال الحكومة لهم، تحولوا إلى مقاتلين أشداء. ففي 10 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" عن ولائها لتنظيم الدولة المعروف بـ"
داعش"، حيث تبنت علم وشعار التنظيم وأساليبه في اختطاف الرهائن ونشر ذبحهم على الفيديو.
ويذكر تقرير المجلة أنه منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي العام الماضي لم يتورع الجنرال، "الآن الرئيس"، عبد الفتاح
السيسي عن استخدام القوة.
ويضيف التقرير أنه بإيماءة من الحكومة الإسرائيلية دفع السيسي بأعداد من الجنود والآليات إلى سيناء، مع أن الجزء الشرقي يعتبر، حسب اتفاقية السلام عام 1979، منطقة منزوعة السلاح.
وتبين المجلة أن المقاتلين المتمرسين على الحرب يواجهون اليوم دبابات الحكومة المصرية ومروحياتها، حيث يجد السكان المدنيون أنفسهم وسط الحرب. وهو ما أدى لزيادة أعداد القتلى. ففي تشرين الأول/ اكتوبر قام متمردون، معظمهم من البدو المحليين، بقتل 30 جنديا مصريا. وقالت قوات الأمن إنها قتلت عددا من المتمردين، فيما قالت تقارير صحافية إن 14 مدنيا قتلوا.
ويتابع التقرير أن سكان المنطقة البدو، البالغ عددهم 300.000 نسمة، أضافوا لمظالمهم ضد الدولة، ممارسات الجيش وقصفه للمباني والمدارس، وعمليات الاعتقال الجماعي، وإطلاق النار العشوائي، وتدمير البيوت، بشكل يذكر بأساليب الجيش الإسرائيلي في غزة.
ويلفت التقرير إلى أن القوات المسلحة تفرض على السكان منع التجول من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وتعمل الهواتف بشكل متقطع، أما الإنترنت فمن النادر ما يتوفر. ولا تتحرك على الطرقات سوى سيارات قليلة؛ نظرا لعدم توفر الوقود في محطات البنزين. وتم منع المدنيين من عبور الجسر فوق قناة السويس.
وتجد المجلة أنه حتى وقت قريب كانت محافظة شمال سيناء تعد من أغنى محافظات مصر، والفضل يعود لانتشار التهريب، خاصة في مجال الأنفاق، التي أعطت شريان حياة للسكان في غزة، كما كان يتم عبرها تهريب السلاح. واستعاض أثرياء البدو عن خيامهم بالفلل التي زينت بالآجر والقرميد الأحمر.
ويوضح التقرير بأن المحافظة لم تعد كما كانت. فالجزء الشمالي من سيناء، الذي كان مفترق الطرق بين آسيا وإفريقيا، "يعيش حالة حصار، فقد بنت إسرائيل جدارا على حدودها مع مصر طوله 240 كيلومترا، ما قطع الطريق أمام تهريب المخدرات والمهاجرين الأفارقة".
وتفيد "إيكونوميست" أنه في الوقت نفسه قامت القوات المصرية المسلحة بهدم وتدمير الأنفاق، وبدأ الجيش بتدمير البيوت القريبة من الحدود مع غزة. وتم ترحيل أكثر من 1000 عائلة مصرية على الجانب المصري من الحدود. وعندما ناشد شيوخ العشائر في سيناء الحكومة، وطلبوا منها تقصير حجم المنطقة العازلة التي بدأت بـ 500 متر عرضا، وقد تمتد على طول 5 كيلومترات رفض السيسي.
ومع تزايد قسوة الجيش المصري، يقول الأكاديميون إن العمليات "تحول السكان إلى أعداء من خلال التسبب بالمعاناة لهم".
وتذهب المجلة إلى أنه منذ ظهور التمرد في سيناء حزيران/ يونيو 2012، أصبح أنصار الجهاديين واضحين. فقد هرب شيوخ القبائل الساخطون من هجمات المتشددين على تقاليد القبيلة إلى القاهرة، فيما قتل بعضهم في الطريق.
ويذكر التقرير أن الجهاديين استفادوا من تجربة شبكات التهريب الممتدة من الجزيرة العربية إلى ليبيا، وهو ما جذب الكثير من الجهاديين إلى سيناء، حيث حضر بعضهم بسلاح أخذه من مخازن السلاح، التابعة لنظام الزعيم السابق معمر القذافي. فيما يفكر الإسلاميون المحاصرون في غزة بالتعاون مع الجهاديين أم لا.
وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن أنصار التنظيم قاموا باستهداف خطوط الغاز، التي تمر عبر سيناء إلى إسرائيل والأردن، وهاجموا مواقع للأمن في وادي النيل، وحاولوا اغتيال وزير الداخلية في القاهرة، وهاجموا مقر المخابرات في الإسماعيلية. ولم يستهدفوا بعد منتجعات السياحة في الجانب الجنوبي من سيناء، وربما تكون الهدف المقبل.