نشرت صحيفة الغارديان مقابلة أجراها محررها لشؤون الشرق الأوسط إيان بلاك مع رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة، قال فيها إن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الجهاديين و"
داعش" هي نتاج سياسة متخبطة تغض الطرف عن جرائم
الأسد.
وحذر البحرة من أن حملة الغارات الجوية على "داعش"، التي يقوم بها التحالف الذي ألفه أوباما، تضعف التأييد للقوات المعتدلة المعارضة للأسد.
ويقول البحرة للغارديان قبل اجتماع أصدقاء
سوريا الحادي عشر: "إن التحالف يحارب العرض وهو (داعش)، ويترك السبب وهو النظام .. ويرى الناس أن طائرات التحالف تضرب مواقع (داعش)، وتتغاضى عن طيران الأسد، الذي يقذف بالبراميل المتفجرة والصواريخ على أهداف مدنية في حلب وغيرها".
وتشير الصحيفة إلى تعليق مكتب الأسد يوم الإثنين على مبادرة الأمم المتحدة لوقف القتال في حلب، المنقسمة إلى منطقة ثوار ومنطقة يسيطر عليها النظام، بأنها مبادرة "تستحق الدراسة".
ويبين البحرة أن الهدن المحلية تساعد النظام ما لم يكن هناك حل سياسي يتم التفاوض عليه للصراع، الذي راح ضحيته 200 ألف سوري، وهجر نصف السوريين منذ آذار/ مارس 2011.
ويلفت بلاك إلى أن رسالة البحرة الرئيسية كانت حول الأضرار التي أصابت المشروع المعارض للأسد منذ بدأت أميركا وأربع دول عربية حليفة باستهداف "داعش" في سوريا في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر بموازاة ضربات مماثلة في العراق، موضحا "إن الناس يشعرون بأن هناك أجندة سرية وتعاون بين التحالف وقوات الأسد؛ لأن الأسد يفترض أن يديه مطلقتان.. والرأي العام السوري هو جبهة يجب أن ننتصر فيها".
ويرى أن ضرب جهات غير "داعش" مثل ضرب جبهة النصرة يساعد النظام في دمشق أيضا.
وانتقد البحرة عدم وجود تواصل بين التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة والجيش السوري الحر، والذي يعتبر تشكيلة من الوحدات المقاتلة المعارضة للأسد، ولها ارتباط بالائتلاف الوطني السوري، باستثناء كوباني على الحدود التركية، حيث يعمل المقاتلون الأكراد والجيش السوري الحر بالتنسيق مع ضربات التحالف الجوية لصد "داعش".
ويضيف البحرة للصحيفة "إنه تم إهمال الجيش السوري الحر تماما، وهذا يضعف عملية التحالف الدولي؛ لأنه لا يمكنها تحقيق تقدم على الأرض .. وكل العملية كانت متخبطة، فالغارات الجوية لن تحقق انتصارا على التطرف، فيجب هزيمة (داعش) على الأرض، كما يجب التعامل مع سبب ومصدر التطرف وهو النظام نفسه".
وقلل البحرة من شأن هزيمة مجموعتين من الثوار تدعمهما أميركا في منطقة إدلب، وأصر على أن هناك العديد من القوات الوطنية المتوفرة للمشاركة في برنامج التدريب والتسليح، ولكنه اعترف بأن استراتيجية المعارضة العسكرية تأثرت سلبا.
ويعلق البحرة "إن (داعش) تعمل تحت قيادة واحدة، ولها عقيدة واضحة، .. بينما تم تقديم المساعدات للجيش السوري الحر عن طريق قادة الكتائب، ولذلك فإن المقاتلين تعبوا من التبعية لأشخاص، بدلا من قوة وطنية موحدة تعمل لتحقيق طموحات الشعب السوري".
وأعرب البحرة عن معارضته لمقترحات الهدنة التي يدرسها مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، ستيفان دي ميستورا، والتي تم تناولها في الأيام الأخيرة في تقارير وتسريبات غير رسمية.
ويجد زعيم المعارضة أن "حياة السوريين هي أهم أولوياتنا، ولكننا نحتاج للنظر إلى المسألة من وجهة نظر استراتيجية،.. الهدن والحد من العنف الموجود يوفران حلا مؤقتا وليس حلا نهائيا للأزمة. فالهدنة دون رؤية واضحة لحل سياسي كامل سيعطي النظام وقتا لإعادة ترتيب صفوفه، والاستمرار في جرائمه ضد الشعب السوري في مرحلة لاحقة"، وفق التقرير.
وتذكر "الغارديان" أن البحرة التقى في الاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الذي قال لاحقا إن نظام الأسد "لم يكن مستعدا ولا قادرا على اتخاذ إجراءات ضد (داعش)"، وأضاف بأنه "أعاد تأكيده للرئيس البحرة أنه لا يمكن للأسد أن يلعب دورا مستقبليا في سوريا".
ويوضح الكاتب أن البحرة بذل جهودا كبيرا في تحسين صورة الائتلاف، والتي شوهتها الاقتتالات الداخلية وتدخلات الممولين الأتراك والخليجيين، والذي يهاجمه الناشطون الميدانيون؛ كونه بعيدا عن نبض الناس ولا يمثلهم وغير مؤثر، وكان جون ويلكس مبعوث الحكومة البريطانية حذر الائتلاف في تموز/ يوليو الماضي من التصرف كـ "مافيا"؛ لأن ذلك سيؤثر سلبا على تمويل المانحين.
وترى الصحيفة أن ما يزيد من تأزم وضع الائتلاف أن الحكومات الغربية وبسب تنامي مخاطر "داعش" تفكر في التعامل مع الأسد ضد الجهاديين، على أساس أنه أخف الضررين، واعترف البحرة أن الأمور لا تبدو جيدة، ولكن يجب على المجتمع الدولي إيجاد حلول دائمة عاجلا أم آجلا.
ويفيد بلاك بأن البحرة قاد وفد المعارضة في جنيف 2 في كانون الثاني الماضي، حيث انتهت المفاوضات إلى لا شيء، وتبعها انتخاب الأسد لولاية ثانية، ولا يرى البحرة اليوم فرصة لجولة جديدة من المفاوضات.
ويختم الكاتب بالإشارة إلى أن حلفاء المعارضة السورية، وخاصة أميركا، قدموا الكثير من المساعدات الإنسانية، وقليلا من المساعدات العسكرية على عكس ما فعلته إيران وروسيا لبشار الأسد، بحسب البحرة.