يشمل مصطلح "الناشطين" الذي تم استخدامه بكثرة منذ انطلاقة الثورة في سوريا؛ فئة واسعة من الشباب السوريين الذين هاجر قسم كبير منهم خارج البلاد بسبب تدهور الوضع الأمني، ونتيجة للممارسات الدموية التي تعرضوا لها كالخطف والتعذيب والتصفية المباشرة، سواء من قبل النظام السوري، وتنظيم الدولة (داعش) أو الكتائب والمجموعات العسكرية، سواء كانت إسلامية أم غير إسلامية.
واتخذ العديد من هؤلاء الناشطين مدينتي غازي عنتاب وانطاكية التركيتين مركزا لهم ولنشاطهم في الثورة
السورية، كما اعتبرت الدول المجاورة لسوريا بالنسبة لهم محطة ليغادروا منها إلى البلدان الأوروبية في وقت لاحق. وبالفعل فقد هاجر العديد منهم إلى أوروبا أو أمريكا الشمالية سواء بتأشيرات أو بطرق التهريب التي أصبح الجميع يعرفها.
غرام الحسين، وهي ناشطة في
الثورة السورية، تقول لـ"عربي 21": "بدأت أشعر بالتعب والملل من وضعي غير المستقر منذ أربعة أعوام تقريباً، فأنا أتنقل بين تركيا والإمارات ولبنان خلال نشاطي بالثورة السورية، وأحلم بالاستقرار في بلد يحترمني ويحميني من القتل".
ونوهت إلى أنها لا تستطيع الاستقرار بالمناطق التي حررتها المعارضة السورية من النظام لأنها تتعرض للقصف والمجازر، بالإضافة إلى أن "بعض الفصائل الإسلامية المتشددة بدأت بفرض قوانين لا تناسب وضعي، مثل الحجاب والتنقل مع محرم" كما تقول.
الناشط الحمصي أبو جعفر المغربل قال في حديث خاص لـ "عربي21"، إنه "بعد أن تعرض لمضايقات من قبل كتائب المعارضة المسلحة وأجبروه على الإقامة الجبرية لأكثر من شهر في إحدى قرى ريف حمص الشمالية؛ قرر الذهاب خارج البلد، وكونه سوريا معارضا كان لا بد من البحث عن وطن بديل يعطيه أوراقا ثبوتية ووثائق سفر".
وقال إنه عندما شارك في الثورة السورية لم يكن يريد الموت، بل العيش بحرية وكرامة، وهولندا التي لجأ إليها أعطته الأمان والحرية، بالإضافة إلى منزل وراتب لا بأس به، معتبرا أن "الثورة السورية انحرفت عن مسارها وباتت ألعوبة بأيدي الدول الداعمة سواء كانت للمعارضة أم النظام السوري" حسب قوله.
أما الصحفي عمر الهويدي الذي وصل مؤخراً إلى هولندا، فيقول: "غادرت مدينة الرقة بعد سيطرة تنظيم داعش عليها بشكل كامل في الشهر الأول من العام الحالي، حيث بدأ التنظيم بخطف واعتقال الناشطين المدنيين وممثلي الحراك المدني في الرقة وإخفائهم بطرق غير معروفه، ولهذا غادرت مدينة الرقة متجهاً لمدينة غازي عينتاب التركية ومن ثم قررت طلب
اللجوء في هولندا".
وأضاف أن عشرات النشطاء والمدنيين والصحفيين في الرقة غادروا المدينة لأنهم كانوا دعاة مجتمع مدني وباحثي ديمقراطية كي لا يلاقوا مصير الناشط عبد الله الخليل وفراس الحج صالح الذين يعتقد أنهم اختطفوا على يد تنظيم "داعش".
من جهته، يقول الناشط مصطفى أحمد، وهو معتقل سابق لأكثر من مرة ومن أوائل المعتقلين في الثورة السورية وفقد اثنين من إخوته تحت التعذيب في سجون النظام ونحو خمسة من أقاربه من الدرجة الثانية وعدد آخر من لأصدقائه، إنه اضطر للهجرة إلى أوروبا بعد أن صار وحيدا ومسؤولا عن عدد من الأطفال اليتامى. وأوضح وأنه لجأ بادئ الأمر إلى الأردن، ومن ثم دخل إلى سورية عبر تركيا محاولا الاستقرار في المناطق المحررة، لكنه تعرض لمضايقات كثيرة منعته من الاستمرار هناك في ظل المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه.
وأضاف مصطفى: "لقد كنت على وشك الاختطاف أكثر من مرة من قبل عدة مجموعات مسلحة، بدعوى أني ناشط علماني، والبعض أشاع بأني عميل للنظام لأني لم أكن أستسيغ الممارسات التي يقومون بها مثل قطع الرؤوس والإعدامات الميدانية، وكانوا يحاولون التأكيد على اتهاماتهم لي بأني خرجت من السجن ولم أمت تحت التعذيب ما يعني أني عميل للنظام".
يتابع: "أدركت حينها أنني يمكن أن أقتل بناء على اتهامات وافتراضات لدى البعض، فما كان مني إلا أن غادرت مسرعا إلى أقرب مهرب، وغامرت بعبور البحر حتى وصلت إلى ألمانيا التي أقيم بها حاليا".