"مُصادر من قبل الأمن العسكري".. هذه العبارة كتبت على باب منزل الشيخ خالد كمال، وهو أحد الشخصيات الدينية المعارضة للنظام السوري في مدينة
اللاذقية الساحلية، ضمن أحد الأحياء الذي تقطنه أغلبية مناهضة لنظام بشار الأسد.
وقال كمال لـ"عربي 21" إن النظام صادر منزله ومحله التجاري، كما تمت
مصادرة حاسوبه الشخصي أثناء مصادرة المنزل الذي وضعوا قفلا جديدا عليه.
وبحسب ناشطين، فإن النظام وفروع مخابراته يتبعون هذه الإجراءات بهدف توفير الدعم اللازم للصندوق المستحدث لدعم أبناء الضباط الذين سقطوا دفاعا عن نظام الأسد، حيث بدأ الامن العسكري داخل مدينة اللاذقية مؤخرا بمصادرة أملاك معارضين للنظام، مع التركيز على شخصيات هامة لها تأثيرها على الأرض سواء كانت هذه الشخصيات سياسية أو دينية أو عسكرية.
بدوره، قال الناشط الحقوقي رحال رحال في تصريح خاص لـ"عربي 21"، إن أجهزة الأمن صادرت أيضا منزل أحد الضباط الذين انشقوا عن جيش النظام يدعى "أبو رحال"، في حي قنينص المعارض، وذلك بعد أن أفرغته من محتوياته وسلمته لمقربين من النظام السوري.
وقال رحال إن "
الشبيحة والأمن في اللاذقية يصادرون أملاك المعارضين بشكل نهائي، بل إنهم يصادرون منازل السجناء ويطردون أطفالهم من منازلهم".
وعلق ناشط من مدينة اللاذقية بالقول إنه في ظل الضغط من الطائفة العلوية على النظام، كان لا بد له من إيجاد وسائل عديدة من شأنها ان تخفف من حدة هذا الضغط، فتارة يقوم المحافظ بتوزيع "ماعز" على ذوي القتلى، وتارة يقوم بتزويج أبنائهم في حفلات جماعية، إلا ان العدد الكبير من القتلى في صفوف جيشه وميليشياته يجبر حكومة النظام بالبحث عن مزيد من الخيارات لتوفير ما يلزم لإسكات أهالي قتلاه.
وأضاف أن النظام أنشأ مؤخرا صندوق "دعم الشهداء" الذي يهدف إلى توفير رواتب مادية دائمة لعائلات قتلاه، "فلا تجد إعلانا على قنوات النظام الإخبارية إلا وفيه "دعوة للتبرع لأبناء الوطن"، إضافة إلى الإعلانات الطرقية في اللاذقية وجبلة وبانياس، وحملات تقوم بها شركة اتصالات "سيريتيل" (التي يسيطر عليها رامي مخلوف)، والآن بات الاستيلاء على منازل المعارضين والسجناء هو المصدر الأول حاليا الذي يوفر دعما لهذا الصندوق".
وفي إحدى الحالات، قال الناشط، عادت إحدى النساء إلى منزلها بدون زوجها لتجد منزلها مختوما بالشمع الأحمر، لتراجع فرع الأمن العسكري، فتم تحويلها للمحكمة بعد أن قدمت دليلا لا يقبل الشك بأنها صاحبة المنزل، لكن أبناءها غير متواجدين، الأمر الذي كان سببا في مصادرة المنزل وختمه بالشمع الأحمر، وما زالت هذه المرأة تراجع المحكمة لاسترجاع منزلها المسلوب.
وبحسب أحد سكان المدينة، فإنه "إذا أراد أحد المتنفذين من أبناء السلطة في المدينة، لا سيما من الطائفة العلوية، شيئا ما، عليه إلا أن يشحذ سلاحه مترجلا من سيارة أمن، ويقوم باقتحام ما يريد وينال ما يطلب وسط أعين الجميع، والعجز عن فعل أي شيء".
وأضاف أن "الجيش الشعبي الحلبي الذي تشكل مؤخرا، مهمته الانتشار والتغلغل وسط أحياء المعارضة ومحاولة السيطرة على المنازل. وحوادث عدة جرت داخل حي الرمل الجنوبي المعارض، عندما يأتي المستأجر الحلبي مسكينا يطلب بيتا للإيجار ويدفع مقدما عن شهر أو شهرين ثم يسكن في المنزل ولا يدفع الأجرة بعد ذلك، ويستعين بعناصر الجيش الشعبي الحلبي، متهما أصحاب المنزل بأنهم من الإرهابيين أو أن لديهم أبناء في صفوف المعارضة".
وبدأت مدينة اللاذقية تعاني من تغيرات ديموغرافية، فالتركيبة السكانية بدأت تتغير بشكل كبير، حيث أفادت فتاة تسكن في المدينة في تصريح خاص لـ"عربي21": "لازم نتعلم حلبي من الآن وصاعدا فنحن نشعر بالغربة"، حسب تعبيرها.