فيما كان العدو الصهيوني يبدأ الإجراءات القانونية لتقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين ويخوض أبناء
فلسطين نضالا يوميا ضد المستوطنين والجنود الصهاينة، شهدت العاصمة اللبنانية (بيروت) في اليومين الماضيين اجتماع الهيئة التأسيسية لاتحاد علماء
المقاومة والذي جرى إطلاقه في العاصمة الإيرانية قبل حوالي الشهرين وترأس لجنته التأسيسية رئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله الشيخ محسن الأراكي(من علماء ايران) ، وشارك في الاجتماع عدد من العلماء والمفكرين من بعض الدول العربية والإسلامية وان كان الحضور لا يمثل كل الاتجاهات الفكرية والسياسية والحزبية في الواقع العربي والإسلامي ، ولوحظ غياب قيادات حركة حماس والجهاد الإسلامي والإخوان المسلمين، مع حضور القيادي السابق في الإخوان كمال الهلباوي، وممثل عن حزب السعادة التركي، كما لوحظ غياب الشخصيات الفلسطينية المعنية بالقدس والمسجد الأقصى كمفتي
القدس ومفتي فلسطين وغيرهم من الشخصيات التي تعتبر من اشد المناضلين من اجل فلسطين والمقاومة.
صحيح أن اللقاء هو اجتماع تأسيسي وان العلماء المشاركين أعلنوا الاستعداد لفتح باب الانتساب للجميع ،كما أن البيان الصادر عن الاجتماع اعلن دعم إعمار غزة وتبني خيار المقاومة والدفاع عن القدس وفلسطين ، فإن بعض المشاركين في اللقاء ركزوا على ما أسموه " محاربة القوى التكفيرية" ورفض المؤامرات التي تشن ضد بعض الدول كسوريا والعراق، لكن معظم المشاركين (إن لم يكن كلهم) لأنه لم يتم إذاعة كل الكلمات التي قيلت خلال الاجتماع، لم يتحدثوا عن مشكلة الظلم والطغيان والديكتاتورية في العالم العربي والتي أدت إلى ما يجري من
صراعات ومن انتشار لموجات التطرف وتحول الصراع في العالم العربي إلى صراع على السلطة والنفوذ.
وقد يكون صحيحا أيضا أن الدفاع عن المقاومة ومواجهة العدو الصهيوني يجب أن يكون على رأس أولويات أي حراك عربي أو إسلامي، وان القضية الفلسطينية يجب أن تكون في رأس الاهتمامات وأن لا يكون الوصول إلى السلطة على حساب الموقف الأساسي من العدو الصهيوني، لكن بالمقابل لا يمكن إهمال أسباب ما جرى ويجري في العالم العربي والإسلامي من أحداث وتطورات وثورات وان وجود الظلم والطغيان كان سببا أساسيا للحراك الحاصل، مع أن الأطراف الإقليمية والدولية استغلت ما يجري بهدف تدمير هذه الدول وحرف الحراك عن أهدافه.
لذا اذا أراد اتحاد علماء المقاومة أن ينجح في مهمته من خلال إعادة توحيد الأمة تحت عنوان المقاومة ،بعد أن فشلت أو تراجعت عملية التقريب بين المذاهب الإسلامية والدعوة للوحدة الإسلامية، فيجب أن تتم رؤية الأوضاع من منظار شامل وكامل ومتوازن، فالدفاع عن المقاومة ومواجهة العدو الصهيوني وحماية الأقصى تتطلب أيضا العمل لإنهاء الصراعات الداخلية ووقف الصراع على السلطة في الدول العربية والإسلامية والوصول إلى تسويات شاملة تحقق الديمقراطية والأمان وتؤمن لكل الناس مطالبهم.
فالمقاومة تتطلب أيضا ديمقراطية حقيقية وقد نجحت المقاومة في لبنان وفلسطين لان هذين البلدين غير خاضعين لحكم ديكتاتوري وفيهما نسبة معينة من الديمقراطية أتاحت لقسم من الشعب بالتحرك الحر للدفاع عن أرضه ومقاومة العدو الصهيوني وهذه نقطة أساسية يجب الانتباه لها.
إذا فإن إعلان الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة يعتبر خطوة مهمة لإعادة توحيد الجهود لمقاومة العدو الصهيوني والدفاع عن المسجد الأقصى لكن بشرط أن يكون الجهد موحدا وشاملا وان يتم أيضا العمل لمعالجة الأسباب التي أدت إلى تفرق الأمة وانتشار الصراعات الداخلية وتفتت بعض الدول العربية والإسلامية.
نحتاج اليوم لرؤية شاملة ومتوازنة لما يجري وان لا نرى الأمور من زاوية واحدة وبذلك نستعيد خيار المقاومة ونحرر فلسطين والأمة ونمنع سيطرة الصهاينة على المسجد الأقصى.