صمد لمدة 25 عاما بعد انهيار النظام الشيوعي إلا أن
المجر بقيادة الشعبوي فيكتور أوربان قضت عليه... فتمثال
كارل ماركس الذي أصبح رفيقا للطلاب في جامعة كورنيفوس في بودابست أنزل في عطلة نهاية الأسبوع.
ويرى كثيرون في ذلك مؤشرا جديدا للتغيير الجذري الذي يريد أوربان إرساءه في هذا البلد البالغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة.
والتمثال البرونزي البالغ ارتفاعه أربعة أمتار شيد بعد ثلاث سنوات على القمع الدموي للتمرد المناهض للشيوعية في العام 1956. وهو كان على الأرجح أحد آخر تماثيل ماركس التي بقيت في البلاد بعد حلول الديموقراطية العام 1989.
وقال زولت روستوفانيي رئيس الجامعة العريقة التي كانت جامعة كارل ماركس قبل أن تغير اسمها في العام 1990 "لم يعد هذا التمثال جزءا من هويتنا".
وجامعة كورنيفوس ليست معقلا للناشطين الماركسيين ولا لأناس يحنون إلى الحكم الحديدي الذي خضعت له المجر لأربعة عقود.
إلا أن عددا لا بأس به من الطلاب الذي التقتهم وكالة فرانس برس يأسفون لغياب تمثال المفكر الألماني.
ففي ردهة الاستقبال كان ماركس جالسا مع حاجبين مقطبين ويد ممدودة وأخرى تحمل كتابا سميكا على الأرجح هو عمله الشهير "رأس المال". إلا أن صرامة التمثال لم تكن تلقي بظلها على الطلاب بل إن ماركس تحول إلى حليف للطلاب.
فعند مطلع الموسم الدراسي في كل سنة يلتقط الطلاب الجدد الصور أمامه. وما أن يحصلوا على الشهادة كانوا يضعونها في اليد الأخرى الحرة للتمثال قبل أن يلتقطوا صورة جديدة مع الأهل المتأثرين، على ما يذكر طلاب سابقون.
في عيد العشاق كان يضع مجهولون قلبا في يد الرجل الكبير.
وتقول باتريسيتا وهي طالبة في السنة الثالثة "خلال الحفلات الطالبية في السنة الأولى كنا نضع طاولة الشراب أمام التمثال. كما لو أن ماركس يقدم المشروب بنفسه!".
بالنسبة لهذا الجيل الذي لم يعرف الحرب الباردة كان التمثال مجرد ملتقى، إذ كانوا يقولون لبعضهم البعض "نلتقي أمام ماركس" من دون أي بعد سياسي. ونقل التمثال إلى موقع معرض تاريخي في الجامعة.
ولا يعرف ماذا سيكون مصيره بعد ذلك. وينفي روستوفاني أن يكون خضع لأي ضغوط لإزالة التمثال رغم رسالة مفتوحة بهذا الشأن أرسلها وزير إلى الجامعة في كانون الثاني/يناير.
ووصف الوزير المكلف التنظيم الإداري بينس ريتفاري فيها ماركس بأنه "عنصري" أرسى أسسا ديكتاتورية غير إنسانية ومجازر القرن العشرين".
لكن هل تعكس إزالة تمثال ماركس إرادة فيكتور أوربان الذي يتهمه منتقدوه بانه مشروع طاغية، لإحلال تغيير جذري في المجتمع؟.
هذا هو رأي اندراس مينك المؤرخ في جامعة أوروبا الوسطى في بودابست.
ويوضح "هذا ربما عنصر ذو دلالات مهمة في خطاب الحكومة التي تعتد بأنها باشرت ثورة عند وصولها إلى الحكم في العام 2010".
وأعيد انتخاب فيكتور أوربان بهامش كبير في نيسان/أبريل وهو ناشط سابق مناهض للشيوعية اصبح مشككا بالوحدة الأوروبية ومحافظا.
وهو يمتدح "نجاح" روسيا فلاديمير بوتين. تعديلاته الدستورية وقوانينه التي تحكم القضاء وتقيد حرية الصحافة والضرائب الثقيلة على الشركات الأجنبية، أثارت انتقادات كثيرة من الاتحاد الأوروبي وقلقا على الحريات الفردية ومن الهيمنة على الاقتصاد.
ومنذ الربيع، باتت بعض المنظمات غير الحكومية التي تمولها النروج والتي يأخذ عليها أوربان أنها "عميلة تتقاضى أموالا من الخارج" ، كما في روسيا، في مرمى الشرطة.
وتفيد منظمة هيومن رايتس واتش "أنها خطوة جديدة في إطار تخويف المجتمع المدني". ويوضح اندراس مينك أن هذه السلطة تعتبر أن "ماركس يمثل استمرارية بين نهاية
الشيوعية والعقدين الفوضويين اللذين تلاه. وبعد إعادة انتخابها تنوي الحكومة الانقطاع كليا عن هذا الماضي".