يسيطر القلق على "إسماعيل يونس"، وتتملكه الحيرة، حين التفكير في كيفية توفير المال لشراء الزّي المدرسي لأبنائه هذا العام، في حال لم يتقاض راتبه هذا الشهر أيضًا.
ولم يحصل يونس، الأب لثمانية أطفال، والموظف في حكومة
حماس السابقة بغزة، على راتبه للشهر الثالث على التوالي، متمنيًا أن يكون شهر أغسطس/ آب مختلفًا عن سابقيه، كما يقول للأناضول.
ويتخوف يونس من ألا تصرف الحكومة الفلسطينية
رواتب الموظفين التابعين لحركة حماس لهذا الشهر أيضًا، وتكتفي بصرف رواتب الموظفين التابعين لها، داعيًا إيّاها لتحمّل مسؤوليتها تجاههم.
وصرّح الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، إيهاب بسيسو، في وقت سابق لجريدة الحياة الصادرة من الضفة الغربية، أن رواتب موظفي
السلطة الفلسطينية ستصرف في موعدها المحدد خلال الأسبوع القادم، مشيرًا إلى أن حكومته ستحاول صرف دفعات من رواتب موظفي حكومة "حماس" السابقة بغزة، دون الإشارة إلى موعد معلوم.
وأشار بسيسو إلى أن حكومته تعاني من أزمات مالية خانقة، وعجز يقدر بنصف مليار دولار، نتيجة لاضطراب المساعدات العربية والدولية، والتهديدات الإسرائيلية بمنع تحويل الأموال لها في حال دفعت رواتب موظفي حماس.
ولم يتقاض موظفو حركة حماس رواتبهم، عقب مغادرة الحركة للحكم في
غزة بعد ثماني سنوات، وتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، في يونيو/ حزيران الماضي، مما أدى إلى حدوث موجة احتجاج واسعة من قبلهم، وأغلقوا البنوك والصرافات الآلية في القطاع، لمنع نظرائهم في حكومة رام الله من استلام رواتبهم.
ويبلغ عدد موظفي حكومة "حماس" السابقة، الذين لم يتقاضوا رواتب عن أشهر (مايو/ آيار، ويونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز) الماضية، لعدم إدراجهم في قائمة ديوان الموظفين الفلسطيني، نحو 50 ألف موظف، تبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 40 مليون دولار.
وتقول حركة حماس، إنها اتفقت نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي، مع حركة فتح على أن تتولى حكومة التوافق دفع رواتب كافة موظفي الحكومتين السابقتين في الضفة وغزة.
لكن الرواتب التي أرسلتها الحكومة الفلسطينية الجديدة، اقتصرت على موظفي حكومة رام الله، ولم تشمل موظفي حكومة حماس السابقة.
وكانت قطر قد تعهدت في وقت سابق بتحويل مبلغ 20 مليون دولار للمساهمة في حل أزمة رواتب حكومة غزة السابقة، غير أن خلافات بين طرفي المصالحة الفلسطينية ممثلة بحركتي فتح وحماس، حالت دون هذه الأزمة.
ووقعت حركتا فتح وحماس في 23 أبريل/ نيسان الماضي، على اتفاق، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وأعلن عقب توقيع الاتفاق عن تشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية في 2 يونيو/ حزيران الماضي، وأدى أعضاؤها اليمن الدستوري أمام الرئيس الفلسطيني محمود
عباس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
ومازال يونس يتساءل: "هل سأقف عاجزًا مرة أخرى عن تلبية رغبات أبنائي، لأنني لا أملك المال، وماذا عن أصغرهم الذي سيدخل الصف الأول هذا العام، هل سأقتل حلمه بالحصول على ثياب وحقيبة جديدة".
واستدرك يونس: "لا أريد لهم أن يذهبوا إلى مدارسهم بزيّهم القديم، ومازالت أتساءل كيف سأتدبر مصروفهم اليومي، وأجرة الحافلات، مصاريفنا تزداد وفي المقابل لا نملك المال".
وكما يونس، يتخوف موظفو حكومة غزة السابقة أيضًا، من عودة "أزمة الرواتب" مجددًا، مع اقتراب صرف رواتب موظفي حكومة رام الله السابقة، لشهر أغسطس/ آب، خلال الأسبوع المقبل.
ولم يعد محمد إبراهيم، الموظف التابع لحكومة حماس، قادرًا على طلب استدانة المال من أحد أقاربه، لتوفيره أدنى احتياجات أسرته، فقائمة الديون لديه طالت، ولا يعرف كيف يسدّدها، حسب قوله لوكالة الأناضول.
ويترقب إبراهيم في كل لحظة أخبار صرف السلطة الفلسطينية لرواتب موظفي الحكومتين السابقتين، ويقول: "أتمنى أن ينفذوا التفاهمات التي اتفقوا عليها في القاهرة، وأن تنفذ حكومة التوافق الفلسطيني واجباتها تجاهنا".
ويضيف إبراهيم: "لا يمكنني استدانة المال من أحد ولا أعرف ماذا أفعل، أشعر بالإحراج لأنني لم أستطع دفع الأموال التي قمت باستدانتها لأصحابها حتى اللحظة".
ويصف الموظف أنور خليل، أوضاعهم المعيشة بـ "المزرية والصعبة"
ويتابع في حديثه: "ماذا علينا أن نفعل، فأنا مثلا يطالبني صاحب المنزل باستمرار بدفع قيمة الإيجار".
وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن العام الدراسي الجديد في قطاع غزة سيبدأ في 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعد تعطله بفعل الحرب التي شنتها إسرائيل في 7 يوليو/ تموز الماضي، استمرت لـ"51" يوما، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 2100 فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألف آخرين.
وأكد محمد صيام، رئيس نقابة الموظفين في قطاع غزة، (المقربة من حركة حماس)، أنه لم يتلقَ أي اتصالات من حكومة التوافق الفلسطينية بشأن صرف دفعات من رواتب موظفي غزة.
وقال في حديث: "نرفض سياسة المماطلة التي تنتهجها حكومة التوافق، وتأخيرها لصرف رواتب موظفي غزة، ومازلنا حتى اللحظة نسمع الوعود فقط، دون تنفيذ أي فعل، وما يحدث هو أمر سياسي بامتياز".