اقترح المعلق الأمريكي المعروف فريد زكريا خلق
صحوات سنية في
العراق لهزيمة "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا –
داعش.
وفي مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" تساءل زكريا "ما هي قوة الدولة الإسلامية، سؤال وضعته أمام مراقبين عارفين، أحدهما دبلوماسي أوروبي والثاني مسؤول أمريكي سابق. والصورة التي حصلت عليها مثيرة للقلق، ولكن الوضع ليس ميؤوسا منه".
ويقول إن هزيمة التنظيم تحتاج إلى جهود كبيرة واستراتيجية من الرئيس باراك أوباما، ويمكن تحقيق هذا بدون إرسال أعداد كبيرة من القوات الأمريكية للعراق.
ويشير إلى أن الدبلوماسي الأوروبي الذي يعمل في الشرق الأوسط يسافر لسورية ولديه اتصالات مع النظام والمعارضة، ويتفق مع الكثيرين أن "تنظيم الدولة" حصل على قدرات مالية وعسكرية في الأشهر الأخيرة الماضية.
ويحصل التنظيم على مليون دولار في اليوم من سورية والعراق من خلال بيع النفط والغاز، مع أن الولايات المتحدة تعتقد أن الرقم أعلى في العراق.
ويشير زكريا إلى أن استراتيجية التنظيم العسكرية وحشية، لكنها تعبر عن ذكاء، فقد أشار تقرير "تنظيم الدولة" السنوي لعام 2012 إلى تفاصيل عن وسائله القتالية وعملياته في محاولة لإثارة إعجاب الداعمين له، كما أن أشرطة الفيديو التي بثها عن قتل الصحافي الأمريكي جيمس فولي وغيره تعبر عن رؤية إستراتيجية تهدف لزرع الخوف في نفوس الأعداء الذين يفضلون الفرار على مواجهته في ساحات المعارك.
ويرى الدبلوماسي أن أخطر ما لدى داعش هو أيديولوجيته القادرة على جذب الناس إليه، فقد استطاع تجنيد السنّة الذين يشعرون بالظلم في سورية والعراق، والذين يعتقدون أن أنظمة كافرة تحكمهم.
ونجح داعش مع سنّة العراق بسبب السياسات الطائفية التي تبنتها حكومة نوري المالكي، ويرتبط صعود تنظيم داعش أيضا بانهيار القوى المعتدلة والعلمانية وحتى المؤسسات الإسلامية والجماعات، مثل الإخوان المسلمين.
ويتساءل الكاتب عن كيفية التصدي لتحدي داعش؟ وهنا يجيب المسؤول الأمريكي السابق والذي يرى أن لا حاجة للتشاؤم، فتنظيم داعش ليس بقوة القاعدة عندما كانت في ذروة نشاطها في العراق. وقلل المسؤول من أهمية التقارير التي تحدثت عن دور ضباط الجيش العراقي السابق في تنظيم داعش قائلا "لقد قاتلنا ذلك الجيش ولم يكن مثيرا للإعجاب"، وعليه فإنه يرى إمكانية هزيمة داعش حال توفرت الإستراتيجية الشاملة مثل تلك التي طبقت بعد زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق عام 2007.
ويرى المسؤول أن المهمة الأولى يجب أن تكون سياسي؛ أي دعم جهود إدارة أوباما التي تدفع باتجاه تشكيل حكومة شراكة وطنية في بغداد "نتمتع بنفوذ أكثر من السنوات الماضية وتقوم الإدارة باستخدامه"، وفي حال تحقق التقدم على المستوى السياسي، فعندها يمكن القيام بالخطوة الثانية بتشكيل قوات برية فعالة وقوية تستطيع نقل الحرب لداعش وهزيمته، ولن تكون من قوات الجيش السوري الحر، ولكن من قوات الجيش العراقي الذي أعيد تأهيله.
وسيتم بناء وتدريب وتسليح هذه القوات وستضم حسب المسؤول "وحدات قوية، خاصة القوات الخاصة التي تلقت تدريباتها في الأردن وكانت مثار إعجاب"، مشيرا إلى أن هذه القوات هي التي استعادت سد الموصل من تنظيم داعش. ويقول إنها لم تتسم بأداء جيد لأن المالكي حولها لقوات طائفية وموالية له.
وتحتاج عمليات إعادة بناء الجيش العراقي لطرد القادة الشيعة الذين عينهم المالكي، وهذه العملية تشبه ما حدث عندما زادت القوات الأمريكية من عدد قواتها عام 2007 حيث تم استبدال نسبة 70% من قادة الفرق العراقية لخلق وحدات قتالية فاعلة.
وعندما يتم الانتهاء من تشكيل الوحدات وتكون قادرة على القتال، فعندها يمكن نشرها في مواقع النفط الإستراتيجية حيث سيتم تنظيفها والاحتفاظ بها.
وييعتقد زكريا أن مفتاح النجاح سيظل هو الحصول على ثقة السنّة. ويمكن استخدام نفس الأسلوب في سورية، حيث يقوم الجيش السوري الحر باستخدام المال وتوفير الأمن من أجل استعادة سكان المناطق المحليين الذين يعارضون الأسد، ولكنهم يدعمون داعش خوفا منه لا إيمانا بما يقوم به.
وحذر المراقبان من خطر وحيد ومركزي وهو مدافعة الرغبة لتحقيق انتصارات سريعة ضد "تنظيم الدولة" مما يعني التعاون مع نظام الأسد، ويعني انتصارات قصيرة الأمد، ولكن تشكل كارثة سياسية طويلة الأمد. وبحسب الدبلوماسي "فسيغذي هذا التعاون فكرة الحصار عند السنّة، وهي أن الصليبيين المسيحيين والشيعة يقومون باضطهادهم ولهذا يجب على كل السنّة مواجهة الغزو الأجنبي"، ويشير "مفتاح الحل هو أن يكون السنّة في موقع القيادة ضد الدولة الإسلامية وفي مقدمة المعارك".
ومن هنا يرى الدبلوماسي الأوروبي أن الإستراتيجية التي يمكن أن تعمل ضد الدولة الإسلامية هي إنشاء صحوات مرة أخرى. وهو تحد كبير، ولكنه الخيار الذي يملك حظا للنجاح.