قالت صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية معلقة على قرار الولايات المتحدة الأمريكية مراجعة سياسات تصديرها السلاح لإسرائيل، بأن ذلك يمثل إشارة بأن أمريكا مع حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، ولكن ليس بأي ثمن.
مشيرة إلى أن حادثة الهجوم على رفح قبل أسبوعين كان مفاجأة للأمريكيين، وأهم حدث في العدوان على
غزة الذي مضى عليه أكثر من شهر.
ففي ذلك اليوم، تلقى المسؤولون الأمريكيون مفاجأتين "غير سارتين"، -وفق الصحيفة- الأولى هي خرق وقف إطلاق النار الذي كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد أعلن عنه قبل ساعات حينها، فقد عبّر الأمريكيون عن دهشتهم من هجوم "حماس"، والذي أدى لاختطاف الجندي الإسرائيلي هادار غولدن، وفق الرواية الإسرائيلية. وعليه قام المسؤولون بمن فيهم الرئيس باراك أوباما في الساعات الأولى من الحادث بإصدار تصريحات مؤيدة لإسرائيل، بحسب تقرير الصحيفة.
وأضافت أن المفاجأة الثانية كانت عندما بدأ المسؤولون الأمريكيون بفهم واكتشاف مدى الدمار الذي خلفته إسرائيل على مدينة رفح، وعدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين جراء ردها على اختطاف الجندي الإسرائيلي. "فمن أجل انقاذ حياة الجندي قامت إسرائيل برد مفرط بالقوة على مناطق ذات كثافة سكانية عالية. وبحسب مسؤول أمريكي بارز فقد صدم البيت الأبيض من استخدام إسرائيل للمدفعية والدبابات والقصف الجوي"، وفق الصحيفة.
وأوضحت أن الإدارة الأمريكية تجنبت أي نقد عام في ذلك الوقت لإسرائيل، ولكنها أرسلت رسائل اتسمت بالحدة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر قنوات دبلوماسية.
وبعد أيام قليلة، وعندما قصفت إسرائيل مدرسة تابعة للأمم المتحدة احتمى فيها مئات المدنيين الفلسطينيين، أرسلت واشنطن رسائل لإسرائيل تحمل لغة شجب لم يسمع بها من قبل في البيت الأبيض، واستهدفت إسرائيل.
وقالت "هآرتس" إن "الجمعة السوداء" في رفح، أوصل إحباط الإدارة من أساليب إسرائيل وعدم قدرتها في التأثير على حليفتها القريبة لنقطة الغليان.
ويظهر قرار الإدارة الأمريكية تأجيل تسليم صواريخ "هيلفير" -كما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية- أن البيت الأبيض قرر التحرك من لغة الكلام للفعل، في محاولة لكبح إسرائيل في استخدام القوة التي أدت لسقوط الآلاف من المدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تقوم باتخاذ خطوات إضافية من ناحية تزويد السلاح لإسرائيل. وسيتم التدقيق بشدة في أي طلب سلاح تتقدم به إسرائيل. وسيتم النظر في البيروقراطية وإبطاء عجلة تسليم السلاح. ولن يؤثر هذا على قدرات الجيش الإسرائيلي، لكنه سيترك أثره الدبلوماسي المدمر على إسرائيل، كما قالت الصحيفة.
ومن هنا، فالتحرك الأمريكي يضع خطوطا حمراء أمام أي تصرف إسرائيلي، واستخدام القوة في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، فالأمريكيون وإن دافعوا عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن ليس بأي ثمن. والرسائل لنتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون تقول إن حصول إسرائيل على أحسن
الأسلحة لن يأتي دون شروط.
ويعتبر القرار الأمريكي مثالا آخر حول الطريقة التي يهدد فيها تصعيد العنف ضد الفلسطيين وتجميد العملية السلمية، الأمن القومي الإسرائيلي.
وتعتبر الولايات المتحدة آخر حلفاء إسرائيل ممن عبروا عن عدم رضا عن السياسات تجاه الفلسطينيين من خلال إعادة النظر في تسليم الأسلحة.
ففي أيار/ مايو قررت ألمانيا وقف تسليم دعم لإسرائيل قيمته ملايين الدولارات من أجل شراء صواريخ بحرية لحماية حقول الغاز في البحر المتوسط، بسبب انهيار محادثات التسوية، واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية.
كما أن إسبانيا أعلنت أثناء العدوان عن تجميد تصدير السلاح احتجاجا على قتل المدنيين أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي.
وفي بريطانيا التي شهدت موجة من الاحتجاجات المعادية لإسرائيل، اندلع نقاش حاد في داخل حكومة الائتلاف، أدى لمراجعة عامة في سياسة تصدير السلاح لإسرائيل، وتجميد 12 ترخيصا لبيع أسلحة معظمها قطع غيار لدبابات الميركافا، والطائرات بدون طيار.
وقالت الصحيفة: "صحيح أن إسرائيل لا تواجه حظرا على تصدير الأسلحة، ولكن الموجة غير مشجعة، فالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد المستوطنات في العامين الماضيين، تشير إلى ما سيأتي به المستقبل. كما أدت الحرب على غزة لإضعاف موقف إسرائيل دوليا وقدمت مبررا لعزلتها في العالم".
وبعد نهاية العدوان، وفي الساعة السادسة مساء، فستبدأ إسرائيل حملة دبلوماسية للدفاع عن نفسها، ولا يعرف إن كانت قادرة على فعل هذا، كما قالت الصحيفة.