قال مراقبون إن القيادي في
القاعدة "
جلال بلعيدي"، فاق كافة قيادات التنظيم السابقة في الوحشية والعدوان ويُقدم نموذجا يمنيا لـ"
داعش".
كان حارسا لمرمى كرة قدم ويطمح لإرعاب المهاجمين بمهاراته في الذود عن عرينه، لكن الشاب الثلاثيني جلال بلعيدي، تحوّل إلى مهاجم في صفوف تنظيم القاعدة باليمن، وبدلا من بث الرعب في فريق مكوّن من 11 لاعبا، بات يشكل رعبا لدولة بأكملها.
وأثارت المذبحة التي ارتكبها تنظيم القاعدة بحق 14 جنديا يمنيا، في محافظة حضرموت شرقي البلاد، الجمعة الماضي، كثيرا من الأسئلة حول شخصية الرجل الذي أعطى الأوامر لرجاله بذبح جنود عُزّل ورمي جثثهم على قارعة الطريق.
وقال مراقبون إن القيادي في القاعدة جلال بلعيدي، فاق كافة قيادات التنظيم السابقة في الوحشية والعدوان، ويُقدم نموذجا يمنيا لتنظيم الدولة الإسلامية المشهور بـ"داعش" والمعروف باستخدام أساليب وحشية في قتل خصومه، منها قطع الرؤوس.
وينحدر جلال محسن بلعيدي المرقشي، من قبائل المراقشة في محافظة أبين جنوبي
اليمن، ويقول أصدقاء له إنه بدأ الاهتمام بحفظ القرآن الكريم عندما بلغ عمره 13 عاما، وأنه كان صاحب شخصية مسالمة، مختلفة تماما عن الشخصية العدائية التي بات يمتلكها الآن، وتبرزها تسجيلات التنظيم.
وقال الصحفي الرياضي شكري حسين: "شخصيته في السابق كانت خجولة، لا يحب التكلم كثيرا، وكان قليل الاختلاط بالناس".
وأضاف شكري، والذي يعرفه بلعيدي منذ كان طالبا في الصف السادس الأساسي، "كان شابا طبيعيا، التحاقه بتنظيم القاعدة كان مفاجأة لكل أصدقائه ومعارفه، حتى والده تفاجأ".
وكشف الصحفي الرياضي اليمني، أن بلعيدي كان عاشقا للرياضة، حيث التحق بالنادي الأبرز في محافظته نادي حسان، ولعب بفرقه المختلفة، حتى وصل للفريق الأول لكرة القدم عام 2000 - 2001.
وعمل جلال بلعيدي بعد انتهائه من دراسة الثانوية العامة في مخبز، في بداية رحلته للبحث عن لقمة العيش، وفقا لأحد أقاربه الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه.
وبدأت مسيرة التحول في حياة الشاب الأبيني (نسبة إلى محافظته أبين) المسالم، منتصف العام 2011، فبعد استيلاء عناصر "القاعدة"، على مدينة زنجبار في محافظة أبين، تم تنصيب جلال بلعيدي، أميرا لما أسموها بـ" إمارة أبين الإسلامية".
وقال الصحفي والباحث في شؤون "القاعدة" أحمد الزرقة "برز الرجل الى الواجهة عندما قام التنظيم بأسر 70 جنديا في أبين، حيث لعب دور الوساطة مع الدولة، وألقى محاضرة شهيرة بالجنود، يحثهم على عدم قتالهم".
واستمرت ولاية بلعيدي على أبين لمدة سنة كاملة، حتى غادرها بعد عملية تطهير للجيش اليمني أطلق عليها "السيوف الذهبية"، ثم بدأ بالتنقل بين محافظات شبوة والبيضاء وحضرموت.
ويرى الباحث الزرقة أن بلعيدي يحاول إثبات ارتباطه بالجناح العسكري للقاعدة، من خلال الإفراط بالعنف، حيث تراجع دور أبو هريرة وأبو بصير كقادة قاعديين، وبرز جلال بلعيدي كقائد أبرز في جناح القاعدة العسكري باليمن.
وخلافا لقادة القاعدة السابقين، يحرص جلال بلعيدي على الظهور بالصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو عقب الغزوات التي يشنها التنظيم في محافظات يمنية مختلفة، وآخرها سيئون وشبام، شرقي البلاد.
وفيما يرى مراقبون أن نشر الصور والتلذذ بالعنف يعطي نفسية عدوانية مريضة، يعتقد أخرون أن الرجل ربما ينفذ رسالة للتنظيم مفادها أن عناصره يتجولون بأتم الحرية أينما يريدون.
ويرى الصحفي شكري حسين وهو أحد من يعرفونه منذ صغره، أن شخصية جلال تغيرت وتطورت بشكل لافت، بعد أن كان انطوائيا جدا، حتى طريقة لبسه وشعره المسترسل.
وقال: "في حفل تسليم الجنود الأسرى بمحافظة أبين، ألقى كلمة احتفالية بلغة فصحى، يمتلك لسانا عذبا ولغة خطابية، يستطيع بها جذب الكثير من الشباب إلى صفه، ربما لهذا السبب يرى نفسه ندا للدولة، ويعتقد أنه قد كسب الكثير إلى صفّه".
وفيما يخص شخصيته العدائية، يعتقد الصحفي شكري، أن الجذور التي ينتمي بلعيدي إليها (قبائل المراقشة)، قد تكون سببا في تكوّن شخصيته القوية والعدائية.
وتُعرف قبائل المراقشة التي تنتمي اليها قبيلة بلعيدي بالجلد والقوة، وفقا لسكان محليين، حيث تمتلك جبالا شاهقة جدا، وحياة صعبة أقرب الى حياة البدو.