تحدثت صحف
إسرائيلية بحسرة عن اهتزاز موقف الكيان الإسرائيلي لدى المجتمع الدولي والهيئة الأممية، في أعقاب الحرب العدوانية على غزة.. تلك الحرب التي اعتبر الكيان إشعالها ضرورة استراتيجية ودفاعا عن النفس، في الوقت الذي أشارت فيه الصحف إلى ارتفاع أسهم حركة حماس في هذه المعركة، ولو على المستوى الإعلامي.
وفي ذلك ،يقول الكاتب آري شبيط في مقاله "صاروخ حماس السري" المنشور في "هآرتس" الخميس، إن العملية الإسرائيلية الأخيرة في غزة زعزعت مكانة إسرائيل في العالم، وحتى في الدول الصديقة والحليفة لها في أوروبا وأمريكا، داعيا إسرائيل الآن إلى أن "تعمل على تعمير قطاع غزة وإعادة المسيرة السلمية كي تُحسن صورتها"، حسب قوله.
وأوضح أن أقسى الصواريخ أثرا من مجموع ما أطلقته حركة حماس على إسرائيل في عملية "الجرف الصامد"، هو ذلك "الصاروخ الذي لا يُرى صاروخا عابرا للقارات، فأصاب أهم قواعد تأييد إسرائيل في خمس
قارات إصابة قاسية. فقد بلغ إلى كل بيت في أمريكا وسبب ضررا شديدا في كل دولة في أوروبا، وبلغت متفجراته الفتاكة أمريكا الجنوبية وشرق آسيا وشبه القارة الهندية أيضا".
وأضاف أن "منظومة القبة الحديدية لم تنجح في اعتراض الصاروخ السري، ولم ينجح سلاح الجو الإسرائيلي في أن يحرف رأس الصاروخ المدمر عن مساره. ولم يعرف المستويان السياسي والعسكري أيضا كيف يصدان الضربة التي أصاب بها هذا الصاروخ جبهة إسرائيل الداخلية الاستراتيجية".
وأشار شبيط إلى ما خلفته قوات الاحتلال من "مشاهد فظيعة لأولاد موتى ومدارس مدمرة ومساجد مفجرة" أمام العالم، لكي "تمنح حماس أكبر إنجازاتها وهو سلب إسرائيل شرعيتها بصورة زاحفة".
ويقول معبرا عن الهزيمة التي مني بها الاحتلال، إن "المؤسف جدا أن حماس خططت للمعركة واستعدت لها استعدادا أفضل من إسرائيل"، و"لأن إسرائيل لم يكن لديها رد استخباري عملياتي ساحق، فإنها تصرفت كما توقعت حماس أن تتصرف، فاستعملت قوة نيرانها استعمالا أضر بصورتها الدولية"، على حد تحليله.
ويلفت إلى أن حماس أحدثت صورة معوجة عن إسرائيل، شوشت تماما على "علاقاتنا المضعضعة بأمريكا المتقدمة وأوروبا المتفهمة.. ويبدو أن حماس لن تطلق بعد الآن قذائف صاروخية على عسقلان وأسدود، لكنها ستستعمل صاروخها السري لمحاولة جعلنا بخلاف ما نحن عليه – أن تجعلنا جنوب إفريقيا".
ويرى الكاتب أن "نقطة ضعف إسرائيل الحقيقية هي الفرق القيمي والتصوري بينها وبين حليفاتها في الغرب. ولم يكن هذا الفرق قط أعمق مما هو عليه اليوم مع مشهد الدمار الفظيع في غزة. لهذا فإن على بنيامين نتنياهو أن يعمل الآن ما لم يعمله في الماضي، وهو أن يبادر إلى خطة مارشال – لتعمير قطاع غزة وأن يبادر لخطة سياسية – تعيد بناء المسيرة السلمية، وأن يُظهر السخاء".
ويؤكد أنه "إذا لم نستكمل الهجوم الجوي والحرب البرية بعمل سياسي فسنعرض كل إنجازاتنا للخطر. وقد نمنح حماس بأيدينا النصر الذي هرب منها إلى الآن".
وفي السياق نفسه، يقول الكاتب بوعز بسموت في صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال بعنوان "العالم يشجع حماس" نشر الخميس أيضا، إن "جهات كثيرة في العالم أصبحت تتهم إسرائيل بجرائم حرب وتتغاضى عن اتخاذ حماس المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية؛ فالعالم بذلك يشجع حماس على أن تفعل ذلك أيضا في المعركة القادمة"، على حد زعمه.
ويؤكد أنها "لم تنته المعركة في غزة رسميا إلى الآن (فهي
هدنة)، لكن أصبحت الأمور واضحة عند الأمين العام للأمم المتحدة، وإسرائيل هي التي نقضت القانون الدولي، وإن المسؤولين عن قصف مواقع
الأمم المتحدة في غزة يجب أن يحاكموا".
وأشار إلى أن المفوضة العليا للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان، نفيه بلاي، أصبحت من الآن تتحدث عن جرائم حرب لإسرائيل، حتى قبل وصول لجنة التحقيق إلى أي استنتاجات.
وإن بان كي مون حتى، يرى أن دفاع إسرائيل عن نفسها "لا يسوغ تعريض حياة آلاف المدنيين الأبرياء للخطر"، على حد تعبير بسموت.
وعلى النقيض من طرح شبيط، فإن بسموت يذهب إلى أن إسرائيل هي "الضحية" ويزعم أن حركة حماس هي التي ترتكب الجرائم، وعلى الرغم من ذلك فإن الكاتبين يلتقيان في أن إسرائيل "تتلقى الانتقاد.. وتحصل حماس وهي منظمة إرهابية على التسهيلات" بكلمات الأخير.