خلال ستة أيام نجح الجيش الصهيوني في هزيمة جيوش ثلاث دول واحتلال مساحات واسعة من أراضيها، وتدمير معظم تلك الجيوش.
ذلك الجيش الصغير الذي افرزه كيان محتل سرق أرض فلسطين رغما عن كل العرب المحيطين بها، نجح وقتها في فرض إرادته على ملايين العرب، وخرج عبد الناصر ليعلن تنحيه في ذلك الخطاب الشهير، نجح الجيش الصهيوني في تسجيل نصر سريع وسرقة مساحات جديدة من الأراضي، وفقدت مصر
غزة (التي كانت تحت الإدارة العسكرية المصرية وقتها) وسيناء وفقدت سوريا هضبة الجولان وفقد الأردن الضفة الغربية (التي كانت تحت إدارتها) وبها المسجد الأقصى، لم يكتف الجيش الصهيوني بذلك النصر الخرافي الذي حققه على دول كان زعيمها يجعجع قبلها بأسبوع بأنه سيلقي دولتهم في البحر، بل تعمدت إظهار صور الأسرى المصريين في أوضاع مُذِلّة، وقتلوا بعضهم وبدلوا البعض الآخر بالبطيخ والشمام لكثرة اعداد الأسرى لديهم، نفس المدينة الصغيرة التي اجتاحها الجيش الصهيوني ونزعها من تحت الإدارة العسكرية المصرية قبل أن يتجه إلى سيناء سنة 1967، هي ذاتها المدينة التي يخشى نفس الجيش الصهيوني التقدم داخلها سنة 2014.
نفس المدينة التي كان أطفالها يرمون العدو الصهيوني بالحجارة منذ عدة سنوات، هي نفسها المدينة التي تصب النار على رأس العدو وقواته الآن، نفس المدينة التي اجتمع عليها صهاينة العرب وسيدهم نتن ياهو وجيشه هي نفسها المدينة التي رفضت على الرغم من جراحها وعلى الرغم من 1400 شهيد معظمهم من الأطفال، عرض الكيان المحتل بوقف اطلاق النار الا بشروطهم، هي تلك المدينة التي انجبت هؤلاء الرجال الذين أذلوا ذلك الجيش الصهيوني الذي يخشاه الصهاينة العرب ويسعون لصداقته.
وهي ذاتها المدينة التي حاول العدو كسر إرادتها، فحوّل حي الشجاعية إلى انقاض بطيرانه، لإجبار المقاومة على قبول وقف اطلاق النار، ففوجيء بصواريخ المقاومة تنهال على المدن التي اغتصبها.
لأول مرة نرى عجرفة العدو تنكسر ويخرج وزير الخارجية الأمريكي علنا ليصرح أن نتن ياهو هو من طلب منه العمل على وقف اطلاق النار، ذلك (البومب) الذي سخر منه البعض والذي يسحق أمن الاحتلال ويذل جيشه هو ما دفع العدو للتوسل لطلب وقف اطلاق النار، وبينما ينغمس جيش المكرونة في (نقش) كحك العيد، كان رجال المقاومة الفلسطينية يتسللون عبر الأنفاق خارجين من غزة لينفذوا عملية لم تجرؤ كل جيوش العرب على تنفيذها وفي نقطة لم يصل إليها أحدهم من قبل، فيقتحمون موقعا عسكريا صهيونيا، ويقتلون عشرة من جنود الاحتلال، ويغنمون أحد أسلحته، لينكس الصهاينة رؤوسهم ومعهم صبيتهم الصهاينة العرب.
اعترف أنني لأول مرة أشعر بالفخر منذ الثورة، حينما شاهدت ذلك الفيلم الذي بثته قناة الجزيرة لتلك العملية الجريئة، وهي العملية التي ارتكب بعدها جيش العدو الصهيوني مجزرة همجية جديدة كشفت عن حجم هزيمته.
ما آثار لدي الفخر والإعجاب كمواطنة عربية، هو الرد التأديبي الفوري للمقاومة على كل مجزرة يرتكبها العدو، ففي نفس اليوم الذي استهدف فيه العدو أطفال غزة نفذت المقاومة، ثلاث عمليات تأديبية وضعت العدو الصهيوني في حجمه الطبيعي وبينت أن تلك الفقاعة التي تثير رعب الحكام العرب، لا تصمد أمام هؤلاء الرجال الذين لا يخشون إلا ربهم، شاهدت تلك السيدة الفلسطينية التي هدم القصف الصهيوني منزلها وخرجت لتبتسم وتقول (كله فدا المقاومة)، وأدركت كم تشعر بالفخر لأن لديها مقاتلين ينتقمون لها ويحرصون على حياتها، عملية ناحال عوز بالذات هي نقطة تحول في الصراع كله، وأنا على يقين أن ذلك الكيان الغاصب لن يستمر طويلا وسيسبق سقوطه سقوط تلك الأنظمة الصهيونية التي تمسح حذاءه!