حذرت
دراسة غير منشورة لوزارة المياه والري الأردنية، تحت عنوان "نضوب المياه الجوفيه في الأردن يلوح بالأفق" من استنزاف
المياه الجوفية في إحدى أفقر دول العالم بالمياه في حال استمرار السحب الجائر وسرقة المياه.
وكشفت الدراسة، التي حصل "عربي 21" عليها، عن استنزاف (9) أحواض مائية جوفية من أصل 12 حوضا مائيا في الأردن، حيث وصلت نسبة استخراج المياه من بعض الأحواض حوالي (200%) زيادة على معدل الاستخراج الآمن؛ وأدى هذا الاستنزاف إلى هبوط مناسيب الاستهلاك في المياه الجوفية وتدني إنتاجية الآبار وتردي نوعية المياه، حسب الدراسة.
وبينت الدراسة أن نضوب المياه الجوفية رافقه ارتفاع في ملوحة المياه نتيجة الاستخراج الجائر، حيث ارتفعت ملوحة المياه في بعض آبار حوض البحر الميت من (400) جزء بالمليون إلى (1100) جزء بالمليون وفي حوض الأزرق شرق عمان من (350) جزء بالمليون إلى (700) جزء بالمليون، وفي حوض عمان - الزرقاء ارتفعت في بعض الآبار من (300) جزء بالمليون إلى (3700) جزء المليون.
ويحذر أمين عام وزارة المياه الأردنية باسم طلفاح من نضوب المياه الجوفية في الأردن، خلال مدة قدرها من 5 إلى 10 سنوات في حال بقاء معدلات سرقة المياه كما هي عليه، قائلا لـ "عربي 21" إن "الوزارة بالتعاون مع رجال الأمن في الأردن ضبطوا في حملات أمنية خلال الأشهر القليلة الماضية، 269 بئرا، حفرت بشكل مخالف للقانون".
وتعتبر المياه الجوفية المصدر الرئيسي لتزويد المياه في المملكة وخاصة لأغراض مياه الشرب، وتعتبر المصدر المائي الوحيد لكافة الاستعمالات في معظم مناطق المملكة.
وفاقت كمية سحب المياه الجوفية كمية الوارد لهذه الأحواض التي تعتمد على مياه الأمطار الشحيحة، إذ يبلغ المسحوب من هذه المياه 510 ملايين متر مكعب سنويا، بينما تعوض مياه الأمطار والسيول 275 مليون متر مكعب فقط.
وأظهرت الدراسة أن الطبقات التي تحوي المياه الجوفية في الأردن تتآكل رويدا رويدا، بسبب السحب الجائر.
الخبير البيئي البروفيسور سفيان التل يستهجن تشديد الرقابة على المزارع الأردني في الوقت الذي يقوم به "العدو الصهيوني بسحب مياه وادي الأردن من خلال عدد كبير من الآبار في حين أن وزارة المياه تلاحق كل مزارع وتدمر البئر".
وقال التل لـ "عربي 21 ": نصت اتفاقية وادي عربة على أنه يحق لإسرائيل حفر آبار جديدة عندما ينضب أي بئر ضمن الآبار المتفق عليها بوادي عربة، ولكن لا يسمح للأردنيين بأي إجراء يقلل من قيمة هذه الآبار".
وتنص المادة السادسة من اتفاقية السلام الأردنية الاسرائيلية ( وادي عربة) على "هدف تحقيق تسوية شاملة ودائمة لكافة مشكلات المياه القائمة بين الطرفين، يتفق الطرفان على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما وذلك من مياه نهري الأردن واليرموك ومن المياه الجوفية لوادي عربة، وذلك بموجب المبادئ المقبولة والمتفق عليها وحسب الكميات والنوعية المتفق عليها".
بدوره يؤكد الخبير المائي والأستاذ في كلية الزراعة بالجامعة الأردنية الدكتور الياس سلامة عدم وجود اتصال جغرافي بين الآبار في الأردن و الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا أن "التأثير السلبي للسحب الجائر للمياه الجوفية من قبل إسرائيل يؤثر على الآبار في فلسطين فقط".
و يجد الدكتور سلامة أن الحل المستقبلي لتوفير مياه الشرب في الأردن يكون من خلال تحلية مياه البحر الأحمر في العقبة.
وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أعلن في مؤتمر صحفي السنة الماضية عن نية الحكومة بيع حوالي 50 مليون متر مكعب من أصل 100 مليون سيوفرها مشروع تحلية مياه البحر الأحمر، لإسرائيل، وشراء الكمية نفسها من إسرائيل من بحيرة طبريا بأسعار تفضيلية لتعويض النقص في محافظات الشمال بدلا من جرها من العقبة إلى محافظات الشمال وذلك ضمن مشروع ما يعرف
بـ "ناقل البحرين".
وفي محاولة للحد من السحب الجائر وحفر الآبار المخالفة عدلت الحكومة الأردنية قانون سلطة المياه لتغلظ العقوبة على سارقي المياه، إذ يعاقب القانون المُعدل كل من يقوم بأي شكل من أشكال الاعتداءات أو يساعد بها بعقوبتين (الحبس و الغرامة)، حيث يحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 2000 دينار ولا تزيد على سبعة آلاف دينار.
وتتسم موارد المياه في المملكة الأردنية، بحكم مناخها الجاف وشبه الجاف، بشحها وتذبذبها حيث يقدر معدل طاقتها السنوية المتجددة بحوالي (780) مليون متر مكعب، منها حوالي (505) ملايين متر مكعب مياها سطحية و(275) مليون متر مكعب مياها جوفية.
وكان نصيب الفرد الأردني في المملكة من موارد المياه العذبة المتجددة في عام 1946 يبلغ حوالي (3400) متر مكعب في العام، إلا أن هذا النصـيب قـد تدنى بشكل مضطرد وحاد حتى وصـل إلى حوالي (135) مترا مكعبا نتيجة لأسباب عديدة، من أهمها الزيادة السكانية الطبيعية والهجرات القسرية والتي تعرضت لها المملكة على فترات مختلفة.
الخبير المائي الدكتور دريد محاسنة يرى أن تحذيرات وزارة المياه الأردنية جاءت متأخرة كون أكثر من نصف الأحواض الجوفية المائية جافة، وبعضها عرضة للتلوث كما هو الحال في حوض الأرزق في شرق المملكة الذي أقيم فوقه مخيم للاجئين السوريين.
ويصف المحاسنة لـ "عربي 21" الوضع المائي في الأردن بـ "غير المطمئن"، ويقول إن "الحاجة أكبر مما هو متوفر من المياه خصوصا في ظل الهجرات القصرية والتكاثر السكاني والتوسع العمراني جفاف مياه الأنهار وعدم الاستفادة من الاتفاقيات مع الدول المجاورة كما هو الحال مع سوريا وعدم الاستفادة من مياه نهر اليرموك".
ووضعت قلة حصة الفرد الأردني من المياه وشح موارده المملكة في قائمة الدول الأربع الأفقر مائيا في العالم، وقدر إجمالي كميات المياه المستعملة في المملكة لكافة الأغراض بحوالي (849) مليون متر مكعب، منها حوالي (749) مليون متر مكعب من مصادر تقليدية (مياه سطحية وجوفية) والباقي من مصادر غير تقلـيدية (مياه عادمة معالجة).
وقد شكل الاستعـمال المائي للأغراض الزراعية ما نسبـته (53.5%) من إجمالي الاستعمالات المائية، في حين شكل الاستعمال المائي لأغراض الشرب ما نسبته (41.5%) والاستعمال المائي للأغراض الصناعية (4%) والمناطق النائية (1%).