قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان: "دائما ما أسأل
الأمم المتحدة حيال كل الأحداث، ما الهدف من تأسيسك؟ وما الفائدة المرجوة منكِ كمنظمة معنية بحفظ السلام؟"
وأضاف أردوغان: "إذا عجزت الأمم المتحدة التي تم تأسيسها لتحقيق السلام في العالم، عن أداء وظيفتها، فعليها أن تعيد النظر في نفسها، وإذا كنتم تعولون الكثير على مجلس الأمن الدولي، فالجميع يعلم أن مصير العالم محتوم بما تقرره خمس دول به، وبما تتفوه به تلك الدول".
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة التركية الثلاثاء، على هامش مشاركته في حفل الإفطار التقليدي السابع للسفراء الذي تقيمه رئاسة العلاقات الخارجية بحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في البلاد، والذي نُظم في المقر العام للحزب بالعاصمة "أنقرة".
وألقى رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" بالمسؤولية الكاملة على المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، حيال ما تشهده المنطقة من أحداث، سواء في سوريا أم في العراق، ومؤخرا العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة الفلسطيني.
وأوضح أن "عملية العقاب الجماعي التي تنفذها إسرائيل بحق قطاع غزة منذ أكثر من أسبوع، أدت إلى تأزم الأوضاع الإنسانية للغاية في القطاع"، مطالبا إسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية ضد القطاع.
وذكر أن "الأرقام التي وصلتني تشير إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة تسبب في سقوط 194 قتيلا، و1750 جريحا، فضلا عن قصفها 1470 هدفا داخل القطاع، وتسببت في تدمير 660 منزلا، وتضرر 12600 آخر، وقصفت 19 مسجدا، وهدمت 19، وتسببت في إلحاق أضرار بـ33 مدرسة، و6 مراكز طبية. نعم إسرائيل هي التي فعلت كل هذا".
وأشار إلى أن استمرار الحصار المفروض على غزة، واستمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية بشكل غير قانوني، يؤدي إلى عدم إمكانية تطبيق الحل القائم على أساس دولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، "وذلك لأن هذا الأمر يعني عدم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في أن يحيا حياة كريمة".
وأكد أردوغان أن عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل قد انتهت تماما ولم يعد لها وجود في ظل استمرار إسرائيل في العناد وعدم الاكتراث بمطالب
تركيا، مضيفا أنه "بعد حادثة التعدي على مافي مرمرة، اعتذرت إسرائيل، ووصلنا لمرحلة الاتفاق على دفع التعويضات لضحايا ومصابي الحادث، لتندلع الأحداث الأخيرة، لتجعلنا نسأل أنفسنا، هل يمكن للعلاقات التركية- الإسرائيلية أن تعود لطبيعتها بعد أن قصفت إسرائيل قطاع غزة بـ 400- 500 طن من المتفجرات والقنابل؟".
وأضاف: "أقولها بكل صراحة، هناك ثلاثة شروط أساسية لعودة العلاقات، أهمها رفع الحصار عن غزة، وبدون ذلك لا يحدثني أحد عن عودة تلك العلاقات، فهذا أمر واضح ولا لبس فيه. فوظيفتنا التاريخية والإنسانية وضميرنا يحتمان علينا اتخاذ هذه المواقف".
واستنكر قول البعض بأن حماس تقصف بصواريخها الجانب الإسرائيلي، وسألهم قائلا: "كم إسرائيليا قتل جراء تلك الصواريخ؟ فإن لم يمت أحد، فهذا يعني أن تلك الصواريخ مصيرها الصحراء، وليست المباني السكنية، لأنه لو حدث لذلك وسقطت على المباني لكان هناك قتلى، وهذا لم يحدث".
وبين أن سوريا فقدت حتى الآن أكثر من 200 ألف من أبنائها، وأن 6.5 مليون شخص نزحوا من منازلهم، وأن عدد من يحتاجون إلى المساعدات الأساسية اقترب من 11 مليون شخص "في ظل حرب داخلية تستمر بوحشية على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتركيا الآن تستضيف مليون شخص و150 ألفا من السوريين على أراضيها".
وأشار إلى أن سوريا تشهد مأساة إنسانية بكل ما تعني الكلمة من معنى، مأساة هي الأكبر في القرن الـ21، بحسب قوله، مشيرا إلى أن "النظام السوري يضرب عرض الحائط بقرارات المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ويعرقل وصول المساعدات الإنسانية إلى الداخل، لذلك فلا بد من اتخاذ قرارات رادعة ضد ذلك النظام تدفعه وتجبره على الامتثال لقرار المجتمع الدولي".
وتابع أردوغان قائلا: "ها هي حلقة الصراع قد طالت جارتنا العراق"، مؤكدا رفضهم الكامل لكافة الصراعات المذهبية في أي مكان بالعالم، ولا سيما العراق.
وأشار إلى أن الفوضى التي تشهدها العراق في الوقت الراهن تشكل خطرا كبيرا على المنطقة بأسرها بما في ذلك تركيا، "وذلك لأنها أصبحت بيئة مناسبة لظهور وانتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة".
وأفاد أردوغان: "اتهامنا بدعم الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، محض افتراء وضرب من الخيال والظلم، فنحن لم ندعم يوما أي منظمة إرهابية لا القاعدة ولا جبهة النصرة ولا داعش. ونشعر بأسف بالغ حيال الجهود التي تبذلها بعض الجهات لإظهارنا وكأننا حكومة تدعم الإرهاب والإرهابيين للنيل منا".
وذكر أن بلاده من أكثر المتضررين بشكل مباشر مما يحدث في المنطقة من صراعات واضطرابات، مضيفا "لكن إذا ما اتسعت هوة الاضطرابات، فلا شك أن العالم بأسره سيتضرر منها".
وأوضح أنهم يجرون مساعيهم بشكل مكثف من أجل إطلاق سراح الدبلوماسيين الأتراك المختطفين في مدينة "الموصل" العراقية، مشددا على ضرورة انتهاج سياسات في العراق وسوريا بعيدة كل البعد عن الطائفية، وتعمل على تقوية مشاعر الانتماء لدى الشعوب لأوطانهم.
وأشار أردوغان إلى أن ليبيا أصبحت من الدول التي تحتاج إلى دعم قوي من المجتمع الدولي، موضحا أن كافة الجهود الرامية إلى تطوير قدرات قوات الأمن الليبية، وتشكيل إدارة قوية قادرة على السيطرة على البلاد، باتت ضرورة ملحة وأمرا مهما للغاية.
وبخصوص الأزمة القبرصية قال رئيس الحكومة التركية: "تركيا ترغب في حل سياسي في قبرص قائم على المساواة السياسية والتفاهم بين شعبي شطري الجزيرة، ونحن مستعدون لاتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الاتجاه كالعادة. والشيء اللازم من أجل التوصل لحل في هذا الشأن هو الإرادة السياسية لدى القبارصة الروم، ونتطلع من المجتمع الدولي أن يوجه رسالات قوية وصارمة للروم".